لا خلفيات سياسية لمقتل موظفة السفارة البريطانية في لبنان

القاتل سائق تخلّص من الضحية بعد فشله في اغتصابها

المكان الذي ألقيت فيه جثة الموظفة البريطانية ريبيكا دايكس خارج بيروت (رويترز)
المكان الذي ألقيت فيه جثة الموظفة البريطانية ريبيكا دايكس خارج بيروت (رويترز)
TT

لا خلفيات سياسية لمقتل موظفة السفارة البريطانية في لبنان

المكان الذي ألقيت فيه جثة الموظفة البريطانية ريبيكا دايكس خارج بيروت (رويترز)
المكان الذي ألقيت فيه جثة الموظفة البريطانية ريبيكا دايكس خارج بيروت (رويترز)

قبضت الأجهزة الأمنية اللبنانية على قاتل الموظفة البريطانية ريبيكا دايكس، واعترف الفاعل بجريمته، وأكدت مصادر أمنية أن الجريمة «ارتكبت بدافع جنائي، ولا خلفيات سياسية لها»، فيما اعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق، أن «هذا الإنجاز المميز يطمئن إلى أن الأمن ممسوك، ويعزز ثقة المراجع الأجنبية بعمل الأجهزة اللبنانية».
وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن المتهم بارتكاب الجريمة هو اللبناني طارق حسّو، وهو سائق تاكسي متعاقد مع شركة «أوبر» لنقل الركاب، وقد تم التوصل إلى تحديد هويته، بعد مراقبة نصّ الرسالة التي بعثت بها الضحية إلى شركة «أوبر» عبر التطبيق الإلكتروني الذي تعتمده الشركة، وبعد دقائق قليلة، حضرت سيارة التاكسي التي أقلتها من منطقة مارمخايل في الأشرفية، وتوجه السائق بها إلى منطقة المتن.
وأوضح المصدر أنه «لدى وصول السيارة إلى منطقة مقفرة، ركنها السائق جانبا وحاول اغتصاب الضحية التي قاومته ومنعته من تحقيق غايته، عندها أقدم على قتلها بلف حبل رفيع على عنقها، وعندما تأكد أنها لفظت أنفاسها ألقى بجثتها في الأحراج على جانب الأتوستراد السريع، وأخذ محفظتها بما تحوي من مستندات وأوراق شخصية، وألقى بها داخل حاوية للنفايات، حتى لا يتعرف أحد على هوية الضحية».
وتم العثور على جثّة الدبلوماسية البريطانية التي تعمل بسفارة بلادها في بيروت، جثّة هامدة صباح يوم السبت الماضي، قرب أتوستراد المتن السريع في منطقة جبل لبنان، ولم يعثر معها على أي أوراق تثبت هويتها، وبعد أن وزعت قوى الأمن الداخلي صورتها عبر الإعلام، تمّ التعرف عليها من قبل موظفي السفارة مساء يوم الأحد.
إلى ذلك، أفادت مصادر أمنية بأن مرتكب الجريمة «صاحب أسبقيات جُرمية، وقد اعترف بما اقترف بعد مواجهته بالأدلة، بينها تكليفه من قبل شركة (أوبر) بنقل الضحية من مارمخايل إلى منزلها، وبالصور التي التقطتها كاميرات المراقبة العائدة لـ(حركة التحكم المروري)، التي رصدت عبور سيارته من الأشرفية واجتياز منطقة الدورة باتجاه الأتوستراد السريع الذي يوصل بيروت بمنطقتي بعبدات وبرمانا الجبليتين، عندها اعترف بجريمته وأدلى بالرواية الكاملة».
وأكدت المصادر أن «تقرير الطبيب الشرعي أثبت أن المجني عليها لم تتعرض للاغتصاب، وتبيّن أنها أصيبت بكدمات وخدوش في وجهها ورقبتها وجسمها، أثناء محاولة الجاني اغتصابها؛ وأن القاتل تخلص منها كي لا تفضح أمره».
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، نوّه بـ«الجهود الاستثنائية التي قامت بها قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات في تحقيق الإنجاز الأمني المميز، من خلال كشف جريمة مقتل الموظفة البريطانية العاملة في سفارة بلدها في لبنان ريبيكا دايكس، وإلقاء القبض على مرتكب الجريمة بسرعة قياسية». واعتبر أن «هذا الإنجاز يثبت مرة جديدة المهنية والحرفية العاليتين اللتين تميزان عمل قوى الأمن الداخلي بقيادة اللواء عماد عثمان، وشعبة المعلومات برئاسة العقيد خالد حمود». وقال المشنوق إن «هذه الإنجازات من شأنها طمأنة اللبنانيين وإعطاء الدليل على أن الأمن ممسوك من جهة، ومن جهة ثانية تعزيز ثقة المراجع الأجنبية بعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية، وسهرها وحرصها الشديدين على المحافظة على أجواء الاستقرار الأمني الداخلي وعلى سلامة جميع الرعايا المقيمين على الأرض اللبنانية».
وفور بلوغه خبر توقيف الجاني، سارع السفير البريطاني في لبنان هيوغو شورتر يرافقه ضابط الارتباط روب شبرد، إلى زيارة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في مكتب الأخير، واجتمع به في حضور رئيس شعبة المعلومات العقيد خالد حمود، وقدم له اللواء عثمان التعازي في وفاة موظفة السفارة ريبيكا دايكس، ووضعه في آخر ما آلت إليه التحقيقات، بعد إلقاء القبض على مرتكب الجريمة التي تبين أنها جريمة جنائية وليست لها أبعاد سياسية.
وشكر السفير شورتر اللواء عثمان على «السرعة القياسية التي تم فيها توقيف القاتل». وجدد ثقته بـ«حرفية عمل قوى الأمن الداخلي».
من جهة أخرى، قال متحدث باسم «أوبر» في رسالة بالبريد الإلكتروني لـ«رويترز» إن الشركة روعها هذا التصرف العنيف وقدم تعازيه للضحية وأسرتها، مضيفاً أن «أوبر» تساعد السلطات في التحقيق بكل طريقة ممكنة.


