من وجهة نظر واشنطن، يبدو خصومها ضعفاء، وهذه هي اللحظة المناسبة لاتخاذ واشنطن مواقف أكثر عدوانية تجاه هؤلاء الخصوم في مختلف أرجاء العالم، من آسيا إلى أوكرانيا إلى إيران.
ويعتبر الخلاف الغريب حول منطاد التجسس الصيني المثال الأحدث على هذا الصعيد. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصين أصدرت بياناً أعربت فيه عن أسفها على اختراق المنطاد المجال الجوي الأميركي، وذلك في إشارة من بين عدة إشارات إلى رغبة بكين في الحيلولة دون تردي العلاقات بين البلدين.
الأسبوع الماضي، ذكرتني الأنباء القادمة من أوكرانيا والصين والولايات المتحدة، مرة أخرى، بأننا ندخل في نظام عالمي جديد، حيث لا تملك أي دولة واحدة الهيمنة على النظام، وثمة حاجة أكبر للجهود الدبلوماسية الحكيمة لتجنب الحرب.
ومع اقتراب الذكرى الأولى للاجتياح الروسي لأوكرانيا، يبدو واضحاً أكثر من أي وقت مضى أن روسيا تمثل قوة آخذة في التراجع. فقد عجزت روسيا، تحت قيادة بوتين، عن اجتياح أوكرانيا، رغم أن سكان روسيا ثلاثة أضعاف سكان أوكرانيا، واقتصاد الأولى قرابة عشرة أضعاف حجم اقتصاد الثانية.
اندلعت مظاهرات ضخمة، قبل أيام، في مناطق من سوريا، رفضاً للتقارب بين حكومة بشار الأسد وتركيا.
ربما أكون شديد الارتياب والتشاؤم، ويتعيَّن عليَّ كذلك الاعتراف بالأخطاء الكثيرة التي اقترفتها عندما عملت في الملف السوري منذ عشر سنوات، لكن رأيي باختصار هو أن هذه لعبة سياسية بين الأتراك في عام انتخابات، بجانب مساعي الرئيس إردوغان للفوز ببعض المزايا لحساب المصالح التركية الحيوية في شمال سوريا، في مواجهة دمشق وموسكو والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
أولاً: لا تخلو السياسات الانتخابية من صعوبة أمام إردوغان.
التنبؤ بمستجدات الساحة السياسية والسياسة الخارجية الأميركية عام 2023 ليس بالأمر الهيّن بالتأكيد. ومع ذلك، تبقى هناك بعض التوجهات الواضحة. وإذا ما راقبنا عن قرب بعض التطورات المحورية، يمكننا حينها توقع أحداث العام المقبل على نحو أفضل:
أولاً: رغم فشل الحزب «الجمهوري» في حصد الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، فإنه سيسيطر على مجلس النواب.
ثارت تكهنات إعلامية كثيرة بشأن التقارب السوري - التركي. وأشار مسؤولون روس، من بينهم المتحدث باسم الكرملين والمبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، يوم الجمعة الماضي، إلى أن موسكو تحاول ترتيب لقاء بين الرئيسين إردوغان والأسد. ولا أتوقع، من جانبي، في أي وقت قريب أن أرى صورة تجمع إردوغان «الكئيب» مُصافحاً الأسد «المبتسم» في موسكو.
يتفق الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد على قضية واحدة، ألا وهي رفض إقامة حكم ذاتي حقيقي داخل المناطق الكردية السورية.
التقى الرئيس الأميركي جو بايدن بنظيره الصيني شي جينبينغ في إندونيسيا، الأسبوع الماضي، وأخبر العالم أنه لا داعي لاشتعال حرب باردة جديدة. السؤال هنا: هل هو جاد؟
يعي أي مراقب يتابع الساحة السياسية العالمية الآن، أن الولايات المتحدة تحاول تقليص النمو والنفوذ الصينيين.
في الوقت ذاته، لا تخفي الحكومة الصينية رغبتها في أن تحل محل الولايات المتحدة في قلب النظام الدولي. وفي أبريل (نيسان) الماضي، طرح الرئيس الصيني في خطاب له، ما أطلق عليه «مبادرة الأمن العالمي» الجديدة التي تصر على أن الدول والمجتمعات يمكنها اختيار أنظمتها المحلية الخاصة بها.
على ما يبدو، سيكون الرئيس بايدن أحد الخاسرين في انتخابات 8 نوفمبر (تشرين الثاني). كان هو وحزبه الديمقراطي يأملان في أن تجتذب قضية الإجهاض القانوني معظم الناخبين، لكن الحزب الجمهوري وجد في التضخم في الاقتصاد قضية سياسية أقوى. ويتفق معظم المحللين السياسيين على أن الحزب الجمهوري سيفوز بالسيطرة على مجلس النواب، وقد يفوز كذلك بالسيطرة على مجلس الشيوخ.
وربما لن نعرف الحزب الذي ستكون له الهيمنة على مجلس الشيوخ على وجه اليقين لأيام وأسابيع بعد اقتراع 8 نوفمبر.
في خضم أعمال العنف الخطيرة بالضفة الغربية، أصدرت الهيئة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريراً في 20 أكتوبر (تشرين الأول)، خلص إلى أن الاحتلال الإسرائيلي خالف القانون الدولي، لأن الحكومة الإسرائيلية تحاول تكريس الاحتلال الدائم مع استمرار بناء المستوطنات. وحث خبراء الأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية في لاهاي، على تقديم رأيها بشأن الاحتلال.
من ناحية أخرى، قد تُحال زاوية أخرى من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني إلى المحكمة العليا الأميركية.
صدمني الرئيس بايدن عندما صرح في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بأننا أقرب ما نكون إلى حرب نووية منذ عام 1962 وأزمة الصواريخ الكوبية. وأشار بايدن إلى الرئيس بوتين، وقال إنه من الصعب، في حال استخدام الأسلحة النووية التكتيكية الصغرى، وقف التصعيد إلى مستوى الحرب النووية الشاملة.
معذرة!
إذا نظرنا إلى علاقات الولايات المتحدة مع العراق كنموذج، سنجد أن السياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط لم تتكيف مع كبرى المشكلات في القرن الحادي والعشرين.
على سبيل المثال، قبل ثلاثة أسابيع، التقت باربرا ليف، وهي زميلة سابقة محترمة وتتقلد اليوم منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، كما أنها كبيرة المسؤولين عن إدارة العلاقات اليومية مع دول المنطقة، ودبلوماسية لديها خبرة خاصة في ملف العراق، الرئيس العراقي ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب.