فوز صحافية «واشنطن بوست» بجائزة «دانييل بيرل»

مخنيت تخصصت في الكتابة عن مكافحة الإرهاب واقتحام الحصون السرية لـ«داعش»

سعاد مخنيت أثناء رحلة لها إلى أفغانستان («الشرق الأوسط»)  -  كتاب «طلب مني المجيء وحدي... رحلتي خلف خطوط الجهاد» (النسخة الإنجليزية)
سعاد مخنيت أثناء رحلة لها إلى أفغانستان («الشرق الأوسط») - كتاب «طلب مني المجيء وحدي... رحلتي خلف خطوط الجهاد» (النسخة الإنجليزية)
TT

فوز صحافية «واشنطن بوست» بجائزة «دانييل بيرل»

سعاد مخنيت أثناء رحلة لها إلى أفغانستان («الشرق الأوسط»)  -  كتاب «طلب مني المجيء وحدي... رحلتي خلف خطوط الجهاد» (النسخة الإنجليزية)
سعاد مخنيت أثناء رحلة لها إلى أفغانستان («الشرق الأوسط») - كتاب «طلب مني المجيء وحدي... رحلتي خلف خطوط الجهاد» (النسخة الإنجليزية)

أعلن اتحاد صحافيي شيكاغو فوز مراسلة صحيفة «واشنطن بوست» للأمن القومي والكاتبة المعروفة سعاد مخنيت بجائزة «دانييل بيرل» لعام 2017. ومن المقرر أن تتسلم مخنيت الجائزة خلال حفل العشاء السنوي رقم 78 الذي سيقام بنادي «يونيون ليغ» مساء الجمعة، 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وجاء اختيار سعاد مخنيت للجائزة بتوصية من والدي دانييل بيرل، مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» الذي اختطف وقتل على يد إرهابيين في باكستان بداية عام 2002. وتجيد مخنيت 4 لغات، هي الألمانية، والعربية، والإنجليزية، والفرنسية، وتخصصت منذ سنوات في تغطية الحوادث الخارجية، وخصوصاً الحرب ضد المتطرفين في باكستان وأفغانستان وأوروبا، رغم الأخطار الكثيرة التي واجهتها.
ويعتبر روث وجودا شركاء في تأسيس مؤسسة «دانييل بيرل» التي تهدف إلى تحقيق التقارب الثقافي بين الشعوب من خلال الصحافة والموسيقى والتواصل الإبداعي. وفي رسالة إلى رئيس اتحاد صحافي شيكاغو، ألين رافلسون، كتبت مؤسسة «دانييل بيرل» تقول «إن مؤسسة دانييل بيرل تشعر بالفخر بأن تشارك اتحاد صحافي شيكاغو تكريم سعاد مخنيت لجهدها الفردي في اقتحام الحصون السرية لتنظيم داعش. تعتبر سعاد تجسيداً لروح دانييل التي تحلت دوماً بالشجاعة والنزاهة، وكذلك السعي الدءوب للوصول إلى الحقيقة».
ولدت مخنيت في ألمانيا لأب مغربي وأم تركية، وهي أول صحافية مسلمة تفوز بـ«جائزة دانييل بيرل». بالإضافة إلى عملها بصحيفة «واشنطن بوست»، فهي أيضاً زميلة معهد هارفارد للسياسة الدولية، وكلية جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة ومعهد جنيف لسياسات الأمن، وهي حالياً زميلة مؤسسة أميركا الجديدة. وغطت مخنيت موضوعات متعلقة بالإرهاب لصحف «نيويورك تايمز» و«دير شبيغل» وغيرها. وأخيراً نشر لها كتاب بعنوان «طلب مني المجيء وحدي... رحلتي خلف خطوط الجهاد»، الذي حقق أعلى نسبة مبيعات لصحيفة «واشنطن بوست».
وعملت مخنيت في مجال الصحافة الاستقصائية لدى أفضل الجرائد والصحف في العالم. ولقد ساعدها حسن تحليلها ومقدرتها على فهم ديناميات الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية في الانتماء إلى بعض من أبرز رموز الأوساط الأكاديمية في جميع أنحاء العالم، مثل جامعة هارفارد أو جونز هوبكنز. كما أنها زميلة في مؤسسة أميركا الجديدة ومركز جنيف للسياسات الأمنية. وكشفت مخنيت في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» فكرة العمل الصحافي من مشاهدتها فيلم «كل رجال الرئيس» من بطولة النجم روبرت ريدفورد وداستن هوفمان عن فضيحة ووترغيت الأميركية الشهيرة. ومنذ ذلك الحين، شقت مخنيت طريقها عبر العمل الصحافي الشاق والمضني، إذ سافرت إلى مناطق الصراع، ووضعت حياتها في مخاطر داهمة من كل الجوانب ومنحت قراءها وجهة نظر متميزة وفريدة من نوعها. ومن جانبه، قال رئيس اتحاد صحافي شيكاغو: «يسعدنا أن نقدم هذه الجائزة كل عام لصحافيين مثل سعاد مخنيت التي تلتزم بأعلى معايير الصحافة التي طالما دافع عنها دانييل بيرل». ومن بين الفائزين بالجائزة في السنوات الماضية أسماء لامعة مثل وولف بليتزر (سي إن إن)، ومارتا رداتس (إيه بي سي)، ولارا لوغان (سي بي سي)، والفائز بجائزة «شيكاغو تريبيون برايز» باول سيلبيك، وكاتب الرأي جورج أني غير، ومراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» مايكل فيليب. واشتركت من قبل في نشر كتابين باللغة الألمانية: واحد عن الإسلام (2006)، والثاني عن المسلمين في ألمانيا (2008)، وكتاب باللغة الإنجليزية عن طبيب في عهد هتلر النازي كان هرب إلى القاهرة عام 2014.
والآن، بالإضافة إلى عملها الصحافي، تعمل محاضرة في مركز الشؤون الدولية في جامعة هارفارد، وفي مركز الدراسات العالمية المتطورة في جامعة جونز هوبكنز. وخلال عملها في «واشنطن بوست» نجحت في كشف شخصية «سفاح داعش»، «جون الجهادي» (محمد اموازي)، الذي اشتهر بذبح الرهائن في وقت لاحق، قضت عليه طائرة درون أميركية. وكذلك نجحت مخنيت في إلقاء الضوء على شخصية خالد المصري، وهو مواطن ألماني اعتقلته الشرطة الألمانية، وسلمته إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، التي عذبته (نفت الوكالة ذلك). وقابلت أيضاً قادة متطرفين في شمال أفريقيا، منهم قادة في منظمة القاعدة في المغرب العربي، لكن من أبرز قصصها التي نشرتها «الشرق الأوسط» لقاءاتها مع زوجات قيادات «داعش»، الذين التقتهم في ديار بكر. وأطفال «داعش»... تدريبات على الرماية والانتحار من سن السادسة، وابن صانع القنابل لأسامة بن لادن: «داعش» يريدني غنيمة حرب.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» عن كتابها الجديد الصادر بالعربية والإنجليزية «طلب مني المجيء وحدي... رحلتي خلف خطوط الجهاد»، إنها قد تفوقت في تغطية تنظيم داعش مثلما لم يتفوق غيرها، تغلغلت وسط مقاتليه، وجمعت بين كسب ثقتهم والخوف على نفسها منهم.


