روبرت فورد

روبرت فورد
السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن

توازنات ومكاسب تركيا من أوكرانيا

لدى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كثير من النقاد في الولايات المتحدة، لكن توازنه الحذر بشأن أوكرانيا يعطي دروساً حول كيف يمكن للدبلوماسية أن تغير عدم الارتياح إلى ميزة سياسية. استعاد إردوغان نفوذه في حلف «الناتو» رغم استمرار علاقاته الاقتصادية الوثيقة مع روسيا. إردوغان شخصيته صعبة، لكنه تجنب تهديد أي من الجانبين في الصراع الأوكراني. والرئيس جو بايدن شخصياً شدد على أن الرئيس بوتين يجب ألا يبقى في السلطة، ما أثار دهشة العالم. وأعلنت واشنطن في وقت لاحق أن بايدن كان يعبر عن رأيه الشخصي فقط، لكن السياسيين الأميركيين ومحللي السياسات الخارجية يأملون علناً في هزيمة كبيرة لروسيا.

ليس هناك اتفاق مع إيران بإمكانه مساعدة الجمهوريين

تشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الأميركيين يرون أن سياسات بايدن الخارجية فاشلة الأمر الذي يمنح الجمهوريين فرصة أفضل للفوز في انتخابات 2022 على ما يبدو، لن تتمكن إدارة بايدن من التوصل إلى اتفاق مع طهران بخصوص برنامج إيران النووي. وخرج ديفيد إغنيشس، الكاتب المطلع في صحيفة «واشنطن بوست»، على القراء في 8 أبريل (نيسان)، ليعلن أن بايدن لن يقبل شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية. من ناحيته، أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في 6 أبريل، أن الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية».

الخطر النووي جدِّي... ولا بد من مخرج لروسيا

عندما كنت طفلاً في مدرسة ابتدائية في كولورادو عامي 1964 و1965، كنا نخوض بعض الأحيان تدريبات خاصة للتعامل مع هجوم نووي. كنا ننزل أسفل مكاتبنا وأيدينا فوق رؤوسنا وننتظر. اليوم، لاحظت أن أياً من طلابي في جامعة «ييل» لم يخض مثل هذه التدريبات خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ويعود ذلك إلى اعتقاد معظم الأميركيين أن خطر الحرب النووية انحسر. ومثلما كتب عثمان ميرغني، الأسبوع الماضي، عبر صفحات هذه الصحيفة، فإن خطر نشوب حرب نووية بين روسيا والغرب ضئيل؛ لكنه آخذ في التنامي.

إيران تواجه خيارات مُرة

ظنّ المفاوضون أنهم على وشك الانتهاء. وشرعوا في التخطيط للاحتفال بالإعلان عن الاتفاق الجديد. وقال المسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي إن نص الاتفاق انتهت صياغته تقريباً. ثم جاء في هذه الساعة المتأخرة عمل تخريبي آخر في قصة البرنامج النووي الإيراني الطويلة. هذا العمل التخريبي لم يكن فيروساً تقنياً من أميركا أو إسرائيل، أو اغتيالاً إسرائيلياً لعالم إيراني. بدلاً من ذلك، قامت روسيا بفكّ الارتباط في المفاوضات النووية الإيرانية اعتباراً من 5 مارس (آذار) عبر المطالبة بإعفاءات من العقوبات الغربية التي يمكنها إعاقة التجارة الروسية مع إيران. وتوقفت المحادثات بتاريخ 8 مارس.

لا تنسَ الأزمة الإنسانية في الشرق الأوسط

أقرأ العديد من التحليلات للآثار الجيوستراتيجية للحرب في أوكرانيا وتأثيرها الاقتصادي في جميع أنحاء العالم. لكن لسوء الحظ، لا توجد مناقشة جادة حتى الآن حول الآثار السلبية للأزمة الأوكرانية على اللاجئين والنازحين في الشرق الأوسط، خاصة سوريا واليمن. ومن الضروري ألا ننسى هؤلاء الناس. أولاً، فيما يخص الجانب المالي لأزمة أوكرانيا، وبحسب الأمم المتحدة، لجأ نحو 370 ألف أوكراني إلى دول أوروبا الشرقية، وشأن اللاجئين في الحروب الأخرى، سوف يحتاج جميع هؤلاء إلى المساعدة. قبل أزمة أوكرانيا، لم تكن ميزانيات الدول المانحة للمساعدات الإنسانية كافية لمواجهة الأزمات في سوريا واليمن.

