تركيا تسعى لتشكيل محور إقليمي ضد المسلحين الأكراد في سوريا

تصعيد ضد «قسد»... ومحاولات للتأثير في سياسة ترمب

تدريبات مشتركة بين القوات الأميركية و«قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
تدريبات مشتركة بين القوات الأميركية و«قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

تركيا تسعى لتشكيل محور إقليمي ضد المسلحين الأكراد في سوريا

تدريبات مشتركة بين القوات الأميركية و«قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
تدريبات مشتركة بين القوات الأميركية و«قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

تشهد الاشتباكات على محاور ريف حلب الشرقي بين فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) تصعيداً جديداً، في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن صعوبات تعترض مساعي أنقرة لتشكيل محور جديد في المنطقة للقضاء على وجود المسلحين الأكراد في سوريا.

وتسعى تركيا إلى إنهاء وجود «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تقود قوات «قسد»، والتي تحظى بدعم أميركي، بوصفها حليفاً وثيقاً في الحرب ضد «داعش»، وطرحت في الفترة الأخيرة، أكثر من مرة، نقل السيطرة على السجون التي تحوي آلافاً من عناصر «داعش» وأسرهم في شمال شرقي سوريا، إلى الإدارة السورية الجديدة، بدلاً من «قسد»، واستعدادها لدعم الإدارة السورية في هذه المهمة.

محور إقليمي

وأطلق وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال زيارته لبغداد الأحد الماضي، دعوة إلى بذل جهود إقليمية مشتركة لمواجهة «حزب العمال الكردستاني» في العراق، و«وحدات حماية الشعب الكردية» في سوريا، بالإضافة إلى «داعش». وكرر أن «حزب العمال الكردستاني» يشكّل تهديداً لكل من تركيا والعراق وسوريا.

وزير الخارجية العراقي ونظيره التركي خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثاتهما في بغداد الأحد الماضي (رويترز)

وتُرجمت التصريحات على أنها محاولة من تركيا لتشكيل محور إقليمي ضد المسلحين الأكراد والتخلّص من وجودهم على حدودها الجنوبية، لكن خبراء ومحللين رأوا أنه من الصعب أن تتحقّق شراكة بين بغداد والإدارة السورية الجديدة فيما يتعلّق بمواجهة «وحدات حماية الشعب الكردية».

وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، استبق زيارة فيدان لبغداد، وحذّر -في تصريح خلال مشاركته في «منتدى دافوس»- من أن مهاجمة تركيا لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال سوريا ستكون خطيرة، وستؤدي إلى مزيد من اللاجئين، وهو مؤشر واضح على موقف العراق من دعوة تركيا إلى جهود مشتركة للقضاء على تهديدات «العمال الكردستاني» و«الوحدات الكردية» و«داعش».

وعلى الرغم من ذلك، رأى المحلل التركي، أويتون أورهان، أن هناك إمكانية كبيرة للتعاون بين الدول الثلاث في مكافحة الإرهاب، وأن تأمين الحدود المشتركة وتتبع أنشطة «حزب العمال الكردستاني» و«داعش»، وتبادل المعلومات الاستخبارية بشكل منسق؛ سيكون في مصلحة هذه الدول والأمن الإقليمي معاً.

تركيا وسياسة ترمب في سوريا

بدوره، لفت الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، سادات أرغين، إلى أن فيدان طرح في بغداد صيغة للتعاون متعدد الأطراف ضد «داعش»، تشارك فيها أيضاً دول إقليمية أخرى، وعلى وجه الخصوص تشكيل «تحالف رباعي» من تركيا والعراق والأردن وسوريا، ضد «داعش»، وذلك بهدف نزع الحجة التي تستند إليها أميركا في مواصلة دعمها لـ«قسد» التي تقودها «الوحدات الكردية» والتي تشكل امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا.

سجن الصناعة الذي يضم عناصر «داعش» في شمال شرقي سوريا الخاضع لحراسة «قسد» (رويترز)

وقال إن الاقتراح التركي يهدف إلى إبطال الفرضية القائلة إن «قسد» لا غنى عنها في الحرب ضد تنظيم «داعش»، وفي سبيل ذلك تدعم تركيا توجه الإدارة الجديدة في دمشق برئاسة أحمد الشرع لدعوة «الوحدات الكردية - قسد» إلى حل نفسها، وانضمام أعضائها إلى الجيش السوري الموحد.

