«الفن يجمعنا»... إطلالة فنية بروح شبابية في معرض بالقاهرة

70 لوحة تتوحد في مضمونها وتختلف في الخامات والأسلوب

لوحتان لعادل الليثي - من مجموعة محمد طارق المنياوي
لوحتان لعادل الليثي - من مجموعة محمد طارق المنياوي
TT

«الفن يجمعنا»... إطلالة فنية بروح شبابية في معرض بالقاهرة

لوحتان لعادل الليثي - من مجموعة محمد طارق المنياوي
لوحتان لعادل الليثي - من مجموعة محمد طارق المنياوي

«الفن يجمعنا»، اسم يشعر به المتجول بين جنبات هذا المعرض التشكيلي بشكل فعلي، حيث يجمع المعرض 3 فنانين مصريين من الهواة، جميعهم من جيل الشباب يقدمون أنفسهم لأول مرة، وهم مصطفى مسعد خضير، ومحمد طارق المنياوي، وعادل الليثي، الذين تحمست وزارة الثقافة المصرية لرعاية تجاربهم الفنية، من منطلق تقديم الطاقات الإبداعية من الشباب المصري، وتسليط الضوء على مواهبهم.
المعرض الذي استضافته مؤخرا قاعة «إيزيس» بمتحف «المثّال محمود مختار» بالقاهرة، تتعانق خلاله تجارب تجمع بين الإبداع والتشكيل، وتتوحد في روحها الشبابية، وتختلف في الخامات والأسلوب الفني.
يسير المعرض، الذي يضم 70 لوحة، في 3 خطوط فنية متوازية من الناحية الشكلية؛ فالفنان الأول مصطفى مسعد خضير، الذي ينتمي للمدرسة الواقعية والكلاسيكية، ضمت مجموعته تشكيلة من الرسومات بالقلم الجاف، مثل: «راقصة الباليه»، و«تمثال روماني»، و«رجل من صعيد مصر» وغيرها، وهي مجموعة تشترك في عنصر أساسي، وهو الرسم بالقلم الجاف.
والفنان الثاني محمد طارق المنياوي، المنتمي للمدرسة الواقعية، يرسم بأقلام الرصاص والفحم، ويصنع تشكيلات بالأبيض والأسود، مثل عدد من بورتريهات الملاكم محمد علي كلاي، وصورة رمزية لدبوسين مكسورين.
بينما يهتم الفنان الثالث، عادل الليثي، بالتعبير عن البيئة المصرية، معتمدا على المشاهدة والتجربة، ويترجم ذلك بالتعبير عن الأشخاص والأماكن والأحداث، باستخدام ألوان الإيكريلك، من خلال فن البورتريه، حيث يعشق هذا الفن من عشقه للبيئة المصرية، ويسعى جاهدا لتجسيد هذه البيئة من خلال رؤيته الشخصية لها.
أما على مستوى المضمون؛ فاللافت أن الفنانين الثلاثة يستقون مفرداتهم من واقع البيئة المصرية وتراثها، حيث أفردوا المساحات لاستعراض مهاراتهم المختلفة للتعبير عن ذلك، باستخدام خامات بسيطة.
وبحسب الفنان خضير البورسعيدي، نقيب الخطاطين المصريين، والذي قام بافتتاح المعرض، فإن لوحات «الفن يجمعنا» تحسب لأصحابها الذين لم يدخلوا كليات الفنون، ولكن عندهم الفكرة والدقة والصبر، حيث يقدمون لجمهورهم ورواد المتحف وجبة فنية دسمة، وأعمالاً لا ينقصها التميز والإبداع، وهو شيء مهم جداً في مسيرتهم الفنية في مجال الفن التشكيلي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».