زولا... لاعب متميز ومدرب هزمه تهذيبه

النجم الإيطالي يؤكد أن توقفه عن العمل لعدة أشهر لا يمحو هويته في عالم الكرة

TT

زولا... لاعب متميز ومدرب هزمه تهذيبه

لا يزال الإيطالي جيانفرانكو زولا يهتم بما يحدث داخل نادي وستهام يونايتد الإنجليزي، الذي منحه أول فرصة في عالم التدريب عندما استعان بخدماته كمدير فني قبل تسع سنوات، قبل أن يقيله من منصبه بعد عامين، وبالتحديد في صيف عام 2010. وقاد زولا نادي وستهام يونايتد في 73 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز، أي أقل بـ14 مباراة من المدير الفني الكرواتي سلافين بيليتش، الذي أقيل من منصبه بداية الشهر الحالي ليحل محله الاسكتلندي ديفيد مويز.
يقول زولا عن المقارنة بينه وبين بيليتش: «لا يمكنني أن أقارن تجربتي بذلك، لأني أعتقد أنها مختلفة تماما. لكني أتفهم ما مر به، فكل مدير فني ينتابه شعور سيئ عندما لا تسير الأمور معه على ما يرام. وهذه للأسف هي طبيعة عملنا». ولم يعمل زولا مع أي نادٍ منذ رحيله عن تدريب نادي برمنغهام سيتي في أبريل (نيسان) الماضي، لكن التوقف عن العمل لمدة سبعة أشهر لا يمحو هويته في عالم كرة القدم، كما أن الظروف الصعبة التي مر بها في وستهام يونايتد لم تؤثر على حماسه للعمل في مجال التدريب نفسه.
قدم زولا أداءً جيداً في الموسم الأول له مع وستهام يونايتد، وهو ما ساعده على الاستمرار في النادي لموسم آخر، لكن الأمور تعقدت تماماً بالنسبة للاعب الإيطالي السابق، بدءاً من الأزمة المصرفية التي أجبرت ملاك النادي الآيسلنديين على بيع النادي وصولاً إلى تشكيك الملاك الجدد في قدراته، حيث قال مالك وستهام يونايتد ديفيد سوليفان على الملأ إنه لا يعرف ما إذا كان زولا «مهذباً بالدرجة» التي تمكنه من النجاح أم لا، قبل أن ينتقد أداء الفريق في خطابات مفتوحة إلى الجمهور.
في الحقيقة، من غير المنطقي في عالم كرة القدم أن تعتقد بأن المدير الفني «المهذب» هو الذي يحقق النجاح، وهناك الكثير والكثير من الأمثلة التي ترد على هذا الادعاء، لكن زولا يرى أن مثل هذا الحديث لا يستحق الرد من الأساس، قائلاً: «في نهاية المطاف، يتعين على كل شخص أن يتصرف بطبيعته. ولو شعرت بأنه يتعين علي أن أكون عدوانياً دائماً، لكان من المستحيل أن أصل إلى المكانة التي وصلت إليها كلاعب. ولو كان جون تيري، على سبيل المثال، قد حاول أن يكون لاعباً مهذباً ربما لم يكن ليصل إلى المستوى الذي وصل إليه. يتعين عليك أن تتصرف بتلقائية، وأن تعمل بكل جدية، وأن تتأكد من أنك تبذل قصارى جهدك دائماً».
وحتى عندما تكون طبيعياً وتلقائياً، يمكن أن يكون الأمر مرهقاً. يتسم زولا بأنه شخص متفائل دائماً، ولا تكاد ترى الابتسامة تفارق وجهه، رغم أنه يعاني في بعض اللحظات أيضاً مثله مثل غيره. وكلاعب، عندما لم تكن الأمور تسير على ما يرام كان زولا يتحول لشخص انطوائي للغاية، يقول زولا: «كنت أختلي بنفسي وأعيد النظر فيما يحدث مرة أخرى».
لكن لا يمكن القيام بالشيء نفسه عندما تدخل عالم التدريب، يتابع زولا: «يتعين علينا كمدربين أن ننقل الأفكار للاعبين - الجوانب التكتيكية وغيرها - علاوة على أنه يجب علينا أن ننشر طاقة إيجابية بين أفراد الفريق. يتطلب ذلك بذل مجهود كبير، وأعتقد أنه من المهم أن يكون لديك هذه الطاقة الإيجابية طوال الوقت، لأن لاعبي فريقك ينظرون إليك ويتأثرون بك».
وحتى بالنسبة للاعبين، تكون الأمور أكثر صعوبة، فعندما وصل زولا لإنجلترا للمرة الأولى كان سعيداً بوجود مناخ إعلامي أقل تطفلاً من ذلك الموجود في إيطاليا، وقال: «أنت تريد أن تكون لاعب كرة قدم، لكن في المقام الأول أنت تريد أن تكون إنساناً يتمتع بالحرية في حياته كما يشاء. وفي إيطاليا، كان ذلك الأمر مستحيلاً في ذلك الوقت. وبالإضافة إلى الاستمتاع بكرة القدم نفسها، كان هذا هو السبب الأساسي الذي جعلني أحب - وما زلت أحب - هذا البلد». وأضاف: «لكني أعتقد أن الأمر يتغير هنا أيضاً. لقد أصبحت كرة القدم تحظى بأهمية كبيرة للغاية في هذا البلد، كما زادت المصالح المالية بالطبع، وهو ما يخلق مزيداً من الضغوط».
