جمعيات تونسية تضغط من أجل استرجاع 43 إرهابياً في السجون السورية

39 طفلاً تونسياً من أبناء الدواعش يقبعون في السجون الليبية

TT

جمعيات تونسية تضغط من أجل استرجاع 43 إرهابياً في السجون السورية

طالبت جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج (جمعية حقوقية مستقلة) السلطات التونسية، ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية، باسترجاع نحو 43 تونسياً موجودين في السجون السورية منذ سنوات، ودعت الحكومة إلى تشكيل لجنة خاصة متفرغة لموضوع التونسيين العالقين بالخارج، وقالت إن المساجين التونسيين في السجون السورية المتهمين بالإرهاب «يعتبرون شهود عيان على من سفرهم وجندهم»، في إطار رحلة بحث السلطات التونسية عن كيفية تدفق الآلاف من الشباب التونسي، خصوصاً خلال الفترة المتراوحة بين 2012 و2014، إلى بؤر التوتر، والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا، وغيرها من مواقع التوتر في الخارج. ودعت الحكومة التونسية التي تمتلك، وفق قولها، الأدلة والبراهين الكافية حول شبكات تسفير الإرهابيين التونسيين إلى الخارج، إلى الكشف عن نتائج الأبحاث التي توصلت إليها بخصوص من كان يقف وراء تسفير شباب تونس إلى بؤر التوتر.
وفي هذا الشأن، قال محمد إقبال بالرجب، رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، في مؤتمر صحافي عقده بمناسبة «اليوم العالمي للمفقودين»، إن عدداً من عائلات المفقودين سيتوجه عبر الجمعية إلى محمد الناصر، رئيس البرلمان التونسي، للمطالبة بمحاسبة ومساءلة الحكومة حول موضوع العالقين بالخارج. وأشار بالرجب إلى أن 39 طفلاً تونسياً من أبناء الدواعش يقبعون حالياً في السجون الليبية (22 بسجن معيتيقة، و17 في سجون مصراتة)، وقال إن هؤلاء لا ذنب لهم سوى أنهم من أبوين التحقا بالتنظيمات الإرهابية، وإن تونس مطالبة باسترجاعهم وإنقاذهم من براثن التنظيمات الإرهابية.
وأكد على استعداد السلطات الليبية الشرعية للاتفاق مع تونس حول هذا الملف، وقال إن الجمعية ولأكثر من سنة تسعى إلى استرجاع هؤلاء الأطفال اليتامى، إلا أن السلطة التونسية لا تتحمل مسؤولياتها، ولا تعمل بجدية لمحاولة استرجاعهم، على حد تعبيره. وفي السياق ذاته، قالت هالة عمران، رئيسة لجنة التحقيق في تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر (لجنة برلمانية)، إن اللجنة ما زالت في بداية عملها حول هذا الملف نظراً لأنه لم يقع النظر فيه من أية جهة من قبل.
وأضافت أن اللجنة انطلقت منذ فترة وجيزة في عملها الأولي، بالاستماع إلى الأطراف الحكومية المتدخلة في مكافحة الإرهاب، واعتبرت المعلومات التي توصلت إليها اللجنة من خلال جلسات الاستماع «عامة، ولم تتوصل إلى معلومات دقيقة، أو تفاصيل يمكن أن تكشف عن حقائق»، على حد قولها.
ولفتت عمران الانتباه إلى أن الوفد البرلماني الذي زار سوريا منذ أسابيع، والتقى 4 عناصر إرهابية تقبع في السجون السورية، لم يدل إلى حد الآن بأية معلومات، ولم يقدم أي ملف للدراسة بخصوص العالقين، أو من تسبب في تسفيرهم، إلى اللجنة البرلمانية.
وتأتي جهود مختلف الأطراف في تونس (أحزاب وجمعيات وسلطات رسمية) في ملف التحاق التونسيين ببؤر التوتر خارج البلاد، إثر التقارير الأمنية الرسمية التي تؤكد على أن عدداً كبيراً من الإرهابيين التونسيين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في سوريا عبر الحدود مع ليبيا، ثم توجهوا بعد ذلك إلى تركيا، في انتظار التحاقهم بالإرهابيين في سوريا، فيما تحول قسم كبير منهم عبر رحلات منظمة نحو إسطنبول، قبل التوجه إلى سوريا، وهم اليوم يمثلون نحو 70 في المائة من الإرهابيين التونسيين الموجودين خارج البلاد، وذلك من إجمالي نحو 2929 إرهابياً، وفق إحصاءات وزارة الداخلية التونسية.
وأكدت السلطات التونسية على صعوبة التعامل مع ملف الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر، وأشارت إلى عودة نحو 800 منهم، وقالت إنها وضعت استراتيجية لإعادة إدماجهم، تعتمد المقاربة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب المقاربة الأمنية والقانونية.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».