ألغام «داعش» وقناصوه يعيقان تقدم «قسد» في الرقة

سكان فارون من الرقة نحو قوات سوريا الديمقراطية (أ.ف.ب)
سكان فارون من الرقة نحو قوات سوريا الديمقراطية (أ.ف.ب)
TT
20

ألغام «داعش» وقناصوه يعيقان تقدم «قسد» في الرقة

سكان فارون من الرقة نحو قوات سوريا الديمقراطية (أ.ف.ب)
سكان فارون من الرقة نحو قوات سوريا الديمقراطية (أ.ف.ب)

تتقدم قوات سوريا الديمقراطية ببطء داخل مدينة الرقة بسبب شراسة تنظيم "داعش" في الدفاع عن معقله معتمداً على كثافة الألغام وقناصة محترفين، وفق ما أكدت المتحدثة الرسمية باسم حملة "غضب الفرات" جيهان شيخ أحمد.
وقالت شيخ أحمد في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية ليل أمس (الثلاثاء) من مكتبها في مدينة عين عيسى الواقعة على بعد أكثر من خمسين كيلومترا من مدينة الرقة "تستمر قواتنا في التقدم داخل الرقة ولكن بشكل بطيء". واضافت "منذ بدء الحملة حتى الآن استطعنا تحرير تسعة أحياء من الجهتين الشرقية والغربية، بعضها كبير وواسع وأخرى صغيرة"، مؤكدة ان قوات سوريا الديمقراطية باتت تسيطر على أكثر من خمسين في المائة من مساحة المدينة.
وتخوض هذه القوات منذ شهرين وبدعم من التحالف الدولي بقيادة اميركية معارك عنيفة ضد مسلحي التنظيم لطردهم من معقلهم في مدينة الرقة.
وتواجه هذه القوات مقاومة شرسة من التنظيم الذي لم يبق أمامه وفق شيخ أحمد "بعد حصاره من اربع جهات إلا الاستسلام او الموت.. وهذا ما يجعل رد فعله أشرس واحتياطاته أقوى".
ويعتمد المتطرفون لصد تقدم خصومهم - وفق شيخ أحمد - على "زرع الألغام بشكل مكثف في كل مكان وكل سنتيمتر"، مؤكدة ان التنظيم "لا يفرق بين المدنيين والعسكريين".
ودفعت المعارك داخل مدينة الرقة عشرات الآلاف من المدنيين الى الفرار خوفا. فيما تقدر الأمم المتحدة وجود ما بين عشرين الفا وخمسين الفا داخل المدينة، وترجح مصادر أخرى ان يكون العدد أقل.
ويبطئ مقاتلو التنظيم تقدم الفصائل الكردية والعربية عبر "استخدام قناصين محترفين" وفق شيخ أحمد التي أشارت ايضا الى اعتمادهم على "طائرات استطلاع تستهدف نقاط تجمع قواتنا". كما تحدثت عن اعتمادهم بشكل كبير على الأنفاق، موضحة "بعد أن نحرر أحياء في المدينة يحصل أحيانا ان يتسلل داعش من الخلف عبر الأنفاق".
وغالبا ما يتبع التنظيم المتطرف هذه التكتيكات في المناطق التي يحاصر فيها لصد تقدم خصومه.
ورغم هذه العوائق، تؤكد المتحدثة الرسمية باسم حملة غضب الفرات "اننا نستمر (في التقدم) بخطوات ثابتة مهما كانت بطيئة".
وتحظى حملة "غضب الفرات" التي انطلقت في محافظة الرقة بنوفمبر (تشرين الثاني) بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية عبر غارات جوية تنفذها طائراته ومن خلال نشر مستشارين وقوات خاصة على الارض.
وتؤكد شيخ أحمد ان التنسيق مع التحالف يتركز مؤخراً على التدريب على استخدام طائرات الاستطلاع التي تشكل العنصر الاساسي في عمليات قوات سوريا الديمقراطية. وتضيف "كلما كان الاستطلاع ناجحاً كانت الاصابة أقوى" في صفوف التنظيم الذي ما زال يسيطر على سبعة أحياء على الأقل في المدينة.
وتمتنع شيخ أحمد عن تحديد مدى زمني للسيطرة على كامل الرقة، مكتفية بالقول "يعرف داعش انه سينتهي في الرقة وسيخسر المدينة بعد شهر او اثنين او أربعة، لذلك يعمد الى إطالة عمره اولاً وتوجيه ضربات قاضية لإيقاع الخسائر في صفوف قواتنا".


