بدأ الإعصار إيرما يتحرك فوق الساحل الشمالي لكوبا، وأصبح على بعد 510 كم جنوب شرقي ميامي، وحسب المركز الوطني الأميركي للأعاصير من المتوقع يصل «إيرما»، الذي تصاحبه رياح تبلغ سرعتها 250 كم في الساعة، البر الأميركي اليوم (الأحد) مع وقت الظهيرة. ومع وصوله إلى كوبا صُنف إعصاراً من الفئة الخامسة، وأمرت السلطات بإجلاء ملايين السكان في ولاية فلوريدا الأميركية بعد أن قتلت العاصفة 21 شخصا في شرق الكاريبي وخلفت دمارا كارثيا.
وحثت دائرة الأرصاد الجوية الوطنية في مدينة «كي ويست» بسلسلة جزر «فلوريدا كيز» السكان على إخلاء منازلهم ومغادرة المنطقة، مع اقتراب «إيرما» من الولايات المتحدة. وقالت خدمة الطقس على موقع «تويتر» «هذا حقيقي تماما.. لن يكون هناك مكان آمن في فلوريدا كيز.. لا يزال لديكم وقت للمغادرة».
ومع اقتراب العاصفة من الولايات المتحدة، أمر المسؤولون بعملية إجلاء تاريخية في ولاية فلوريدا، وبات الأمر أكثر صعوبة بسبب إغلاق الطرق السريعة ونقص البنزين والتحدي المتمثل في نقل كبار السن. وقالت الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ إن الولايات المتحدة تعرضت لثلاث عواصف فقط من الفئة الخامسة منذ عام 1851 والإعصار إيرما أقوى بكثير من الإعصار أندرو الذي ضرب البلاد عام 1992. وقال ريك سكوت حاكم فلوريدا «الوقت ينفد. إن كنتم في مناطق الإخلاء فينبغي عليكم الابتعاد الآن. هذه عاصفة كارثية لم تشهد ولايتنا مثلها من قبل». وأضاف، أن آثار العاصفة ستنتشر من ساحل الولاية الشرقي إلى ساحلها الغربي. وحذر سكوت من أن «إيرما» ربما يكون أعنف من الإعصار أندرو الذي أودى بحياة 65 شخصا في 1992، منبها سكان الولاية وعددهم 20.6 مليون نسمة أن يكونوا على استعداد للإخلاء. وقال الحاكم لشبكة «سي إن إن» التلفزيونية «على الناس أن يفهموا، إذا كنت في منطقة إخلاء يتعين أن تكون حذرا، عليك المغادرة فورا». وأضاف: «هذه عاصفة عنيفة أكبر من ولايتنا».
وقالت إدارة الطوارئ في فلوريدا، إن 5.6 مليون شخص أو 25 في المائة من سكان الولاية صدرت لهم أوامر إجلاء. وقال الرئيس دونالد ترمب في بيان مسجل، إن الإعصار إيرما «له بالقطع قدرات تدمير تاريخية». ودعا الناس إلى مراعاة كل توصيات المسؤولين الحكوميين وجهات إنفاذ القانون.
وقالت شركة «فلوريدا للطاقة» التي تخدم نحو نصف سكان الولاية البالغ عددهم 20.6 مليون نسمة إن نحو تسعة ملايين شخص عرضة لانقطاع التيار الكهربي في فلوريدا.
ووسط عمليات نزوح كان نحو ثلث محطات البنزين في المناطق الحضرية بفلوريدا من دون بنزين.
وقال ناثان ديل، حاكم ولاية جورجيا، إن من المقرر البدء في عملية إخلاء إجبارية ابتداء من اليوم (أمس) السبت على سواحل جورجيا المطلة على المحيط الأطلسي. وضم تيري ماكوليف حاكم فرجينيا ولايته لقائمة المناطق التي أعلنت حالة الطوارئ.
وأثناء اجتياحها منطقة الكاريبي، أودت العاصفة العنيفة بحياة 21 شخصا على الأقل، وأوقعت دمارا هائلا في عدد من الجزر الصغيرة مثل سان بارتيلمي وسان مارتان، حيث دمرت 60 في المائة من المنازل وتسببت بعمليات نهب. واقتلعت الرياح أسقف المباني، وأطاحت بكتل إسمنت وسيارات وحتى بحاويات سفن. وقتل شخصان على الأقل في بورتوريكو، وانقطعت الكهرباء عن أكثر من نصف عدد سكانها البالغ 3 ملايين، بعد أن فاضت الأنهر عن ضفافها في وسط وشمال الجزيرة. وقتل أربعة أشخاص في الجزر العذراء، وأصيب آخرون بجروح خطيرة ونقلوا جوا إلى بورتوريكو. وقتل شخص في باربودا الصغيرة، حيث دمر نحو 30 في المائة من الممتلكات وتم إخلاء الجزيرة بأسرها.