مقالات ذات صلة

دواء قد يُطيل خصوبة المرأة لمدة 5 سنوات

صحتك الدواء يُطيل خصوبة المرأة ويساعدها على العيش لمدة أطول (رويترز)

دواء قد يُطيل خصوبة المرأة لمدة 5 سنوات

أكدت مجموعة من العلماء فاعلية دواء مثبط للمناعة في إطالة خصوبة المرأة لمدة خمس سنوات، ومساعدتها على العيش لمدة أطول وبصحة أفضل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا غلاف صحيفة «فاينانشيال تايمز» يظهر مع صحف أخرى في كشك لبيع الصحف في نيويورك (رويترز)

«فاينانشيال تايمز» و«ذي إيكونوميست» تعلنان دعمهما حزب العمال البريطاني

أعلنت صحيفة «فاينانشيال تايمز» ومجلّة «ذي إيكونوميست»، الاثنين، دعمهما حزب العمال البريطاني قبل الانتخابات العامة المقررة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مارين لوبان، مرشحة حزب "التجمع الوطني" القومي، تتفاعل في نهاية يوم الانتخابات الفرنسية في باريس، فرنسا، 1 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

ردود فعل متباينة على فوز اليمين القومي بالانتخابات التشريعية الفرنسية

تصدّر فوز اليمين الفرنسي بقيادة حزب «التجمّع الوطني» بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الصفحات الرئيسية للصحف العالمية وبدأت تخرج ردود الساسة الأوروبيين.

شادي عبد الساتر (بيروت)
أوروبا الصحافيات مارتين كروكسال وكارين جيانوني وكاسيا ماديرا وأنيتا ماكفي (بي بي سي)

بتهمة التمييز... أربع صحافيات يقاضين «بي بي سي»

رفعت أربع صحافيات مخضرمات دعوى قضائية ضد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، متهمة إياها بالتمييز، بعد الاستغناء عن عملهنّ كمقدّمات في الهيئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ إيفان غيرشكوفيتش المعتقل بتهم التجسس، ينظر من داخل قفص المتهمين قبل جلسة استماع للنظر في استئناف تمديد احتجازه السابق للمحاكمة في محكمة مدينة موسكو (أ.ف.ب)

بعد عام على اعتقاله بروسيا... عائلة الصحافي الأميركي غيرشكوفيتش «تواصل النضال»

بعد عام على اعتقال الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش في روسيا بتهم تجسس، تعهدت عائلته مواصلة معركة الإفراج عنه، مؤكدة أن براءته تمنحه القوة لمواجهة المحنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».