مقالات ذات صلة

تركيا: القبض على 46 من كوادر التمويل المالي لـ«داعش»

شؤون إقليمية قوات الأمن في إسطنبول خلال مداهمة عناصر «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 46 من كوادر التمويل المالي لـ«داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 46 مشتبهاً بهم في محاولة توفير موارد مالية لأعضاء تنظيم «داعش» الإرهابي من بين 52 مطلوباً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (أ.ف.ب)

تركيا تأمل أن ينهي ترمب التعاون الأميركي مع «الوحدات الكردية» في سوريا

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأحد، إنه يأمل أن ينهي الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعاون واشنطن مع «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - إسطنبول)
الولايات المتحدة​ صورة من «القيادة الأميركية في أفريقيا»... وقد نفذ الجيش الأميركي غارات جوية منسقة ضد عناصر تنظيم «داعش» بالصومال يوم السبت 1 فبراير 2025 (القيادة الأميركية في أفريقيا - أسوشييتد برس)

الصومال: ضربات جوية أميركية تقضي على «قادة رئيسيين» في «داعش»

أعلنت حكومة منطقة بونتلاند، التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي، في شمال الصومال، الأحد، أنّ غارات جوية أميركية قتلت «قادة رئيسيين» في تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (فلوريدا (الولايات المتحدة) - مقديشو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يعلن تنفيذ ضربات ضد «داعش» في الصومال

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة شنّت، السبت، «ضربات جوية» على عدد كبير من مقاتلي تنظيم «داعش» في الصومال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تدريبات مشتركة بين القوات الأميركية و«قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

تركيا تسعى لتشكيل محور إقليمي ضد المسلحين الأكراد في سوريا

تشهد الاشتباكات على محاور شرق حلب بين القوات التركية والفصائل الموالية لها و«قسد» تصعيداً، في ظل محاولات تركيا لتشكيل محور إقليمي للقضاء على المسلحين الأكراد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ما فرص عودة الوساطة الأميركية لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟

ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)
ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)
TT
20

ما فرص عودة الوساطة الأميركية لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟

ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)
ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)

طرح اتصال بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، تناولا فيه نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، من بين قضايا عدة، تساؤلات حول فرص عودة واشنطن للوساطة مرة أخرى بين القاهرة وأديس أبابا، حول السد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل.

ويواجه السد، الذي تقيمه إثيوبيا منذ عام 2011، باعتراضات من دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان)، اللتين تطالبان باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، لضمان عدم تضرر حصتيهما من المياه.

ووفق إفادة البيت الأبيض، فإن ترمب والسيسي، بحثا في اتصال، السبت، ملف «سد النهضة» الإثيوبي، من دون تفاصيل. فيما ذكرت الرئاسية المصرية أن السيسي ناقش مع نظيره الأميركي «تعزيز التعاون في مجال الأمن المائي»، من بين ملفات إقليمية ودولية ناقشها الاتصال.

ولم توضح إفادات المكالمة المصرية والأميركية موقف إدارة ترمب من تطورات قضية «السد الإثيوبي»، إلا أن دبلوماسيين ومراقبين، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «لم يستبعدوا قيام واشنطن بدور الوساطة مرة أخرى، لحل النزاع»، لكنهم أشاروا إلى أنها «ستواجه بتحديات وعقبات تتعلق بتطورات قضايا أخرى إقليمية، منها قضية السلام بالشرق الأوسط، والحرب على غزة».

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

واستضافت واشنطن، خلال ولاية ترمب الأولى، جولة مفاوضات عام 2020، بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، لكنها لم تصل لاتفاق نهائي، بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق الذي جرى التوصل إليه وقتها، حيث اتهمت إثيوبيا أميركا بـ«الانحياز».

ولا يستبعد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، عودة الوساطة الأميركية في قضية السد، لكنه يرى أن «موقف الإدارة الأميركية الحالية لم يتضح، بشأن تطورات الملف، خصوصاً مع الأوضاع الإقليمية الراهنة»، وقال إن «الوضع في غزة، وإجراءات وقف إطلاق النار، يعدان أولوية لدى إدارة ترمب».