وأضاف أرغين: «لكن السلطات الأميركية ردت على مثل هذه الدعوات من دمشق في الأسابيع التي تزامنت مع الفترة الانتقالية في واشنطن بالرد نفسه الذي استخدمته في كل مرة، وهو الاستمرار في دعم (قسد)، وأن حلها سيُضعف القتال ضد (داعش) بشكل يؤدي إلى عودة نشاطه مرة أخرى».

وقال إنه من الممكن افتراض أن فيدان نسّق المسألة مسبقاً مع أحمد الشرع، قبل طرح اقتراح التحالف ضد «العمال الكردستاني» و«الوحدات الكردية» و«داعش»، على محاوريه في بغداد، كما أن موضوع التحالف لا بد أن يكون قد نُوقش خلال المشاورات التي جرت بشكل مكثف بين السلطات التركية والأردنية مؤخراً، والتي كانت قضية الإرهاب في صدارتها.

ترمب مستقبلاً إردوغان في واشنطن خلال ولايته الأولى (أرشيفية)

ورأى أنه من الواضح أن الاقتراح التركي يهدف إلى التأثير في القرار الأميركي في وقت حرج؛ حيث تقوم الإدارة الجديدة في واشنطن بمراجعة السياسة المستقبلية تجاه سوريا، وسيكون للرئيس ترمب الكلمة الأخيرة، وليس من الصعب التنبؤ بأن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سيطرح هذا المقترح على الطاولة في أول لقاء له مع ترمب.

وأوضح أرغين أن هناك بُعداً آخر لخطوة فيدان يتعلّق بخطاب «الملكية الإقليمية» الذي أكده مراراً في الفترة الأخيرة، حيث يدافع فيدان عن أطروحة مفادها بأن دول المنطقة يجب أن تأخذ المشكلات في جغرافيتها بأيديها وتحلها بنفسها، وبالتالي منع الجهات الفاعلة من خارج المنطقة من التدخل فيها.

تصعيد في شرق حلب

في غضون ذلك، قُتل 5 عناصر من الفصائل وأُصيب 8 آخرون بجروح متفاوتة، في استهداف مسيّرات تابعة لـ«قسد» تجمعاتها في جنوب مدينة منبج، كما قتل 8 من عناصر الفصائل، وأُصيب آخرون في استهدافات لـ«قسد»، على محور دير حافر بريف حلب الشرقي، وردت المسيرات التركية بـ4 غارات على المنطقة، ما أسفر عن مقتل أحد عناصر «قسد» وإصابة 3 آخرين، ومقتل مدني واحد، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة.

كما تعرّض محيط سد تشرين بريف منبج الشرقي لقصف جوي من الطيران الحربي التركي، في حين استهدفت «قسد» بالطيران المسيّر سيارتين تابعتين لفصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا في محيط تلة سيرتل بريف منبج، وسط معلومات عن سقوط قتلى وجرحى.

قصف تركي مكثّف على محور سد تشرين شرق حلب (أ.ف.ب)

ونفّذت وحدات خاصة تابعة لـ«قسد» عملية انتقامية في محور جسر قره قوزاق، رداً على القصف التركي على صرين في ريف عين العرب (كوباني) الذي أسفر عن عشرات القتلى والجرحى، استهدفت خلالها قاعدة تركية في «الهوشرية»، ما أدى إلى وقوع إصابات، وتدمير عربات عدة. وتواصل القوات التركية قصفها المدفعي والجوي على مواقع سيطرة «قسد» في أنحاء مختلفة من عين العرب، في تصعيد عسكري واسع النطاق.

وفي الوقت ذاته، استهدفت القوات التركية والفصائل الموالية لها، بالمدفعية الثقيلة والمسيّرات، قرى في الريف الشرقي لمدينة عين عيسى شمال محافظة الرقة. وقُتل عنصر من «قسد» وأُصيب آخر بجروح، في استهداف مسيّرة تركية نقطة عسكرية لـ«قسد» على محور في بلدة أبو راسين بريف محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، بالتزامن مع قصف مدفعي تركي، استهدف قرى بريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

تعزيزات للتحالف الدولي

في الوقت ذاته، استقدمت قوات «التحالف الدولي ضد داعش» تعزيزات عسكرية ولوجستية وطبية وأسلحة على متن طائرة شحن أميركية بحماية طائرة حربية وأخرى مروحية إلى قاعدة خراب الجير بريف رميلان شمال الحسكة.

