الحوثي وصالح... من يكسر عظم الآخر؟

محللون يرصدون ميزان القوى بين شريكي الانقلاب في حال اندلاع نزاع مسلح بينهما

شريكي الانقلاب (صالح - الحوثي)
شريكي الانقلاب (صالح - الحوثي)
TT

الحوثي وصالح... من يكسر عظم الآخر؟

شريكي الانقلاب (صالح - الحوثي)
شريكي الانقلاب (صالح - الحوثي)

عاشت العاصمة اليمنية صنعاء خلال الأسابيع القليلة الماضية، على وقع الخلافات المحتدمة بين شريكي الانقلاب (الحوثي - صالح)، والتي وصلت حد الاقتتال، في أكثر من موقع، كما حدث في منطقة حريب القراميش، الواقعة إلى الشرق من صنعاء، الغرب من مأرب، حيث سقط قرابة 28 مسلحا من الطرفين، أو كما حدث قبل أيام في محافظة تعز، حيث جدد الطرفان الاقتتال، وينظر المراقبون إلى الواقعتين، وغيرهما مما لم يعلن عنه بشكل رسمي، بأنه «بروفة» لما سيحدث في قادم الأيام، خاصة في ظل حالة الاستقواء التي يمارسها الحوثيون ضد صالح والموالين له.
للقصة بدايات لكنها، حتى الآن، دون نهايات أو ملامح نهايات معروفة. فبعيد اتفاق الطرفين على تشكيل ما سمي «المجلس السياسي الأعلى»، أواخر العام الماضي، وتحديداً إبان انعقاد مشاورات الكويت، وهو التحالف الذي ظهر فيه الرئيس السابق علي عبد الله صالح رسمياً كجزء من الانقلاب، بشكل رسمي وإن كان قد أظهر نفسه مؤيداً لانقلاب الحوثيين وكان الموالون له في صدارة المشهد، منذ البداية، وكان الجميع، وما زالوا، يتذكرون أن القوات الموالية لصالح هي التي دبرت وسمحت للميليشيات الحوثية باجتياح محافظة عمران ثم صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014.
لم يدم «شهر العسل» ولم يتمكن الطرفان من إظهار نفسيهما مكان الدولة الشرعية عبر ذلك المجلس وعبر استدعاء «بقايا» البرلمان وعقد جلسات «صورية»، كما يصفها المراقبون، من أجل تمرير صيغة إشهار ذلك المجلس الانقلابي، ثم الحكومة الانقلابية، التي انبثقت عنه.
من بدايات القصة في الصراع بين الطرفين، هو الرغبة الجارفة لدى المتمردين الحوثيين في السيطرة على كل شيء، على الدولة ومفاصلها من دون شريك، وهذه الرغبة الممزوجة بروح الانتقام من صالح ورجالاته، كما يقول البعض، دفعتهم إلى ممارسة سلوكيات مماثلة لما قاموا به ضد الخصوم السياسيين في الشرعية والأحزاب السياسية الأخرى، وإن بصورة أكثر إهانة بالنسبة للموالين لصالح، فبعد تشكيل الحكومة الانقلابية (نوفمبر/تشرين الثاني 2016)، بوقت قصير، بدأ الحوثيون في توجيه الإهانة تلو الأخرى لممثلي صالح في تلك الحكومة، عبر الاعتداء عليهم ومنعهم من دخول مكاتبهم، ووصلت تلك الإهانات إلى لطم «صفع» عدد من الوزراء والمسؤولين، ثم تطور الأمر إلى إزاحة الكثير منهم من مواقعهم، في مختلف المؤسسات وإحلال مسؤولين موالين للحوثيين في مواقعهم. وبنظر الكثير من المراقبين، فإن الحوثيين، في الآونة الأخيرة، بدأوا يتصرفون بعيدا عن «مبدأ الشراكة»، كما يسمى، مع صالح، وهو ما أثار حفيظته، خاصة بعد تدني شعبيته وسط الجناح الموالي له من حزب المؤتمر الشعبي العام، جراء صمته عما يتعرضون له على يد الحوثيين من إهانات وإذلال وإقصاء من المناصب والمواقع القيادية، ولعل ذلك ما دفع صالح إلى المهرجان الاستعراضي في 24 أغسطس (آب) الماضي، بالاحتفال بمناسبة الذكرى 35 لتأسيس حزب المؤتمر، وهو المهرجان الذي أثار حفيظة الحوثيين وكانوا يعارضون إقامته، بسبب خشيتهم من أن يسحب صالح البساط من تحت أيديهم والظهور بأن لديه موالين كثيرين.
يقول الدكتور معن دماج، الكاتب وأستاذ الفلسفة بجامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن المهرجان الذي دعا إليه وأقامه صالح في ميدان السبعين في أغسطس الماضي، وضع الحوثيين أمام خيارين «الأول هو التحرك لضرب صالح وجماعته قبل أن ينجح في قلب الميزان السياسي في مناطق هيمنة تحالفهما وصولا حتى تغيير المعادلة الأمنية والعسكرية المهيمنة هناك، مع ما ينتج عن ذلك من ضعفهما معا وخصوصا الحوثيين في صراعهم مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والتحالف العربي، والخيار الثاني هو الانتظار وعدم المجازفة بالصراع مع صالح والذي سيضعفهما معا أمام الدولة الشرعية لكنهم بذلك يجازفون بأن يصلوا إلى الصراع مع صالح من موقف أضعف». ومنذ تشكيل ما سمي «المجلس السياسي الأعلى»، كان يفترض أن تكون رئاسته بالتناوب بين حزب صالح والحوثيين، إلا أن جماعة الحوثي تسيطر على المجلس منذ تشكيله ومددت لرئيسه الذي ينتمي إليها (صالح الصماد)، أكثر من مرة، ولم تسلم الرئاسة لممثلي صالح، كما كان متفقا، هذا عوضا عن أن الحوثيين وخلال جولات الحوار في جنيف وبييل السويسريتين ومن ثم جولتي الكويت، كانوا من يسيطرون على المشهد السياسي والتفاوضي، مع حالة إقصاء واضحة لممثلي صالح. وبالعودة إلى المشهد السياسي في القريب جدا، فإن الأسبوع الماضي شهد أول محادثة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي، وبعيدا عن حالة السخط التي انتابت الموالين لصالح بسبب ما وصفوه بـ«الاستخفاف بالزعيم، كما يطلقون على صالح، من قبل الحوثيين»، وهو السخط الذي ظهر جليا على وسائل التواصل الاجتماعي. وبعيدا عن ذلك، صدم مؤيدو صالح به وأصدر منشورا يوكل فيه إلى نائبه في قيادة الحزب (عارف الزوكا) القيام نيابة عنه بمهام التحركات للأنشطة الاجتماعية (التهاني والتعازي)، وهو ما فسر على أنه ضغط من قبل الحوثيين على صالح للاعتزال عن الظهور الإعلامي.
بالطبع، سبقت تلك المحادثة المتلفزة، أن سربت معلومات تتحدث عن مطالب حوثية من صالح مع اشتداد الأزمة بين الطرفين والتي وصلت حد الملاسنات الإعلامية والحملات المتبادلة، أبرز تلك المطالب تمثلت في طلب الحوثيين من صالح عدم إقامة أي مهرجانات جماهيرية أو شعبية، وتسليم بقية المعسكرات إلى (وزارة الدفاع) في الحكومة الانقلابية، وغيرها من المطالب، وفي خطوة تصعيدية أخرى، طالبته هيئة مكافحة الفساد، هو ورئيس اللجنة الثورية العليا، كما تسمى، محمد علي الحوثي وأعضاء اللجنة، بتقديم إقرار بالذمة المالية، وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون استهدافا لصالح في إطار الصراع الدائر بين الطرفين، خاصة أن المطالبة هددت بالحبس لمن لا يقدم الإقرار 6 أشهر، على أقل تقدير، وفي حين يعتقد المراقبون أن وضع اسم الحوثي وأعضاء اللجنة في قائمة المطالبة بمثابة ذر الرماد في العيون وأن المستهدف هو صالح، فإنهم يستغربون صمته ومطالبته بإقرار الذمة الماضية وهو لا يشغل منصبا رسميا في الحكومة الانقلابية، أصلا. لكن صالح (السبت الماضي)، ظهر في اجتماع للجنة العامة (المكتب السياسي) لحزب المؤتمر معلنا أنه توصل مع عبد الملك الحوثي إلى تفاهمات تمنع «شق الصف».
