تيريز رافائيل

تيريز رافائيل

«بريكست»: طريق مليئة بالأشواك

هل سيجد بوريس جونسون نفسه في حفرة من الأشواك بسبب «بريكست» ـ أم أن هذا تحديداً المكان الذي يرغب في وجوده به؟ تعتبر قصة الأرنب برير واحدة من قصص الذكاء والتحايل المعروفة في الفولكلور الأميركي. وفي إحدى حلقاتها، ينجح الثعلب في إسقاط الأرنب برير في الفخ، ويشرع في التفكير في كيفية الإجهاز عليه، محاولاً إيجاد أسوأ مصير ممكن لعدو لطالما فاقه في الذكاء. وهنا، يتوسل إليه الأرنب برير طالباً الرحمة، ويقول: «أغرقني! اشويني! اشنقني! لكن أرجوك لا تلق بي إلى حفرة الأشواك» ـ وهذا تحديداً ما يفعله الثعلب، الأمر الذي أسعد الأرنب برير كثيراً.

بوريس جونسون وقضية المهجرين

مهما حدث بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فسيخضع التأييد السابق لرئيس الوزراء بوريس جونسون لقضية الهجرة للاختبار. حتى الآن، يبدو أنه يستسلم للضغوط السياسية القصيرة الأجل للحد من الهجرة على حساب السياسات التي تخدم مصالح بريطانيا على المدى الطويل. والنتيجة هي أن الملايين من مواطني الاتحاد الأوروبي القلقين الذين يعيشون في المملكة المتحدة يتساءلون عما إذا كان ينبغي عليهم حزم حقائبهم. لقد بات السياسيون المحافظون لسنوات الآن شعبويين في موقفهم تجاه هذه القضية، وبلا أي إحساس بالخجل. فهم غير مستعدين لتحدي قصة شعبوية ترى أن معظم الهجرة تهديد، أو على الأقل إزعاج.

جونسون ورحلته غير المؤكدة للخروج من «الأوروبي»

صدق أعضاء حزب المحافظين وعد بوريس جونسون عندما قال إنه سيخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر (تشرين الأول) وإنه «لا بديل عن ذلك سوى الموت». الحقيقة أنه سيحنث بهذا الوعد، والحقيقة الأخرى أننا سنرى مشهداً لم نره من قبل أشبه بالسير على الحبل في مكان شاهق. لو أننا افترضنا أنه أصبح زعيماً منتخباً وأنه حل مكان تريزا ماي رئيساً للوزراء الأسبوع المقبل، فسيعني ذلك أنه قد راهن بكل شيء: راهن على قدرته على تحقيق صفقة خروج مقبولة من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، وأنه لديه من الأساليب التي تجعله يخرج من الاتحاد من دون صفقة حال لم يلتزم التكتل البرلماني أو البرلمان برمته بما اتفق عليه.

كيف التهم «بريكست» رئيسة الوزراء؟

في وقت مضى، نالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي شعبية كبيرة. ربما يصعب تذكر هذا الأمر اليوم في وقت تستعد للتنحي تماماً عن منصبها في غضون أسبوعين ـ ومع هذا، تبقى تلك الحقيقة. قبل ثلاث سنوات فقط من إجبار حزبها لها على التنحي، كانت تجري الإشادة بماي من جانب سياسيين ومواطنين، باعتبارها الخيار الأكثر حكمة لقيادة رحلة انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. بعد ذلك، جاءت حقيقة «بريكست» والأزمة التي عجزت ماي عن تسويتها. والمؤكد أن التاريخ سيحكم عليها على أساس هذا الإخفاق، الذي تسبب في تأجيج حالة الانقسام على الصعيد الوطني وخلق فجوة في قلب المشهد السياسي البريطاني.

بريطانيا... معركة القيادة وعقبة «بريكست»

الأمر حقيقي هذه المرة، إذ لم تعلن السيدة تيريزا ماي صراحة أنها سوف تغادر منصبها في رئاسة الوزراء البريطانية؛ لكنها وعدت بتحديد تاريخ المغادرة في أوائل يونيو (حزيران) المقبل. ويكمن السؤال في الفارق الذي يحدثه تغيير القادة بالنسبة إلى حزب المحافظين الحاكم. بعد منافسة القيادة الفوضوية (وإحداها لا تزال على قدم وساق)، من المرجح للحزب أن ينطلق وراء الزعيم الجديد، وذلك ليجد أن المشكلات القديمة لا تزال قائمة. عند التفكير في مقدرة السيدة ماي على تحدي قوى الجذب السياسي، فمن الجدير التساؤل إن كانت تعني ذلك حقاً.

