أول إنزال جوي للنظام في البادية لتسهيل مهمة قواته إلى دير الزور

موسكو أعلنت أمس استعادة كامل مدينة السخنة من قبضة {داعش}

عناصر من {قوات سوريا الديمقراطية} يحرسون المواقع الخلفية بينما يتقدم زملاؤهم في حي هشام بن عبد الملك في الرقة (رويترز)
عناصر من {قوات سوريا الديمقراطية} يحرسون المواقع الخلفية بينما يتقدم زملاؤهم في حي هشام بن عبد الملك في الرقة (رويترز)
TT

أول إنزال جوي للنظام في البادية لتسهيل مهمة قواته إلى دير الزور

عناصر من {قوات سوريا الديمقراطية} يحرسون المواقع الخلفية بينما يتقدم زملاؤهم في حي هشام بن عبد الملك في الرقة (رويترز)
عناصر من {قوات سوريا الديمقراطية} يحرسون المواقع الخلفية بينما يتقدم زملاؤهم في حي هشام بن عبد الملك في الرقة (رويترز)

نفذت قوات النظام السوري، بدعم جوي روسي، أول عملية إنزال جوي خلف خطوط تنظيم داعش في البادية السورية منذ بدء الأزمة السورية، استطاعت خلالها السيطرة على قرى صغيرة مكنتها من وصل مواقع سيطرتها، وخففت «الأكلاف البشرية» المترتبة على المعركة التي حصدت أكثر من 600 مقاتل من الطرفين، خلال شهر واحد.
والعملية بدت عسكرية بحتة، تهدف إلى تسهيل التقاء القوات المتقدمة، بعد اختراق صفوف «داعش الخلفية»، لكنها «ليست عملية تماثل الإنزالات التي نفذتها القوات الأميركية في المحافظة»، كما تجمع مصادر معارضة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على أن العملية «لم تستهدف السيطرة على مواقع وتحصينات (داعش) بقدر ما سهلت الأطباق على عناصر التنظيم في البادية». وجاءت العملية غداة معارك قاسية أسفرت عن مقتل الكثير من النظام وحلفائه إثر هجمات مضادة لـ«داعش». وأفادت وسائل إعلام النظام السوري بأن وحدات من قواته «نفذت عملية إنزال جوي ليلي بعمق 20 كم خلف خطوط تنظيم داعش جنوب بلدة الكدير على الحدود الإدارية بين الرقة وحمص»، لافتة إلى أنه «أمنت تقدم القوات لمسافة 21 كم على هذا الاتجاه والسيطرة على خربة مكمان وبلدة الكدير والتقدم لمسافة 12 كم جنوب شرقي الرقة والسيطرة على قرية بير الرحوم».
وأسهم الإنزال الجوي في تضييق الخناق على تنظيم داعش في ريف حمص الشمالي الشرقي، حيث تتواصل الاشتباكات يرافقها قصف جوي كثيف للطائرات والمروحيات الروسية. كما مكّن الإنزال الجوي، وفق مدير المرصد رامي عبد الرحمن، قوات النظام من «تقليص المسافة المتبقية بين قواتها المتقدمة من محور الحدود الإدارية مع الرقة ودير الزور وتلك المتواجدة في شمال مدينة السخنة» في ريف حمص الشمالي الشرقي.
وقال مدير المرصد لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «بات يسيطر على سائر القرى الواقعة شمال ريف الرقة الجنوبي، حتى شمال بلدة الكوم»، إحدى أبرز القرى الواقعة بريف السخنة في البادية، لافتاً إلى أن الإنزال «مكن النظام من إحراز تقدم من أقصى جنوب الرقة وغربها باتجاه المنطقة».
وأسفر الإنزال الذي نفذ قرب الحدود الإدارية مع محافظتي دير الزور والرقة، بحسب المرصد، عن مقتل 25 عنصرا من تنظيم داعش. وقال عبد الرحمن إن 4 طائرات مروحية أنزلت عشرات المقاتلين التابعين للنظام في المنطقة، بدعم وغطاء جوي روسي، وذلك في إطار عملية مستمرة في البادية تمهيدا لهجوم واسع على محافظة دير الزور المجاورة لطرد المتطرفين منها. كما أفاد المرصد السوري بمقتل «ما لا يقل عن ستة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها».