مقالات ذات صلة

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 4 ديسمبر 2020 في جنيف بسويسرا تظهر غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

مبعوث الأمم المتحدة يندد ﺑ«وحشية لا يمكن تصورها» في سجون نظام الأسد

قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا إن الفظاعات التي شهدها سجن «صيدنايا» ومراكز الاحتجاز الأخرى في سوريا، تعكس «الوحشية التي لا يمكن تصورها» التي عاناها السوريون.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا الطفلة البريطانية الباكستانية الأصل سارة شريف التي قضت بفعل الضرب في أغسطس 2023 (متداولة)

القضاء البريطاني يدين بالقتل والدَي طفلة توفيت جرّاء الضرب

أدان القضاء البريطاني والدَي الطفلة الإنجليزية الباكستانية الأصل سارة شريف التي قضت بفعل الضرب في أغسطس 2023 بعد تعرضها لسوء المعاملة على مدى سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا نساء أيزيديات يرفعن لافتات خلال مظاهرة تطالب بحقوقهن والإفراج عن المختطفين لدى تنظيم «داعش» المتطرف في الموصل بالعراق... 3 يونيو 2024 (رويترز)

السجن 10 سنوات لهولندية استعبدت امرأة أيزيدية في سوريا

قضت محكمة هولندية بالسجن عشر سنوات بحق امرأة هولندية أدينت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بإبقائها امرأة أيزيدية عبدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
الولايات المتحدة​ مقر وزارة العدل الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

السلطات الأميركية بصدد إغلاق «نادي الاغتصاب» لقلة الموارد المالية

ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن المكتب الفيدرالي للسجون بصدد إغلاق سجن النساء التابع له، المعروف بـ«نادي الاغتصاب»، في كاليفورنيا بشكل دائم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».