المشهد السياسي البريطاني يدخل مرحلة الانهيار

جاء الهامش أقل هذه المرة: خسرت الحكومة بفارق 230 صوتاً في يناير (كانون الثاني)، وبفارق 149 صوتاً في المرة الثانية. ومع هذا، تبقى الحقيقة أن «لا» تعني «لا». وتجعل هذه النتيجة من مسألة تمديد المفاوضات أمراً شبه محتوم، وتثير التساؤلات حول مستقبل تيريزا ماي كرئيسة للوزراء، وتزيد احتمالات أن يأتي حسم مسار «البريكست»، بصورة أو بأخرى، من جانب الرأي العام. والآن، تتبقى هناك جولتان أخريان من التصويت: فمن المقرر أن يصوت المشرعون، الأربعاء حول ما إذا كان ينبغي لبريطانيا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون أي اتفاق على الإطلاق.

بريطانيا: طريقان لإنهاء جمود «البريكست»

لم يصوت البرلمان البريطاني حتى اللحظة على اتفاق «البريكست» للسيدة تيريزا ماي أو ما إذا كانت لا تزال حكومتها تحظى بثقة برلمان البلاد. وميعاد التصويت القادم في 15 يناير (كانون الثاني)، وإن خسرته السيدة ماي كما هو متوقع، فإن حزب العمال المعارض يهدد بإجراء تصويت برلماني على حجب الثقة عن حكومتها في وقت لاحق. لكن واقعتي التصويت اللتين عقدهما أعضاء البرلمان حتى الآن خلال الأسبوع الحالي يرقيان إلى مستوى الرفض الصريح لاتفاق «البريكست» وإشارة غير رسمية بحجب ثقة البرلمان عن حكومة حزب المحافظين الحاكم. والنتيجة المنتظرة هي ما يصفها نك تيموثي، كبير موظفي السيدة ماي الأسبق، بقوله «الجمود المكسيكي».

هل يمكن لأي سياسي الحصول على «بريكست» جيد؟

مع انتهاء مجريات الخروج البريطاني فعليا، سوف يكون هناك فيلق كبير من السياسيين البريطانيين الذين تتعرض حياتهم وطموحاتهم المهنية للانهيار على طول الطريق. ومعظمهم لن يغادر إحدى فئتين أساسيتين: أولئك الذين بذلوا الجهود لأجل نتيجة لم يكونوا على استعداد تام لها وخرجت عن نطاق سيطرتهم، وأولئك الذين وضعوا سياسات الأحزاب فوق المصالح الوطنية العليا. فإن كتبت له النجاة حتى العام القادم، فربما يتحول كير ستارمر من حزب العمال إلى أحد أولئك الساسة النادرين الحاصلين على أفضل أنواع البريكست. ولن يبعث هذا الأمر بمزيد من الارتياح لديه بحال، رغم كل شيء.

فوز ماي تصويت ضد «بريكست» من دون اتفاق

أدلى المشرعون في المملكة المتحدة بأصواتهم بخصوص مسألة ما، لكنهم حسموا بذلك قرارهم بشأن أخرى. ورغم أن اختيارهم ربما لا يجعل مسألة إنجاز «بريكست» منظماً ومدروساً، أكثر سهولة، فإنه قد يقلل احتمالات حدوث «بريكست» مضطرباً وفوضوياً. وكان السؤال محل التصويت الذي طرح على 317 من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، مساء الأربعاء الماضي، واضحاً؛ فقد سألهم ما إذا كانوا يثقون بزعيمة حزبهم، رئيسة الوزراء تيريزا ماي. وجاءت النتيجة بفوزها بثقة 200 صوت، مقابل 117.

بريطانيا وتبعات «بريكست»

خلص الأنصار المخلصون لفكرة «البريكست»، ومنهم وزير شؤون «البريكست» السابق دومينيك راب، إلى نتيجة مفادها أن الاتفاق الذي تفاوضت بشأنه رئيسة الوزراء تيريزا ماي ليس سيئاً فحسب، وإنما أسوأ من البقاء داخل الاتحاد الأوروبي. تبدو هذه نتيجة بديهية، لكن يبقى السؤال: ما خطتهم؟ بالتأكيد ليست إلغاء فكرة «البريكست»، ولا حتى عقد استفتاء عام من جديد. يبدو أن هذا الفريق يميل إلى ما يطلقون عليه «بريكست منظم»، دونما اتفاق.