وفي الوقت الذي يتصدون فيه للدمار الهائل، يواجه سكان الجزر التي ضربها «إيرما» تهديد إعصار كبير آخر وهو الإعصار جوزيه. وقال المركز الوطني الأميركي للأعاصير يوم الجمعة إن جوزيه المتوقع أن يصل إلى شمال شرقي الكاريبي كإعصار شديد الخطورة من الفئة الرابعة، وهو مصحوب برياح سرعتها 250 كيلومترا في الساعة.
وسارعت الدول الأوروبية لمساعدة مواطنيها في الكاريبي، وأرسلت فرنسا وهولندا مئات العناصر من الشرطة لوقف عمليات نهب وسط نقص المواد الغذائية والماء والبنزين. وقالت الحكومة الفرنسية، إنها ستنشر 400 شرطي في سان مارتان بعد عمليات نهب، وحيث فقد معظم السكان البالغ عددهم 80 ألفا منازلهم. وقال البيت الأبيض، إن ترمب «عرض تقديم المساعدة للحكومة الفرنسية خلال هذا الظرف المأسوي» في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقال أوليفييه توسان، أحد سكان سان بارتيلمي لوكالة الصحافة الفرنسية «المنازل مدمرة والمطار متوقف عن العمل، وأعمدة الهاتف والكهرباء على الأرض». وأضاف: «السيارات تطايرت ووصلت إلى المقابر. المراكب غارقة في الميناء والمتاجر دمرت».
بدأت رياح «إيرما» القوية الجمعة في الهبوب على شرق ووسط كوبا، وبعد ساعة أصبحت على بعد نحو 190 كلم شمال شرقي نوفيتاس، في إقليم كماغوي بوسط كوبا، ويتقدم بسرعة 22 كلم/ساعة باتجاه غرب-شمال غرب، بحسب معهد الطقس الوطني. وبحسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استنادا لأرقام الدفاع المدني الكوبي، غادر قرابة مليون شخص منازلهم في هذه المناطق كإجراء وقائي، سواء للإقامة عند أقارب لهم في مناطق آمنة أو في ملاجئ حكومية. وقامت كوبا، أكبر جزر البحر الكاريبي، بإجلاء 10 آلاف سائح من المنتجعات، ورفعت درجة التحذير من الكوارث إلى الدرجة القصوى. وتمكنت جزر الباهاماس المجاورة من تجنب الإعصار دون أضرار تقريبا، ولم ترد تقارير عن إصابات أو أضرار تذكر.
ومع تقدم «إيرما» باتجاه فلوريدا يراقب خبراء الأرصاد إعصارين اخريين. فالإعصار جوزيه الذي تقترب شدته من الدرجة الخامسة، يتقدم في مسار إيرما في الأطلسي، فيما وصل الإعصار كاتيا في ساعة متأخرة الجمعة اليابسة في شرق المكسيك بعد أن ضربها اعنف زلزال في قرن موقعا 61 قتيلا على الأقل وأكثر من 200 جريح. ويعيث الإعصار جوزيه الفوضى في عمليات الإغاثة في الكاريبي، حيث منعت حالة الطقس المتدهورة المراكب المحملة بمواد الإغاثة من الانطلاق والطائرات من الأقلاع.
وبدت ميامي بيتش الصاخبة مقفرة ومتاجرها مدعمه بألواح الخشب، وكتب على بعضها عبارات مثل «لا لإيرما» و«لسنا نفزع منك يا إيرما». وقال ديفيد والاك (67 عاما) صاحب ناد للرقص لوكالة الصحافة الفرنسية «لا أحد يمكن أن يستعد لأمواج العاصفة، يمكن أن تدمر كل شيء». وكانت سيارات الشرطة تجوب الطرق الساحلية في وست بالم بيتش بالولاية مطلقة مكبرات الصوت تقول: «تحذير تحذير، هذه منطقة إخلاء إلزامية، الرجاء إخلاءها».
ويتوقع أن يضرب «إيرما» فلوريدا كيز في ساعة متأخرة السبت قبل مواصلة طريقه يوم الأحد إلى الداخل، بحسب مركز الأعاصير الوطني.
ويقوم الجيش الأميركي بتعبئة آلاف الجنود ونشر الكثير من السفن الكبيرة للمساعدة في عمليات الإجلاء والإغاثة الإنسانية، في حين نقل سلاح الجو عشرات الطائرات من جنوب الولايات المتحدة. وقام سكان فلوريدا بتدعيم منازلهم ومتاجرهم بالألواح الخشبية وأكياس الرمل قبل الانضمام إلى الأعداد الهائلة من الناس المغادرين الولاية الأميركية استعدادا لوصول «إيرما». وبدت السيارات مثل قافلة شبه متلاصقة ببعضها أثناء مغادرتها الولاية متجهة شمالا، على أسقفها فراش النوم وعبوات الغاز وألواح التزلج على الماء، بعد أن استجاب السكان للتحذيرات المتكررة بضرورة الإخلاء.
إجلاء الملايين من فلوريدا في انتظار «إيرما»
يخلف دماراً كارثياً في الكاريبي ويقترب من البر الأميركي
إجلاء الملايين من فلوريدا في انتظار «إيرما»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة