هي ببساطة عيون تراقب وترصد أي تصرفات غير طبيعية بغية مكافحتها، والحد منها. لم يخطر في بال نشال، عندما قرر سرقة إحدى السيدات على كورنيش دار عين المريسة، في العاصمة بيروت أن ختام عادته السيئة لن يكون «مسكا»، بعد أن فوجئ بأربعة من أفراد «دورية الدراجات الهوائية» يكبلونه ويسوقونه إلى آلية عسكرية، بعد القبض عليه بالجرم المشهود.
وحالة هذا النشال لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، التي يجري مكافحتها على أيدي عناصر «دوريات الدراجات الهوائية» البالغ عددهم عشرين من الذكور والإناث، وقد أنشئت هذه الخدمة الأمنية في يناير (كانون الثاني) الماضي ودخلت حيز التنفيذ في 23 مارس (آذار) الماضي.
ويقول رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزيف مسلم في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في مكتبه: «صممت هذه المبادرة بما يتماشى مع خصائص المجتمع اللبناني ومكوناته، لقد خضع العناصر لدورات تدريبية مكثفة حول مواضيع مختلفة كمفاهيم الشرطة المجتمعية، قضايا حقوق الإنسان، مسائل النزاهة والفساد ومبادئ التواصل والوساطة، مرورا بالمهارات البدنية والدفاعية الضرورية للعمل الشرطي، وتقنيات التحقيق والاستجواب المتوافقة مع القوانين والأنظمة المرعية».
ويضيف: «هذه الفرقة هي لمواجهة نشالي المواطنين، وقد نجحت حتى الآن في توقيف العشرات منهم، مما أدى إلى نشر جو من الأمان والاطمئنان، باعتبارها على تماس واحتكاك مع المواطنين ما يمكنها من الانتقال بسهولة بينهم».
واللافت في هذه الدوريات اليومية، أن إنشاءها لا يكلف ماديا الكثير، وهي صديقة للبيئة إذ لا تحتاج إلى وقود كالدراجات النارية والسيارات، وهي تؤمن المنطقة الممتدة على الكورنيش البحري من دار المريسة حتى مسبح الجامعة الأميركية.
«إنها مبادرة رائعة. لقد بدأنا نشعر بالأمن أكثر من ذي قبل، وفي أي ساعة كانت، نحن سعداء لأننا لم نعد نرى النشالين هنا. لقد أصبح بإمكاننا البقاء حتى وقت متأخر من الليل من دون قلق». يؤكد أحمد الذي صادف مروره أثناء إطلاق المبادرة، فيما توقفت زوجته وولداه للمشاركة بالترحيب بالدراجين الجدد.
ومن الدوافع وراء الإعلان عن هذه المبادرة، هو ارتفاع عدد النشالين الذين ينتشرون على طول الكورنيش البحري لبيروت على امتداد الرملة البيضاء - عين المريسة الذين استدعى «نشاطهم المزدهر» استحداث أنماط أمنية «غير مألوفة» في لبنان للتصدي لهم، مثل «سلاح» الدراجات الهوائية التي باغتت المواطنين بدورها ولباس عناصرها وحضورهم «الدائم» بينهم.
وردا على سؤال يجيب مسلم: «الهدف من هذا المشروع هو إنشاء شرطة، يتعاون فيها رجل الأمن مع الناس بهدف المحافظة على النظام ومنع السرقات والتعدي على المواطنين، ومكافحة التحرش والمخدرات وغيرها من ظواهر مرضية تتسلل إلى المتنزهين على حافة بحر بيروت».
ويتصل أفراد هذه الدوريات بشكل مباشر ودائم عبر أجهزة لاسلكية بغرفة العمليات لشرطة بيروت، حيث تختص بكل ما يتصل بحفظ الأمن والنظام على الكورنيش البري، كما تختلف مهامها بين الصباح والمساء لتأمين أكبر قدر من الراحة.