وربما هناك عنصر يتعلق بزولا نفسه، لأنه في ظل هذا العصر الذي تهيمن عليه وسائل التواصل الاجتماعي لا يملك اللاعب الإيطالي السابق حساباً على موقع «تويتر» أو «فيسبوك» أو «آنستغرام». يقول زولا إن وسائل التواصل الاجتماعي «تجعلك دائماً تحت المجهر. وكما هو الحال مع كافة الأشياء، هناك جانب سلبي وآخر إيجابي. فرغم أن هذه الوسائل قد تكون جيدة لأنها تساعد اللاعب على الترويج لنفسه، لكن لو لم تسر الأمور على ما يرام بالنسبة للاعب فلن يجد مهرباً. قد تحتاج للحماية في بعض الأحيان، وقد تكون بحاجة إلى الشعور بالخصوصية لإعادة تقييم الأمور».
ربما يكون من المثير أن نعرف ما الذي كانت ستسير عليه الأمور لو كانت وسائل التواصل الاجتماعي موجودة في عصر عدد من زملائه السابقين في الملاعب. ما الذي كان من الممكن أن نراه من الأسطورة الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا خلال الفترة التي لعبها مع نادي نابولي الإيطالي، والتي حصل فيها على لقب الدوري الإيطالي الممتاز وقت أن كان زولاً لاعباً بالفريق؟ وهل كان حساب مارادونا على وسائل التواصل الاجتماعي سيكون «أكثر وحشية» من حساب النجم الكولومبي فاوستينو أسبريا، أم العكس؟ يقول زولا من دون تردد: «أسبريا بفارق كبير. لقد كان أسبريا قصة مختلفة تماماً، لكن بطريقة مهذبة. هذا لا يعني أن مارادونا لم يكن مهذباً، لكن أسبريا كان دائماً ما يبحث عن المشاكل. لكن مشاكله كانت جيدة!»
وكان زولا ضمن الموجة الأولى من المواهب الأجنبية التي انتقلت للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، ويرى أن ثقافة كرة القدم في إنجلترا قد تغيرت منذ ذلك الحين. ويتذكر زولا أنه شارك للمرة الأولى في خط وسط نادي تشيلسي تحت قيادة رود خوليت لكنه لم يكن يلمس الكرة على الإطلاق، لأن طريقة اللعب السائدة آنذاك كانت تعتمد على الكرات الطويلة التي كانت تمر ذهاباً وإياباً من فوق رأسه دون أن تهبط على أرض الملعب! وتذكر أيضاً أنه تعرض للسخرية لأنه كان يرتدي قفازات في الأيام الباردة، في الوقت الذي كان يلعب فيه الفرنسي تيري هنري بـ«سروال قصير للغاية».
وعندما تسمع زولا وهو يحكي مثل هذه الروايات تشعر برغبته الجامحة في أن يكون دائماً جزءاً من كرة القدم، لكنه الآن يعيش حياة بعيدة عنها، فهو يعيش مع زوجته وأبنائه الثلاثة ويقضي معظم وقته في سلسلة محلات الآيس كريم التي يمتلكها مع زميله السابق في تشيلسي روبرتو دي ماتيو، والتي أجرينا هذه المقابلة في أحد فروعها. وكان والده أيضاً يدير متجراً لبيع الآيس كريم في جزيرة سردينيا، حيث نشأ زولا. وعندما كان زولا شاباً في مقتبل حياته، سافر مع صديق له في رحلة بطائرة مروحية لمدة ست ساعات من أجل الاستمتاع بتناول آيس كريم بنكهة جديدة كان قد جربها قبل أيام قليلة في بولونيا. يقول زولا: «لقد كانت أفضل شيء تناولته على الإطلاق. أتذكر أنني عندما تذوقتها قلت: هذا شيء غير ممكن، لا يمكن أن يكون هناك شيء بهذه الروعة. لقد اشتريت ثلاث قطع آيس كريم منها، لكنني أدركت بعد العودة إلى سردينيا بأنها لم تكن كافية. ولذا، كان يتعين عليّ أن أعود وأشتري 30 كيلو غراماً». ورغم ذلك، لا يمكن لأي شيء أن يعادل الشعور الذي ينتابه وهو داخل المستطيل الأخضر. يشعر زولا بالسعادة في المكان الذي يوجد به الآن، لكنه لا يمكن أن يقول «لا» عندما يتم استدعاؤه للعمل في مجال كرة القدم مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