طوال أكثر من 3 عقود من حكمه لليمن، بنى صالح جيشا يوصف في اليمن بـ«الجيش العائلي»، ولم يكن أحد من المراقبين يتوقع أن يأتي يوم ويتمكن أحد من خلخلة بينة هذا الجيش «العائلي» الموالي لصالح، على الإطلاق، حتى إن محاولة الرئيس عبد ربه منصور هادي إعادة هيكلة القوات المسلحة بعد خلع صالح وتولي هادي قيادة البلاد كرئيس توافقي، اصطدمت ببنية الجيش المصمم على مقاس صالح وعائلته والموالين له، وهذا الجيش، بشهادة الجميع، هو من مهد لبضعة آلاف من الحوثيين من اجتياح العاصمة والمدن، بعد أن نزع ضباطه وجنوده بزاتهم العسكرية وارتدوا الملابسة الشعبية التي تميز الميليشيات وانطلقوا معها كميليشيات، لكن وبقدرة قادر، تمكن الحوثيون من اختراق بينة «الجيش العائلي» والسيطرة على معظم المعسكرات والقوة التي كان يباهي بها صالح، بحسب المراقبين.
يؤكد المحلل العسكري، العميد عباس الشاعري أن الحوثيين تمكنوا، من خلال دعم القوات العسكرية الموالية لصالح، و«أثناء سيطرتهم على معظم المناطق والمحافظات الشمالية والجنوبية قاموا بسحب الأسلحة والمعدات العسكرية من الوحدات والألوية والمناطق العسكرية إلى عقر دارهم في صعدة وبعض المحافظات القريبة منها وتخزينها تحت سيطرتهم وإشرافهم وذلك بكميات كبيرة، بما فيها الأسلحة الثقيلة كالدبابات وراجمات الصواريخ والمدفعية والصواريخ الباليستية وغيرها، مما أكسبها قوة عسكرية صلبة تستطيع خوض القتال في أكثر من جبهة، ويؤكد ذلك ما هو حاصل اليوم بوجودها في أكثر من جبهة سواء داخل اليمن أو في الحدود مع المملكة العربية السعودية». وفي كل الحالات، يتزايد الحديث عن إمكانية دخول الطرفين (صالح والحوثي) في صراع عسكري. ويؤكد الشاعري لـ«الشرق الأوسط» أن صالح «كان يعتمد على قوات الحرس الجمهوري وبقية الوحدات الأمنية كالأمن المركزي وغيره وكانت هذه الوحدات فعلا مجهزة تجهيزا تكتيكيا عسكريا ومسلحة ومدربة تدريبا متفوقا ولكن الحوثيين سعوا، خلال فترة تحالفهم مع صالح، بطرق ملتوية وهادئة إلى تفكيك هذه القوات».
ويعتقد أستاذ الفلسفة، الدكتور معن دماج أنه «إذا اندلع الصراع، فإن ميزان القوى يبدو في مصلحة الحوثيين في العاصمة، حيث يسيطرون أمنيا على أغلبها كما في محافظة صعدة وأجزاء من محافظتي عمران وحجة، بينما ميزان القوى في مصلحة علي صالح في الحزام القبلي المحيط بصنعاء ومحافظة ذمار وبقية المحافظات الشمالية جنوبا وغربا، كما يمتلك علي صالح أسلحة نوعية خصوصا تلك التي كانت بحوزة القوات الخاصة، وهي كتائب مدربة تدريبا عاليا»، لكن دماج يقول إن «ذلك لا يعني أن هناك إمكانية لحسم سريع أو أن كفة أحدهما سترجح بشكل تلقائي، لكن على الأرجح أن صراعا إذا اندلع سيؤدي إلى تقاسم السيطرة على المناطق التي تقع تحت هيمنتهما، خصوصا أنهما لن يندفعا بالصراع إلى غايته لأن ذلك يعني تسليم رقبتيهما معا للشرعية والتحالف العربي».