ويتوقع أن يتوسع نطاق الخطة الأمنية الجديدة لتسيير دوريات بالدراجات الهوائية في مناطق أخرى في لبنان، حيث سيجري العمل على تدريب المزيد من أفراد قوى الأمن الداخلي على أعمال دوريات الدراجات الهوائية، لحفظ الأمن في المناطق اللبنانية.
ومن التدريبات الخاصة التي تلقاها أفراد هذه الدوريات، تلك المرتبطة بكيفية التعاطي مع المواطنين، والتواصل معهم، وكيفية القيادة على الدراجات الهوائية. بعض من التدريبات جرى في بريطانيا واسكوتلندا، تبعا للأسس الحديثة وفق ما يؤكد مسلم.
الإطلاق الرسمي لمبادرة «دوريات الدراجات الهوائية» كان من قبل المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، واعتبر بمثابة وجه جديد لقوى الأمن الداخلي وهي تأتي ضمن فاعليات مشروع مركز الشرطة النموذجي في فصيلة رأس بيروت وبصيغة لبنانية. وتأتي الخطوة تتويجا لمسيرة تطويرية طويلة انطلقت بها مؤسسة قوى الأمن الداخلي تحت مظلة مشروع التخطيط الاستراتيجي.
وفي خطوة تعريفية عن المشروع نفذ الدراجون - بعد الإعلان عنه - عروضا على متن دراجاتهم، حيث لاقت استحسانا وثناء من المواطنين الذين شجعوا هذه الخطوة، وأثنوا على التطور اللافت في أداء قوى الأمن الداخلي، لعملها على المستوى الوطني العام الهادف إلى جعل الكورنيش أكثر أمانا.
وفي بعض تفاصيل المشروع الذي جرى بدعم وتمويل من السفارة الأميركية، يشير مسلم إلى أنه يقوم على فكرة أساسية هي الذهاب إلى المواطنين وعدم انتظارهم أن يأتوا إلينا، وأن يكون هناك تماس بينهم وبين رجال قوى الأمن الداخلي، أن تبنى علاقة ثقة بين المواطنين والشرطة المسؤولة ضمن نطاقهم، أي باختصار ردم الهوة بين الطرفين.
واعتمدت هذه الفكرة الحديثة - التي انطلقت في الثمانينات من القرن الماضي لا سيما في العالم الغربي - في منطقة رأس بيروت نظرا لطابعها، فهي منطقة تربوية، ثقافية وسياحية بامتياز ومقصد للمواطنين اللبنانيين كما أنها منطقة تجارية وأثرية.
في الختام لا بد من الإشارة إلى أن هذا المشروع يأتي من ضمن خطوات عملية كثيرة أبصرت وتبصر النور، فضمن فكرة «مشروع الشرطة المجتمعية»، جرى تدريب نحو 3500 عنصر من عناصر قوى الأمن في معهد قوى الأمن الداخلي، عناصر فصيلة رأس بيروت عموما التي يصل عددها إلى 70 عنصرا، وعناصر دوريات الدرَّاجات الهوائية خصوصا، حيث جرى انتقاؤهم بدقة متناهية عبر إجراء مقابلات فردية استندت إلى معايير وشروط خاصة قبيل إخضاعهم للدورات المذكورة.
14:11 دقيقه
إطلاق شرطة الدراجات الهوائية لحراسة الكورنيش البحري لبيروت
https://aawsat.com/home/article/105556
إطلاق شرطة الدراجات الهوائية لحراسة الكورنيش البحري لبيروت
ترصد التصرفات غير الطبيعية وفي مبادرة هي الأولى من نوعها في لبنان
أفراد الدوريات خلال الحفل الرسمي لإطلاق المبادرة
- بيروت: مازن مجوز
- بيروت: مازن مجوز
إطلاق شرطة الدراجات الهوائية لحراسة الكورنيش البحري لبيروت
أفراد الدوريات خلال الحفل الرسمي لإطلاق المبادرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

