جولة «بيروت في الليل» على الدراجات ينتظرها روّادها أسبوعياً

لبنانيون يشاركون في جولة «بيروت في الليل» على درّاجاتهم الهوائية
لبنانيون يشاركون في جولة «بيروت في الليل» على درّاجاتهم الهوائية
TT

جولة «بيروت في الليل» على الدراجات ينتظرها روّادها أسبوعياً

لبنانيون يشاركون في جولة «بيروت في الليل» على درّاجاتهم الهوائية
لبنانيون يشاركون في جولة «بيروت في الليل» على درّاجاتهم الهوائية

متعة التجوّل في شوارع بيروت وأزقتها صارت بمثابة تقليد أسبوعي ينتظره اللبنانيون مساء كلّ خميس، يمارسون خلالها رياضتهم المفضّلة ألا وهي ركوب الدراجة الهوائية.
فضمن جولة «بيروت في الليل» التي تنظمّها جمعية «سايكلينغ سيركل» ستقام في 17 الجاري رحلة ضمن مناطق العاصمة اللبنانية لهواة هذا النوع من الرياضة، بحيث يمضون نحو ثلاث ساعات (ابتداء من 8.30 لغاية 11 مساء) لا تشبه أبدا تلك التي يقومون بها عادة خلال النهار في ظلّ زحمة السير التي تسود تلك الطرقات.
«هو تقليد أسبوعي أدرجناه على لائحة النشاطات البيئية في العاصمة لتوعية اللبنانيين على ضرورة استعمال الدراجة الهوائية بدل السيارة، ولتمضية وقت مسلّ يختمون به أسبوع عمل مضن»، يوضح كريم السخن أحد منظمي هذا الحدث الذي بدأت الجمعية المذكورة العمل به منذ عام 2012. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كثير من المشاركين في هذه الجولة يهوون مشاهدة بيروت والسير في شوارعها عند المساء، ففي هذا الوقت تخلو من زحمة السير الخانقة التي تسودها طيلة النهار، كما أنّ التجوّل في أزقّتها القديمة وبموازاة بحرها لهو بمثابة مشروع سياحي داخلي يستمتعون بالقيام به أسبوعياً».
فأكثر من 80 شخصاً من عمر الـ18 سنة وما فوق يسجّلون أسماءهم من دون تردّد، في هذا الحدث أسبوعيا بعد أن حدّد الخميس موعداً لالتقائهم. فيتجمّعون في شارع الجميزة، ومنه ينطلقون موزّعين على ثلاث فرق. فيركبون دراجتهم الهوائية لتشمل جولتهم هذه مناطق مار مخايل وسن الفيل وبدارو ورأس النبع مروراً بساحة ساسين وشارع مونو ووصولا إلى مناطق الحمرا والمنارة والروشة.
«تقسّم الفرق على مستويات ثلاث، فيقطع المحترفون من بين هؤلاء نحو 35 كيلومترا، بينما لا تتجاوز المسافة التي يقطعها الفريق المتوسّط 25 كيلومترا. ولنصل إلى فريق المبتدئين الذي نحدّد له مسافة 15 كيلومترا فقط لاجتيازها». يشرح كريم الذي يشرف مع 9 من زملائه على هذا الحدث أسبوعياً. ويشير إلى أنّ شروطاً محدّدة يجب أن يتّبعها المشاركون في هذا الحدث، بحيث إنهم يجبرون على ارتداء الخوذة على رؤوسهم وعدم تجاوز زملائهم من ناحية اليمين، وكذلك يمنع عليهم التحدّث عبر الجهاز المحمول أو استعمال خدمة الرسائل الإلكترونية فيه. والجدير ذكره أنّ هذه الجولة التقليدية يمكن أن تحمل برنامجا سياحيا بامتياز وفقا لرغبة الزبون الذي عليه أن يطلع الشركة المنظمة عن رغبته هذه، فتنظّم له جولة «بيروت في الليل» على الدراجة الهوائية، تتخلّلها أوقات استراحة يتناول خلالها وجبة طعام في أحد مطاعمها، أو يرتشف فنجان قهوة في أحد مقاهيها. كما يمكنه أن يزور متحفاً أو معلماً دينياً أو أثرياً وذلك حسب الرغبة.
لا تخلو شوارع بيروت في الليل من السيارات، ولذلك يمشي هواة ركوب الدراجة الهوائية بمحازاتها، ممنّنين النفس بأن تنضم بيروت يوما ما إلى لائحة المدن التي تخصّص ممرات لسير الدراجات الهوائية، من خلال قانون يصدر عن الدولة اللبنانية.
حدث أسبوعي تشهده بيروت مرّة في الأسبوع يتوالى تنظيمه في مناطق كثيرة من لبنان، بحيث ستشهده منطقة الشوف وبالتحديد محمية الأرز (في 28 الشهر الجاري) وفي وادي بسري (في 19 الجاري) الواقعة في إقليم الخرّوب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».