ويرى العميد الشاعري أنه «في حالة حدوث أي مواجهات مسلحة بين الطرفين، فلن ينتصر أي طرف، وإن انتصر طرف على الآخر، فلن يكون إلا لفترة قصيرة جدا، وقد تنشب حرب أهلية إن لم يستغل هذا الوضع طرف ثالث ونقصد قوات الشرعية المدعومة من دول التحالف التي بالإمكان أن تفرض سيطرتها على الوضع وتخضعه لصالح الشرعية». ويتساءل القائد العسكري الشاعري عن الأسباب التي لن تجعل الغلبة لأي من الطرفين ويجيب، أيضا، لهذه الأسباب: «لأن الطرفين لا يحملان مشروعا وطنيا واضحا يرضي تطلعات الشعب لبناء دولة وطنية حديثة، الحوثيون يواجهون كرها شديدا من معظم عامة الشعب بسبب مشروعهم الهزيل لإعادة الولاية، وصالح هو الآخر غير مرغوب من قبل قطاعات واسعة من الشعب بسبب تجربته الفاشلة بإقامة نظام عائلي مناطقي خلال سنوات حكمه الـ33 عام والذي ما زال، حتى هذه اللحظة، يحاول إعادة الحكم إلى حظيرة العائلة والمنطقة والقبيلة».
وكلما تواردت الأخبار والأنباء عن سعير الخلاف بين الحوثي وصالح، برزت الكثير من التحليلات بخصوص ما سوف يكون عليه الوضع لو أن المواجهة العسكرية اندلعت وانفجر الوضع بينهما، وتصل بعض تلك التحليلات إلى «الأمنيات»، لدى البعض، فيما يحسم البعض الآخر موقفه وقراءته، كما هو الحال بالنسبة للكاتب عبد السميع محمد، الذي قال إن صالح سوف يهزم في المواجهة وذلك «يعود إلى أن الحوثي حركة فتية عقائدية لها مهارات قتالية تطورت خلال معتركات عدة ومنذ اجتياحها لصنعاء في سبتمبر 2014، تمكنت الحركة من اختراق وحدات الحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية، ولكون الحوثي وحركته ليس غريبا عن البيئة العصبوية القبيلة الطائفية التي ظلت لزمن طويل محركا وباعثا للصراعات فقد تمكن الحوثي من استمالة الكثير من الضباط والقادة القبليين المحسوبين على الرئيس السابق صالح».
غير أن الكلام الأكثر خطورة ما يطرحه محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، الذي قال إن «المؤشرات تبين أن الحوثيين كانوا قد أعدوا العدة من قبل لتصفية الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهذا الهدف أي تصفية صالح كان معدا من قبل إبرام التحالف بينهما، أي من قبل خطتهم في السيطرة على عمران ودخول صنعاء والسيطرة عليها»، مؤكداً أن «هدفهم كان يقوم على الاستفادة من إمكانات صالح وبالذات قوات الحرس الجمهوري وألوية أخرى كي ينجحوا في انقلابهم على الشرعية وقبل صالح التحالف معهم لأن همه الرئيسي هو الانتقام من كل من عمل على إسقاطه من السلطة عام 2011، بما فيهم الرئيس عبد ربه منصور». ثم يردف نعمان بأن «الحوثيين لا يريدون مواجهة المؤتمر الشعبي وقبائله، لكنهم فقط يريدون إزاحة صالح لينفردوا في ترتيبات وقف الحرب ويقدموا أنفسهم أنهم يمثلون قوة رئيسية في محافظات الشمال، وبالتالي يصبحون طرفا واحدا في مواجهة الشرعية، وباعتقادي أنهم لا يمانعون الدخول في صفقات مع بعض قيادات المؤتمر الشعبي، وبالذات مشايخ وقيادات المؤتمر في المحافظات الشمالية، ولهذا توقعاتي أن تتم تصفية صالح وأبرز المقربين له قريبا».


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».