الأمم المتحدة: الغوطة الشرقية لدمشق تواجه كارثة كاملة

إيغلاند طالب بإجلاء 400 مريض بينهم 29 في حالة خطرة

طفلتان داخل مدرستهما المدمرة في سقبا بالغوطة الشرقية غداة استهدافها من طيران النظام (أ.ف.ب)
طفلتان داخل مدرستهما المدمرة في سقبا بالغوطة الشرقية غداة استهدافها من طيران النظام (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: الغوطة الشرقية لدمشق تواجه كارثة كاملة

طفلتان داخل مدرستهما المدمرة في سقبا بالغوطة الشرقية غداة استهدافها من طيران النظام (أ.ف.ب)
طفلتان داخل مدرستهما المدمرة في سقبا بالغوطة الشرقية غداة استهدافها من طيران النظام (أ.ف.ب)

قال يان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا، أمس (الخميس)، إن 400 ألف شخص محاصرون في منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق، ويواجهون «كارثة كاملة» نظراً لمنع وصول المساعدات الإنسانية، مضيفاً أن مئات الأشخاص في حاجة لإجلاء طبي عاجل.
وأضاف للصحافيين في جنيف بعد اجتماع عادي بشأن مهام الأمم المتحدة الإنسانية في سوريا أن سبعة مرضى توفوا بالفعل لعدم إجلائهم من الغوطة الشرقية، وأن 29 آخرين على شفا الموت بينهم 18 طفلاً.
وقال يان إيغلاند رئيس مجموعة العمل الإنسانية التابعة للأمم المتحدة لسوريا أمام الصحافيين: «نحو 400 رجل وامرأة وطفل - ثلاثة أرباعهم نساء وأطفال - يجب أن يتم إجلاؤهم الآن»، موضحاً أن 29 منهم بينهم 18 طفلاً «سيموتون في حال عدم إجلائهم».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، دعوة إيغلاند الجيش السوري وفصائل المعارضة إلى تطبيق «وقف إطلاق نار الآن» في هذه المنطقة بهدف تسهيل عمليات الإجلاء الطبية.
وقال إيغلاند في تصريح صحافي في جنيف إن الأشخاص الـ400 «موجودون حالياً في عيادات وملاجئ ومستشفيات ميدانية في المدن والقرى المحاصرة في الغوطة الشرقية»، وبينهم كثير من الجرحى، وإصابتهم خطرة، وكذلك أطفال يعانون من سوء تغذية حاد، خصوصاً لأن أمهاتهم «ضعيفات إلى حد لم يعد بإمكانهن الإرضاع».
وأضاف: «يجب إجلاؤهم» من الغوطة الشرقية.
وتشكل الغوطة الشرقية واحدة من أربع مناطق سورية تم التوصل فيها إلى اتفاق خفض تصعيد في مايو (أيار)، في إطار محادثات آستانة، برعاية كل من روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة.
وتراجعت وتيرة القصف على دمشق والغوطة الشرقية مع بدء سريان اتفاق خفض التصعيد عملياً في الغوطة في يوليو (تموز)، ونتيجة اتفاقات عدة مع النظام السوري تم بموجبها إجلاء آلاف من مقاتلي المعارضة من مدن عدة في محيط العاصمة، ومن أحياء عند أطرافها.
لكن المساعدات الإنسانية لا تصل إليها إلا بكميات قليلة جداً وتتطلب تصريحاً من النظام، فيما سجلت فيها مئات حالات سوء التغذية الشديد في الأسابيع الماضية.
وتابع إيغلاند بحسب «رويترز»: «قدمنا تقريراً شديد القتامة من جانب الأمم المتحدة. أشعر وكأننا نعود الآن لبعض من أسوأ أيام الصراع مرة أخرى... الخوف أننا نعود الآن لمدنيين محاصرين وسط تبادل لإطلاق النار في كثير من المحافظات في وقت واحد».
وقال عن المنطقة المحاصرة من الجيش: «الوضع في الغوطة أسوأ منه في أي مكان آخر». وأضاف أن المنطقة الواقعة إلى الشرق من دمشق «مغلقة بالكامل» منذ سبتمبر (أيلول) مما يترك قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة وعمليات الإجلاء التي تمثل شريان حياة مهماً في مواجهة «جدار بيروقراطي من التقاعس».
ومضى يقول: «لا يمكننا الاستمرار بهذا الشكل. إذا تمكنا من توصيل نسبة ضئيلة فقط من المطلوب فسنواجه كارثة كاملة».
وأضاف: «ماذا عن وقف لإطلاق النار الآن في هذه المنطقة وضوء أخضر لكل عمليات الإجلاء الطبية؟!».
وتابع أنه بالإضافة إلى المصابين في القتال فإن هناك أعداداً متزايدة من الأطفال المصابين بسوء تغذية حاد، وهو ما يعني أنهم قريبون جداً من الموت. وقال إيغلاند إن الأمم المتحدة تحاول منذ مايو (أيار) القيام بعملية إجلاء طبية واسعة النطاق، لكن حتى الآن لم يتسنّ إجلاء سوى نحو عشرة مرضى. وأضاف: «لدينا تأكيد بأن سبعة مرضى توفوا لأنه لم يتسنّ إجلاؤهم وبينهم أطفال».
وندد أيضاً بنقص المساعدات الإنسانية في الغوطة الشرقية، فيما يتزايد عدد الأطفال المصابين بسوء تغذية. وحذر من «كارثة» في حال عدم التمكن من إيصال المساعدة اللازمة.
وقال إيغلاند: «لماذا يمنع رجال في الخمسينات والستينات من العمر مثلي النساء والأطفال من الحصول على الخدمات الطبية التي ستنقذ حياتهم؟ هذا أمر يفوق خيالي. قد يتغير الأمر غداً».
والتقى مسؤولون من روسيا وسوريا والأمم المتحدة في دمشق في محاولة للخروج من المأزق في الغوطة الشرقية. وبالنسبة لنحو 55 ألف مدني محاصرين عند الحدود الأردنية في منطقة مهجورة يطلق عليها بيرم.
وقال إيغلاند: «الاجتماع الأول لم يسفر بعد عن كل النتائج الملموسة التي نحتاج إليها، لكن لدينا شعوراً قوياً بأن الاتحاد الروسي يريد لنا الوصول ويريد مساعدتنا، لذا نأمل أن تسفر هذه الآلية الثلاثية عن نتائج».
ولم توزع أي مساعدات في منطقة بيرم منذ يونيو (حزيران) لكن الولايات المتحدة وروسيا وآخرين عملوا على خطة مفَصَّلَة لتقديم مساعدات من دمشق.
ورغم الجهود الدبلوماسية لإقامة «مناطق خفض تصعيد» لا يزال القتال يدور في عدة مناطق، بما في ذلك حلب وإدلب ودير الزور وحماة، ويُحاصر المدنيون خلال تبادل إطلاق النار.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».