ساتياجيت داس

هل يمكن للبنوك الاستمرار في ظل معدلات فائدة سلبية؟

تدفع التوقعات الاقتصادية المتراجعة والضغوط السياسية المتزايدة البنوك المركزية إلى تبني سياسات نقدية غير تقليدية أكثر شراسة. في الوقت ذاته، تتزايد المخاوف من أن تهدد مثل هذه الخطوات، خاصة أسعار الفائدة السلبية، استقرار النظام المالي؛ لأنهم يخاطرون بإحداث ارتدادات خطيرة في أسواق الائتمان وفي الاقتصاد الحقيقي، حيث يصعب التنبؤ أو السيطرة على التأثيرات من الدرجة الثانية والثالثة. وكما أوضحت تجربة البنوك في اليابان وأوروبا، فإن العملية تسير وفق نمط متوقع.

وهم الثروة العالمية الزائف

يُعدُّ العالم أكثر ثراءً اليوم عما كان عليه في العهود السابقة، ولكن ذلك على الورق ليس إلا، خلافاً للواقع المشهود. فقدر كبير من هذا الازدهار ليس إلا وهماً زائفاً في ظل التحول العالمي صوب الاستثمارات الأقل طلباً للسيولة النقدية؛ المقوض لأسس التقييم المعهودة. وحازت الأسهم الخاصة، والبنية التحتية، والائتمان الخاص، نصيب الأسد من المحافظ الاستثمارية، وبالتالي صارت القيمة حسب السوق من الأمور غير اليقينية على نحو متزايد. وتفترض الطريقة المعيارية لتقييم الأصول أن الأسعار متاحة، وأن هناك سيولة تجارية (تداولية) كافية تسمح بالبيع، وفق تلك المستويات.

نقاط الضعف في الاقتصاد الحقيقي والنظام المالي

بدأت ضغوط الأسواق الناشئة في التصاعد منذ عام 2013 على الأقل. وربما تناسى المستثمرون تأثير «نوبة الغضب» على ما يُعرف بالاقتصادات الخمسة الهشة - البرازيل، والهند، وإندونيسيا، وتركيا، وجنوب أفريقيا - وهو المصطلح الذي صاغه مورغان ستانلي في توصيف ضعف هذه البلدان في مواجهة تدفقات رؤوس الأموال الكبيرة.

كيف حصنت أميركا الدولار؟

رغم أن إنتاج الولايات المتحدة يمثل 20 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، فإن أكثر من نصف احتياطات العالم وتجارته تجري بالدولار الأميركي. وذلك نتيجة لاتفاقية «بريتون وودز» عام 1944 التي ظهر تأثيرها بعد أن انتهت العلاقة بين الدولار والذهب بصدمة نيكسون عام 1971، ما سمح لأميركا بالتحكم في عرض العملة. إن الدور المحوري للعملة وما تتمتع به من مزايا كبيرة، يسمح لأميركا بتمويل تجارتها بسهولة وسد أي عجز قد يطرأ على موازنتها. ولذلك فإن أميركا في مأمن من أزمات ميزان المدفوعات ببساطة؛ لأنها تستورد وتخدم قروضها بعملتها الخاصة.

من المستفيد من انهيار الأسواق؟

يشبه الجدال الدائر حالياً حول تقييم الأسهم، النقاشات المبهمة التي كانت تدور بين الرهبان خلال العصور الوسطى، رغم أنه في واقع الأمر تبدو المحركات وراء هذه القيم عادية ومألوفة. من جهتهم، يرغب المستثمرون في أن يكونوا الرابح من الانهيار المقبل، لكن المشكلة تكمن في أنه من الأسهل أن تتوقع حدوث انهيار أكثر من الاستفادة منه. من أجل جني أموال من وراء انحسار في الأسواق، يمكنك اللجوء إلى البيع قصير الأجل أو التحول من الأصول المخاطرة إلى الأخرى الدفاعية. ويتطلب النجاح أن تضع تقديراً دقيقاً لتوقيت وحجم أي تحول في قيم الأسهم. كما تحتاج إلى التكهن بفئات الأصول والأسواق التي ستتأثر، وكذلك مسببات الإصابة.

هل تستطيع لندن الصمود؟

منذ تصويت بريطانيا لصالح خروجها من الاتحاد الأوروبي، نشأ جدل بين المحللين حول مصير المدينة. وقد وظف قطاع الخدمات المالية البريطاني في عام 2016 أكثر من مليون شخص (3.1 في المائة من الوظائف المتاحة في أنحاء المملكة المتحدة)، وساهم في نحو 7.2 في المائة من إجمالي القيمة المضافة للمملكة المتحدة، أي أكثر من نصف إسهام لندن.

الابتكار والركود

يعتقد صناع السياسات أن التكنولوجيا سوف تنقذهم. وليس ذلك سوى وهم كبير. الابتكار، كما يأمل الكثيرون، سوف ينقذ العالم من الركود الاقتصادي. لكنني غير واثق بذلك. إن المدى الذي تبلغه أهمية الابتكار يتوقف على درجة نجاحه في تغيير النشاط القائم أو الأداء الراهن لوظيفة من الوظائف. ولا بد من أن توجد أنشطة ذات صلة وأخرى فرعية، والتي تؤدي بدورها إلى زيادة فرص العمل، والثروات، وغير ذلك من الاكتشافات في الدورة الفعالة. ولا بد من أن يتسم بطول العمر، والمقدرة على الاستغلال على فترات طويلة.

الإصلاح ليس علاجًا لكل شيء

بعد مرور ما يقرب من عشر سنوات على الأزمة المالية العالمية، لا يزال التعافي الاقتصادي مخيبا للآمال وليس هناك شيء يبدو أنه يساعد في تغيير الأوضاع – لا التحفيز المالي الهائل، ولا تدني المعدلات بشكل قياسي، ولا الضخ السخي من السيولة المالية من جانب البنوك المركزية. وهناك شبه اتفاق بين جموع صناع السياسات في واشنطن إلى لندن وحتى طوكيو على أنه هناك إجابة واحدة باقية: الإصلاح الهيكلي.