أميركا بين التحليل والعاطفة

تنشأ السياسة الأميركية في التعامل مع أوكرانيا من الخلط بين التفكير التحليلي لدى خبراء الأمن القومي والعواطف لدى عامة المواطنين الأميركيين التي تؤثر على الساسة. على الجانب التحليلى، كان الجدال قائماً بين الخبراء والمسؤولين حول ما إذا كان توسيع الناتو ليشمل الدول الشيوعية السابقة، مثل بولندا وبلغاريا ورومانيا بعد الحرب الباردة، أثار الغزو الروسى لأوكرانيا، أم لا. وقد حُسمت هذه الحجة الآن في واشنطن. فالجانب الفائز يؤمن إيماناً راسخاً بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ديكتاتور يسعى لإعادة إحياء الإمبراطورية الروسية القديمة أو الاتحاد السوفياتي.

استعدوا لتداعيات الحرب الأوكرانية

لا أعرف على وجه اليقين ما إذا كانت روسيا ستغزو أوكرانيا في النهاية أم لا، لكنني أعلم جيداً أنه إذا حدث ذلك، ستبدأ فصول حرب باردة جديدة، الأمر الذي سيخلف تداعيات كبرى على الاقتصاد العالمي. وفيما يلي ثلاث عواقب كبرى تلوح في الأفق. أولاً: سيطلق غزو أوكرانيا رسمياً حرباً باردة جديدة بين واشنطن وحلفائها الرئيسيين من جانب، وروسيا وربما الصين على الجانب الآخر. وتبدو لغة الخطاب ومستوى الانفعال داخل واشنطن متأججين بالفعل.

ليس كل الأميركيين يريدون مساعدة أوكرانيا

بعد مرور 31 عاماً على تحرير الكويت، ما زال عديد من الناس يعتقدون أن الولايات المتحدة نفذت تلك العملية بسبب النفط. وأشار ريتشارد هاس الذي كان أكبر مسؤول في شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض في مذكراته، إلى أن الرئيس بوش الأب طرد القوات العراقية من الكويت ليس بسبب النفط، وأنه أراد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي نظاماً دولياً جديداً يوقف العدوان على البلدان الصغيرة. والآن، في فبراير (شباط) 2022، كانت وجهة النظر السائدة في واشنطن حول سبب مساعدة أوكرانيا هي وجهة النظر نفسها لبوش الأب بشأن الكويت.

الأسد ينقذنا من خيار رهيب

من السهل الترحيب بقرار المحكمة في «كوبلنز» الألمانية، الذي أدان أنور رسلان، بالمسؤولية عن التعذيب والاغتصاب والقتل في «الفرع 251» في المخابرات السورية في دمشق. عندما كنت سفيراً في دمشق، سمعت من السوريين عن مراكز الاعتقال العديدة، من بينها «الفرع 251». كنا نعرف «نظرياً» عن إساءة معاملة السجناء، لكن بعد اطلاعي على صور «قيصر»، بدأت أدرك مدى الوحشية الهائلة. أدانت محكمة كوبلنز عقيد الاستخبارات العامة السورية المذكور بالتورط في 27 قضية تعذيب واغتصاب وقتل في «الفرع 251».

أميركا لن تغادر الشرق الأوسط

رأيت في العام الذي مضى 2021 العديد من الناس يدّعون أن الولايات المتحدة ستتخلى عن الشرق الأوسط. هذه توقعات سطحية. فالولايات المتحدة مقيمة في الشرق الأوسط، كما كتبت المحللة داليا كاي من جامعة كاليفورنيا - فرع لوس أنجليس في مجلة «فورين أفيرز» الشهر الماضي. لقد أنهت إدارة الرئيس جو بايدن استعراضاً كبيراً للانتشار العسكري الأميركي في مختلف أنحاء العالم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني).