د. جهاد أزعور
- مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي

زمن التحولات الاقتصادية الكبرى في الشرق الأوسط

يطوي العالم ومنطقة الشرق الأوسط عامهما الثاني في مواجهة أزمة صحية واقتصادية عالمية غير مسبوقة على وقع تحديات جديدة كتداعيات تفشي الموجات المتكررة من الجائحة وآخرها متحور «أوميكرون» وظهور تحولات اقتصادية مستجدة، كارتفاع معدلات التضخم وتزايد أوجه عدم اليقين حول المستقبل الاقتصادي.

لحظة تحوّل فارقة للشرق الأوسط... تحديات وفرص لمستقبل أفضل

يستمر اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعافي التدريجي في ظل تحقيق العديد من البلدان تقدماً ملحوظاً هذا العام بعد أزمة صحية واقتصادية استثنائية. ويتوقع صندوق النقد الدولي نموا للمنطقة بنسبة 4.1 في المائة في العامين الحالي والمقبل. ويشكل ذلك انتعاشاً ملموساً بالمقارنة مع الانكماش غير المسبوق في الناتج المحلي خلال العام الماضي.

أهمية إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة في منطقة الشرق الأوسط

في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من جائحة (كوفيد – 19)، تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى سؤالاً وجودياً: هل تكون الجائحة إيذاناً بعقد اجتماعي جديد من شأنه مساعدة البلدان على الخروج منها بوضع أقوى وتحقيق نمو احتوائي قوي ومستدام يُسَهِّل خلق الوظائف ويحد من الفقر وعدم المساواة؟ أم أن البلدان ستهدر فرصة القرن بالعودة إلى عصر الإصلاحات البطيئة؟ ونظراً للحيز المحدود الذي تتيحه ميزانيات بلدان المنطقة في الغالب، فلن يكون بمقدورها تأجيل الإصلاحات، وينبغي أن تكون إعادة النظر في دور المؤسسات المملوكة للدولة عنصراً بارزاً في هذه الإصلاحات.

كيف نجعل من 2021 عاماً فارقاً؟

في أعقاب أزمة غير مسبوقة تلوح فرصة لا تتكرر إلا مرة كل جيل أمام بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإحداث تحول في اقتصاداتها وبناء مستقبل أفضل لمواطنيها. والاختيار واضح أمام صنّاع السياسات: هل تؤدي الجائحة إلى تقهقر المنطقة سنوات إلى الوراء؟ أم أن البلدان ستخرج منها بخطى ثابتة على مسار نحو مستقبل أكثر خُضرة وشمولاً للجميع؟ وإذ تخوض المنطقة العام الثاني من الجائحة، توضح توقعاتنا الاقتصادية الأخيرة ما ينتظر بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مخاطر وفرص. تشهد المنطقة تعافياً بازغاً، حيث يُتوقع لنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي أن يبلغ 4 في المائة في عام 2021.

ماذا بعد الوباء؟ خريطة طريق التعافي في منطقة الشرق الأوسط

شكلت أزمة «كوفيد - 19» تحدياً كبيراً لدول واقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنها توفر أيضاً فرصة نادرة في سعيها للانتقال إلى نموذج تنموي جديد يساهم في تعزيز مستوى النمو وفي تسريع التحول نحو مسار أكثر استدامة وشمولية. وقد لاحت مؤخراً بوادر أمل مع التطور غير المسبوق للقاحات الذي يضفي بعض التفاؤل بالعودة التدريجية إلى شكل من أشكال «الحياة الطبيعية». مع ذلك، لا يزال الطريق إلى التعافي غير مؤكد ومتعثراً في بعض الحالات، حيث لا يزال العديد من بلدان المنطقة يصارع الموجة الثانية مع ارتفاع أعداد الإصابات والفرص المحدودة للحصول على اللقاحات هذا العام.

الحاجة إلى مكافحة الفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

على غرار ما جرى خلال الأحداث الكبرى في التاريخ الحديث، تسلط الأزمة الصحية والاقتصادية الناتجة عن جائحة «كوفيد - 19» الضوء على أهمية الدور الحيوي الذي تلعبه المؤسسات العامة. تقع مسؤولية المواجهة على عاتق الدولة عندما تطرأ المحن، لا سيما تلك التي تُعرِّض حياة الملايين وسبل عيشهم للخطر. لذلك فإن التأكد من أن المؤسسات العامة تعمل بفاعلية وأنها قبل كل شيء أهل لثقة المواطنين الذين تخدمهم، هو حجر الأساس لبناء اقتصادات مستقرة وأكثر أماناً وشمولية.

حَذار من إضاعة فرصة الأزمة

حان الوقت لمعالجة مواطن الضعف التي تعاني منها الاقتصادات الصاعدة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. تواجه اقتصادات الأسواق الصاعدة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى واحدة من أشد الأزمات وأوسعها نطاقاً على الإطلاق، حيث تشهد موجة من الصدمات سريعة التطور تتراوح بين جائحة (كوفيد - 19)، وتَقَلُّب الأسواق المالية، وهبوط أسعار النفط، والإغلاق العام على المستوى المحلي.

بناء مستقبل اقتصادي مشترك في المغرب العربي

في عام 1989، أي منذ ثلاثين عاماً بالتحديد، قامت البلدان المغاربية الخمسة - الجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس - بإنشاء اتحاد المغرب العربي لتشجيع التعاون والاندماج بين الدول العربية الواقعة في شمال أفريقيا. وفي ذلك الوقت، كان ثمة إدراك واسع النطاق بأن هناك مزايا واضحة يمكن تحقيقها من زيادة الاندماج الاقتصادي. ومن المؤسف أن هذه الجهود تعثرت منذ ذلك الحين.