إطلاق 3 تطبيقات ذكية لموسم الحج

40 دراسة قدمت حلولاً لاستيعاب الحجاج وحددت التأثيرات البيئية للتوسعات الإنشائية

TT

إطلاق 3 تطبيقات ذكية لموسم الحج

أعلن معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، تدشين ثلاثة تطبيقات ذكية لحج هذا العام، إضافة إلى 40 دراسة بيئية وهندسية وعمرانية وطبية، أبرزها دراسات معدلات التضخم في مكة المكرمة، وتوزيع مخيمات منى باستخدام خوارزميات التحسين لمعالجة تدفق جميع الحجاج بها خلال ثلاثة أيام، ورصد عناصر الطقس ودورة الهواء في مكة والمشاعر المقدسة.
ذكر رئيس قسم البحوث في المعهد الدكتور عثمان قزاز لـ«الشرق الأوسط»، أن أحد التطبيقات يدعى «ماجل» وهو نظام ذكي يتابع الشبكات الاجتماعية ومصادر الأخبار العربية فيما يتعلق بالحج والعمرة بشكلٍ آلي من خلال خوارزميات لتصنيف المدخلات واختيار ما له علاقة بالحج والعمرة فقط، وبناء واجهة مراقبة لمتابعة توجهات الشبكات الاجتماعية وتحليلها لحظياً.
وكشف الملتقى الذي نظمه معهد خادم الحرمين في مكة المكرمة، أمس، بحضور مسؤولين وباحثين من مختلف الجنسيات عن دراسة توزيع مخيمات منى باستخدام تقنية خوارزميات التحسين؛ نظراً لضيق مساحتها التي يجب أن تستوعب الحجاج جميعاً في ثلاثة أيام، إضافة إلى يوم التروية وبعض الجهات الحكومية؛ لذا يجب إيجاد آلية تقنية فاعلة لتحسين توزيع مخيمات الحجاج بطريقة مثلى.
وأشار إلى أن إحدى الدراسات تقدّر معدلات التضخم في مكة المكرمة في موسمي الحج والعمرة، وتعنى بتركيب رقم قياسي كمؤشر لأسعار السلع والخدمات التي تهم المعتمر وآخر أسعار السلع والخدمات التي تهم الحاج، فضلاً عن دراسة أخرى لرصد الظواهر السلبية من بعض الزوار في الحرمين الشريفين، وتوضع الدراسة على طاولة الجهات ذات الاختصاص لتوعية الحجاج سواء من حجاج مؤسسات أرباب الطوائف أو حجاج الداخل للحفاظ على قدسية المكان.
وأضاف أن معهد خادم الحرمين الشريفين طرح رؤيته في تطوير منظومة الإعاشة بإيجاد آلية واضحة في تصنيف المنشآت الغذائية، وإيجاد نظام يضمن سلامة الغذاء يرتكز على نظرية منع الخطر الغذائي قبل حدوثه، عن طريق تحديد نقاط حرجة والتحكم فيها خلال مراحل وإعداد تصنيع الغذاء المختلفة وليس عند الانتهاء من تصنيع الوجبات الأمر الذي يجعله نظاماً غذائياً ورقابياً معاً. وتطرق قزاز إلى دراسة لفحص جرثومة الليجيونيلا في مساكن الحجاج لمعرفة معدلات انتشارها، وطرح أمثلة للتعامل معها وتقليل انتشارها، فضلاً عن دراسة لحصر وإدارة النفايات الطبية بمساكن الحجاج والمعتمرين؛ للتعرف على كميتها ووضع تصور شامل للطريقة المثلى لإدارة هذه النفايات بشكل صحيح
وأوضح، أن إحدى الدراسات ترصد عناصر الطقس ودورة الهواء بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة لمتابعة التأثيرات البيئية للتوسعات الإنشائية، إضافة إلى رصد العوامل المناخية والإشعاع الشمسي الساقط بها، والتعرف على أكثر الأمراض انتشاراً بين المعتمرين، واستكمال قاعدة البيانات الخاصة بها، أما في الجانب الهندسي فظهرت دراسة تحدّد الأماكن المعرضة لمخاطر السيول داخل منطقة الحدود الإدارية لمكة وتحديد أسباب وأماكن التعديات التي يمكن أن تهدّد المخططات السكنية إضافة إلى استكمال قاعدة البيانات الخاصة بالتحاليل الكيماوية والبيولوجية لمياه زمزم.
وأشار إلى أن دراسة تختص ببناء مؤشرات قياس أداء مرافق وخدمات العمرة، يمكن قياسها وتطويرها، والاستفادة منها للجهات الحكومية وشركات العمرة؛ ليكون المعهد الجهة الاستشارية لجميع أبحاث الحج والعمرة، إضافة إلى إعداد المعايير التصميمية لواجهات مباني إسكان الحجاج والمعتمرين بناءً على محاور عدة، أهمها الحفاظ على سلامة الحجاج والمعتمرين والتعامل مع الظروف المناخية والبيئية وتأصيل الهوية العمرانية في مكة.
وقال قزاز، إن دراسات تجرى لتقييم نظام النقل الترددي بين المسجد الحرام ومواقف حجز المركبات من خلال متابعة وتقييم الأداء التشغيلي للخدمة، ورصد الإيجابيات والسلبيات، ووضع التوصيات لتطوير الخدمة.
وتحدث عن دراسة تكشف عن دور «تويتر» في بناء الوعي بمناسك الحج والعمرة، ودور التطبيقات الذكية في التعريف بالأماكن السياحية في المدينتين المقدستين، إضافة إلى نمذجة محاكاة لطرق تنظيم الزيارة للروضة المقدسة بالمسجد النبوي وتطويرها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».