رياضة عالمية أوناي إيمري (إ.ب.أ)

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

قليلون هم الذين كانوا يتوقعون منافسة نوتنغهام فورست على المراكز الأربعة الأولى، في بداية موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

مدرب ولفرهامبتون: فرص خسارة وظيفتي تزيد مع كل «نتيجة سيئة»

قال غاري أونيل مدرب ولفرهامبتون واندرارز إنه غير مكترث بالتكهنات بشأن مستقبله بعد هزيمة فريقه الرابعة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية توخيل قال إن جميع لاعبي إنجلترا بإمكانهم فتح صفحة جديدة مع المنتخب (رويترز)

توخيل: كين سيظل قائداً للمنتخب الإنجليزي

قال الألماني توماس توخيل، مدرب منتخب إنجلترا لكرة القدم، إن هاري كين سيظل قائداً للمنتخب الإنجليزي عندما يتولى المسؤولية الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية توماس توخيل يبدأ رسمياً دوره مدرباً لإنجلترا في يناير (أ.ب)

مجموعة إنجلترا في تصفيات المونديال... كيف ستسير الأمور؟

ستواجه إنجلترا صربيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الموسعة المكونة من 48 فريقاً في عام 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية صلاح المتألق يحتفل بعدما سجل هدفين وصنع الثالث في مباراة التعادل مع نيوكاسل (اب )

تألق صلاح يزيد الضغط على إدارة ليفربول قبل موقعة «الديربي» أمام إيفرتون

تقلص الفارق بين ليفربول المتصدر وأقرب مطارديه تشيلسي وآرسنال من تسع نقاط إلى سبع بعد مرور 14 مرحلة من الدوري الإنجليزي الممتاز

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».