احتجاجات في «الضاحية الجنوبية» ضد «حزب الله»

تعليقات اتهمته بتقديم المشروع الإيراني على مصالح الفقراء

حرق إطارات وإغلاق الشوارع في الضاحية الجنوبية استنكارا لحملة إزالة الأكواخ والمقاهي أمس (مواقع التواصل الاجتماعي)
حرق إطارات وإغلاق الشوارع في الضاحية الجنوبية استنكارا لحملة إزالة الأكواخ والمقاهي أمس (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

احتجاجات في «الضاحية الجنوبية» ضد «حزب الله»

حرق إطارات وإغلاق الشوارع في الضاحية الجنوبية استنكارا لحملة إزالة الأكواخ والمقاهي أمس (مواقع التواصل الاجتماعي)
حرق إطارات وإغلاق الشوارع في الضاحية الجنوبية استنكارا لحملة إزالة الأكواخ والمقاهي أمس (مواقع التواصل الاجتماعي)

شهدت ضاحية بيروت الجنوبية، حملة تمرّد ضدّ «حزب الله» على خلفية إزالة بعض المخالفات في منطقة حي السلّم، ولم يتورّع بعض الشباب والنساء الغاضبين عن توجيه شتائم إلى أمين عام الحزب على شاشات التلفزة مباشرة، متهمين إياه بالاهتمام بسوريا، وإرسال الشباب للموت هناك، على حساب الوطن وأولويات الفقراء.
وكانت القوى الأمنية اللبنانية، بدأت في ساعة مبكرة من فجر أمس، بتنفيذ قرار بلدية منطقة حي السلم في الضاحية الجنوبية، بهدم المخالفات، حيث أزالت الجرافات كافة الكافيتريات والأكواخ الموجودة في الحي، من ضمن حملة واسعة لإزالة التعديات داخل المنطقة، إلا أن ذلك استفز الأهالي وأصحاب هذه المصالح، الذين اندفعوا غاضبين إلى الشوارع، وقاموا بإغلاق الطرقات بالإطارات المشتعلة استنكاراً لما حصل، خاصة أن «القوى الأمنية خربت كل شيء»، وفق وصفهم.
في التغطية الإعلامية للحدث، وبينما نقلت محطات التلفزة الاحتجاجات مباشرة على الهواء، حمّل الأهالي «حزب الله» مسؤولية ما حصل واتهموه بالتقصير، وقاموا بنشر تعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي تتضمن الكثير من الشتائم والسباب التي طالت الحزب وأمينه العام، كما انبرى شاب إلى توجيه شتائم وعبارات حادة على الهواء مباشرة طالت نصرالله شخصياً، متهما إياه بإرسال شباب الحزب للموت في سوريا، بينما ينسى الفقراء في لبنان، معتبراً أن كل «همّ نصرالله الوحيد هو المشروع الفارسي وليس لقمة عيش الفقير».
الباحث السياسي ورئيس «مركز أمم للأبحاث» لقمان سليم، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المهم ليس في الجرأة على الشتائم، إنما خلفياتها وما يدور وراءها». ولفت إلى أن «يجب معرفة المستفيد من تغيير منظومة المخالفات القائمة في الضاحية الجنوبية منذ عقود».
وأكد سليم وهو سياسي شيعي معارض لـ«حزب الله»، أن «هناك أكثر من طبقة اجتماعية باتت موجودة ضمن بيئة الحزب، والمهم أن الحزب الذي يمثل في الاستراتيجيا وجدان هؤلاء الناس، بات صاحب منظومة مصالح لا تراعي مصالح الناس ومصدر أرزاقهم». وسأل: «هل من الصدفة أن يقع حادثان في الضاحية، الأول على طريق المطار والثاني في حي السلّم، خلال يومين؟». وأضاف: «الضاحية الجنوبية ليست بخير، والواقع الاجتماعي للمنطقة ليس بخير، وهي مقبلة على مزيد من الانفجارات المكبوتة والعلنية».
كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، تسجيلات بالصوت والصورة تظهر نساء ورجالا يشتمون «حزب الله» ومسؤوليه، ويتهمونهم بالمتاجرة بلقمة عيش أبنائهم.
إلى ذلك، أكد لقاء «نداء الدولة والمواطنة» أنّ «ما حدث في الضاحية الجنوبية لبيروت ليس مقبولاً بأي شكل من الأشكال، وهو حصل بتغطية من حزب الله وحركة أمل، وهما الطرفان اللذان يتحملان مسؤوليته بالدرجة الأولى».
واعتبر اللقاء الذي يضمّ شخصيات سياسية وإعلامية اجتماعية معارضة للحزب، أن «تعميم ثقافة المخالفات هي نتيجة إشعار حزب الله وحركة أمل كلّ مواطن شيعي وكلّ مقيم في الضاحية، بأنّه في منأى عن القانون تحت عنوان (كُن مع حزب الله وافعل ما شئت)، والسبب الأساسي هو إيهام الناس بأن الشيعة مواطنون فوق القانون، لمجرد أنّ بينهم من يقاتل في سوريا و(حزب الله) هو الذي أوهم الشيعة، أنّ الدولة ملك أيمانهم وأنّ القوانين وجدت للطوائف الأخرى».
وقال اللقاء في بيان «بعيداً عن تحميل المسؤوليات، فإنّ (نداء الدولة والمواطنة) يعلن وقوفه إلى جانب الفقراء والمساكين، ويؤكد أنّ الخطأ لا يعالج بالخطأ ويدعو الرؤساء الثلاثة والحكومة ومجلس النواب إلى إيجاد حلّ سلمي وعادل وتدريجي للمتضررين، حلّ لا ينتقص من هيبة الدولة ولا يشرع المخالفات وفي الوقت نفسه لا يجوّع الناس ولا يقفل بيوت العشرات ويشرد عائلاتهم». ودعا إلى «تأمين حلّ لا يحوّل الجائعين والمخالفين إلى طفّار خارجين عن القانون ويرميهم في أحضان الجريمة، وهذه مسؤولية بلديات المنطقة والحكومة مجتمعة ونواب حزب الله وحركة أمل أولاً وقبل الجميع».
وأعلن اللقاء «انحيازه إلى الفقراء الذين تزيدهم قيادة الطائفة فقراً، وإلى المساكين الذين تظلمهم ثنائية حزب الله وحركة أمل، في حين تحرضهم على الدولة وتظلمهم مرة ثانية حين تحرض الدولة عليهم»، مطالباً المحتجين بـ«الابتعاد عن الشتائم وعن شخصنة القضايا، وإلى إسماع أصواتهم في صناديق الانتخاب وليس على شاشات التلفزة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».