ويعد هذا الإنزال، أول عملية من نوعها تنفذها قوات النظام السوري منذ بدء الأزمة السورية في 2011 وهو الإنزال الأول الذي تنفذه قواته ضد تنظيم داعش، بعد أربع عمليات إنزال على الأقل نفذتها القوات الخاصة الأميركية وحلفاؤها في شمال وشرق سوريا، منذ 2014 استطاعت خلالها تثبيت مواقع سهلت عملية الانقضاض على «داعش» قرب مطار الطبقة العسكري في جنوب الرقة وفي معدان في شرق دير الزور، كما أسفرت عن اقتياد متشددين وقتل آخرين، بينهم القيادي في «داعش» أبو سياف في دير الزور واقتياد زوجته.
لكن عملية النظام في البادية، تختلف في سياقها عن العمليات الأميركية، كون الأخيرة كانت تنفذ في مناطق باردة، وتهاجم مواقع وتمركزات لتنظيم داعش، وتندرج ضمن إطار العمليات النوعية، بحسب ما قال المعارض السوري المتابع للشؤون العسكرية عبد الناصر العايد، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عملية النظام «لا يمكن اعتبارها خرقاً نوعياً». وأوضح: «النظام نفذ الإنزال في مواقع خالية في الصحراء، في وقت يحشد (داعش) عناصره على خطوط المواجهة الأولى ولا يبتكر خطوط دفاع عنها، ذلك أن الطرفين لا يستطيعان تغطية الصحراء».
وقال العايد إن قوات النظام «لا تمتلك القدرات على الإنزال في مناطق ساخنة، ولا في مواقع (داعش)، بالنظر إلى أن إمكانياتها أقل من ذلك، فنزلت في مناطق خالية على مسافة من مواقع تمركز (داعش)، بهدف عسكري هو خلخلة صفوف العدو وأطباق الهجوم عليه من جهتين». وقال إن العملية «تخفف عن النظام خسائره كون التقدم في الصحراء مكلفًا، وهو تكتيك بسيط في حروب الصحراء لتخفيف التكاليف والخسائر وليس تفوقاً».
ويخوض جيش النظام السوري بدعم روسي منذ مايو (أيار) الماضي حملة عسكرية واسعة للسيطرة على منطقة البادية، التي تمتد على مساحة 90 ألف كلم مربع وتربط وسط البلاد بالحدود العراقية والأردنية. ويقتصر وجود تنظيم داعش في محافظة حمص على عشرات القرى المتناثرة في ريفها الشرقي.
وبموازاة معارك البادية، يخوض الجيش السوري عملية عسكرية ضد التنظيم المتطرف في ريف الرقة الجنوبي، منفصلة عن حملة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركيا لطرد التنظيم من مدينة الرقة، معقله الأبرز في سوريا.
ويهدف الجيش النظامي من خلال عملياته هذه إلى استعادة محافظة دير الزور من المتطرفين عبر دخولها من ثلاث جهات: جنوب محافظة الرقة، والبادية جنوبا من محور مدينة السخنة، فضلا عن المنطقة الحدودية من الجهة الجنوبية الغربية.
في غضون ذلك، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن الجيش السوري استكمل، أمس، عملية استعادة مدينة السخنة من قبضة تنظيم داعش، ما يفتح أمامه الطريق للتقدم بغية رفع الحصار عن دير الزور. وأعلن الجيش الروسي، أمس، أن السيطرة على مدينة السخنة «تفتح الاحتمالات أمام القوات الحكومية السورية من أجل شن هجومها وفك الحصار عن مدينة دير الزور». واعتبر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في تصريحات صحافية، أن دير الزور «منطقة مهمة على ضفاف نهر الفرات وهي تعكس بشكل كبير، كي لا نقول بشكل كامل، نهاية القتال ضد تنظيم داعش». وقال شويغو إن المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري اتسعت خلال الشهرين الماضيين «بمرتين ونصف».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.