ويعتقد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «اتصال ترمب والسيسي، كان تمهيداً جيداً لمشاورات وتفاهمات قادمة»، مشيراً إلى أن «تناول الاتصال لقضية السد، جاء في ظروف إقليمية ودولية مغايرة عن الوضع وقت إدارة الرئيس الأميركي الأولى»، معتبراً أنه «من الصعب الحديث عن موقف أميركي، تجاه السد الإثيوبي حالياً، في ظل ما يحدث في المنطقة، وتداعيات الحرب على قطاع غزة».

ويشير المحلل السياسي الأميركي، ماك شرقاوي، إلى احتمالية أن تستخدم إدارة ترمب ملف السد الإثيوبي بوصفه «ورقة ضغط على الحكومة المصرية، بشأن الوضع في غزة، والقبول بمقترح التهجير، ونقل سكان القطاع، الذي أعلنه ترمب أخيراً»، مشيراً إلى أن «تعاطي الرئيس الأميركي مع القضية الآن سيختلف عن إدارته السابقة».

وكان الرئيس الأميركي، أشار أخيراً، إلى أن «مصر والأردن، يجب أن يستقبلا الفلسطينيين من غزة»، وأعلنت القاهرة رفضها القاطع لهذا المقترح، وقال السيسي إن «تهجير الفلسطينيين ظلم لن تشارك فيه بلاده».

وقد لا تشكل قضية السد الإثيوبي أولوية لدى الإدارة الأميركية الحالية، وفق شرقاوي، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ترمب لن يكترث بتلك القضية إلا حال وقوع ضرر بالغ على مصر والسودان، كما يأتي اهتمامه بها بعد ملفات أخرى مثل غزة، والحرب الأوكرانية، والوضع في البحر الأحمر»، منوهاً بـ«إنهاء أديس أبابا إجراءات ملء السد، دون تأثير كبير على القاهرة والخرطوم» حتى الآن.

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، «قرب اكتمال بناء مشروع السد»، وقال في أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب بحلول نهاية عام 2024 الماضي».

ورغم الاضطرابات الإقليمية، فإن العرابي يؤكد على أن «موقف القاهرة، بشأن قضية السد الإثيوبي، سيظل ثابتاً، من حيث ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل السد».

وتتمسك مصر والسودان بضرورة إبرام اتفاق قانوني بشأن السد الإثيوبي. والأحد، بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، «ملف الأمن المائي للبلدين»، وأكد خلال محادثات في القاهرة «استمرار التعاون والتنسيق المستمر بين البلدين، للحفاظ على المصالح الوجودية المشتركة، وباعتبارهما دولتي مصب لنهر النيل»، حسب «الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره السوداني الأحد بالقاهرة (الخارجية المصرية)

ويرجح المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي والعلاقات الدولية، إيهاب عباس، أن «تشهد العلاقات المصرية الأميركية، تفاهمات في قضايا عديدة، من بينها ملف السد الإثيوبي»، مشيراً إلى أن «ترمب، سبق وأن تفهم المخاوف المصرية من المشروع الإثيوبي»، وأكد «حقهم في الدفاع عن أمنهم المائي».

وبعد إخفاق جولة مفاوضات واشنطن عام 2020، قال ترمب إن «مصر قد تعمد إلى تفجير السد، لأنها لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة».

ورغم أن عباس، يرى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «فرص الوساطة الأميركية في قضية السد قائمة»، لكنه يعتقد أنها «ستواجه تحديات، منها استخدام القضية بوصفها ورقة ضغط في ملفات إقليمية أخرى، مثل ملف السلام بالشرق الأوسط»، وقال إن «وضعية التفاوض حول السد، تختلف حالياً، خصوصاً بعد انتهاء إثيوبيا من عمليتي الملء والإنشاء».

وطالب عباس بضرورة سعي مصر «لإدخال المؤسسات الدولية والإقليمية، مثل الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والاتحاد الأفريقي، للإشراف على اتفاق قانوني ينظم إدارة وتشغيل السد، بصورة لا تجلب الضرر على دولتي المصب».