سجن الصناعة الذي يضم عناصر «داعش» في شمال شرقي سوريا الخاضع لحراسة «قسد» (رويترز)

كما دفعت قوات التحالف برتل من 60 شاحنة تحمل على متنها مدرعات وأسلحة ثقيلة ومدافع وعربات عسكرية وصناديق مغلقة وصهاريج وقود قادمة من إقليم كردستان العراق.

ودخلت إلى قاعدة قسرك، في الحسكة، 20 شاحنة تحمل معدات عسكرية ولوجستية وصهاريج وقود، في إطار تعزيز القواعد العسكرية في ظل الهجوم على مواقع «قسد» من جانب القوات التركية والفصائل.


مقالات ذات صلة

تركيا تؤكد بقاء قواتها وتتحدث عن تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري

المشرق العربي المتحدث الإعلامي لوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك (الدفاع التركية)

تركيا تؤكد بقاء قواتها وتتحدث عن تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري

قالت وزارة الدفاع التركية إن الفترة المقبلة قد تشهد تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري أو أفراد اتصال في وزارتي الدفاع لتحديد الاحتياجات العاجلة وتلبيتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جنود عراقيون ينتشرون عند سياج خرساني ممتد على أجزاء من الحدود مع سوريا (إعلام أمني)

«خلية أزمة» عراقية للتنسيق مع سوريا... برئاسة السوداني

شكّل العراق «خلية أزمة» أمنية تنسق مع الإدارة الجديدة في سوريا، في حين نفى الجيش العراقي حصول اشتباكات في مناطق الشريط الحدودي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الشرع مستقبلاً الوفد الألماني في قصر الشعب (سانا) play-circle 00:48

الشرع يستقبل بيربوك... وافتتاح سفارة ألمانيا في دمشق

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، اليوم (الخميس)، وفداً من ألمانيا على رأسه وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سجن رومية في لبنان (متداولة)

بيروت مستعدّة لتسليم أكثر من 700 سجين سوري إلى دمشق

أفاد مسؤول قضائي لبناني بأن بيروت مستعدّة لتسليم أكثر من 700 سجين سوري، من أصل أكثر من ألفين يقبعون داخل السجون اللبنانية المكتظة، في ملفّ شائك بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق تؤكد شخصية بسام كوسا أنّ الدنيا لا تزال بخير (مشهد من المسلسل)

مسلسل «البطل» السوري... الحرب بائسة وأقدارها بلا رحمة

وجوه الشخصيات تُشبه التلبُّد غير المُنذِر بانفراجٍ آتٍ. الجميع تقريباً يجرُّ جرحاً. مسلسل «البطل» عما تُشوّهه الحروب. كأنه توثيق مرحلة وبوحٌ يناجي الشفاء.

فاطمة عبد الله (بيروت)

المستشفى الإندونيسي في شمال غزة استقبل 43 قتيلا و82 مصابا فجرا

خيم يسكنها لاجئون فلسطينيون بالقرب من منازلهم المدمرة في مدينة غزة (إ.ب.أ)
خيم يسكنها لاجئون فلسطينيون بالقرب من منازلهم المدمرة في مدينة غزة (إ.ب.أ)
TT

المستشفى الإندونيسي في شمال غزة استقبل 43 قتيلا و82 مصابا فجرا

خيم يسكنها لاجئون فلسطينيون بالقرب من منازلهم المدمرة في مدينة غزة (إ.ب.أ)
خيم يسكنها لاجئون فلسطينيون بالقرب من منازلهم المدمرة في مدينة غزة (إ.ب.أ)

نقل تلفزيون (الأقصى) فجر اليوم الجمعة عن مدير المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة قوله إن المنطقة أمضت ليلة صعبة حيث استقبل المستشفى 43 قتيلا و82 مصابا.

وأضاف مدير المستشفى «الاحتلال دمر أجهزة الأوكسجين وغيرها من المعدات الضرورية للاستشفاء. ونواجه صعوبة في الاستجابة لاحتياجات كم هائل من الجرحى والمصابين». ووصف الوضع بأنه كارثي وقال «المنطقة تتعرض لإبادة جماعية».

وذكر التلفزيون أن الجيش الإسرائيلي نفذ سلسلة غارات مكثفة على مدينة بيت لاهيا في شمال القطاع. واستأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة يوم الثلاثاء الماضي بعد هدنة استمرت أسابيع، وأسفرت غاراتها في ذلك اليوم عن مقتل أكثر من 400 في واحد من أعلى معدلات سقوط القتلى في يوم واحد منذ بداية الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.