«هبدأ بنفسي»... مبادرة للنهوض بمشروعات التكنولوجيا في مصر

تصقل مهارات الشباب لخلق فرص عمل

شعار المبادرة
شعار المبادرة
TT

«هبدأ بنفسي»... مبادرة للنهوض بمشروعات التكنولوجيا في مصر

شعار المبادرة
شعار المبادرة

هل فكرت كيف تبدأ مشروعك الصغير ولم تعرف كيف؟ هل توقفت طويلا عند خطوة كيف يمكن تنفيذ فكرتك؟
تساؤلات كثيرة تشغل بال الشباب الراغب في إنشاء مشروعات صغيرة، وعندما لا يجدون إجابات لها، تتوقف ولا ترى النور كونها لم تجد من يدعمها؛ لذا من أجل التواصل مع الشباب والاستماع إلى أفكارهم وبلورتها ووضعها على الطريق الصحيح؛ أطلقت «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» مبادرة «هبدأ بنفسي» التي تقدم التدريب اللازم لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز دورهم في المجتمع وتحفيز طاقات الشباب نحو الاهتمام بالمشروعات القائمة على التكنولوجيا الحديثة، وصقل مهاراتهم وإكسابهم الخبرة اللازمة وفق أحدث الأساليب العلمية في إدارة المشروعات.
المبادرة التي تبدأ من صعيد مصر، وتحديدا من محافظة الوادي الجديد (جنوب غربي مصر)، مخطط لها أن تنطلق لآفاق أوسع، من منطلق بحث المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا عن مبادرات يستفيد منها المجتمعان المصري والعربي، والتي تساعد على النهوض باقتصاد الأوطان العربية.
عن المبادرة، قالت الدكتورة غادة عامر، نائب رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا: «تهدف المؤسسة لتوفير السبل المتاحة كافة لمساعدة الشباب على البدء بمشاريعهم بصورة سليمة لتجنّب أي خسارة مستقبلية، من خلال عقد ورش عمل عدة وحلقات نقاشية في عدد من محافظات مصر لتحفيز الشباب المصري للبدء في مشروعاتهم الخاصة التي تساهم في توفير فرص عمل جديدة للشباب وزيادة المنتجات المصرية في الأسواق والاستغناء عن الاستيراد من الخارج». وأضافت: «ما نهدف إليه هو مساعدة أصحاب المشاريع على اكتساب خبرات جديدة، وتدريبهم على أحدث الأساليب العلمية في إدارة مشروعاتهم الناشئة، وكذلك الارتقاء بثقافة الشباب ورواد الأعمال نحو العمل الحر، فقد أصبحت المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في وقتنا الحالي، الخيار الاستراتيجي لتنمية اقتصاديات الدول والنهوض بها نحو المستقبل، وتحولنا إلى أمة منتجة وقوية، حيث إن امتلاك المعرفة لم تعد رفاهية وإنما مسألة أمن قومي لأي دولة».
وأوضحت عامر، أن هيئات المجتمع المدني عليها دعم كل شاب عربي يحاول أن يفكر بشكل عملي، حيث إن دعم الشركات المتناهية الصغر والشباب، هي مسؤولية متكاملة تعود على كل الجهات وأفراد المجتمع بالخير، كاشفة أنها تتمنى أن يتحوّل مجهود بعض رجال السياسة والأحزاب، إلى خلق تنمية مستدامة حقيقية، عن طريق دعم ريادة الأعمال التكنولوجية لخلق فرص عمل نوعية.
أما الدكتور عبد الله النجار، رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، فيوضح أن مبادرة «هبدأ بنفسي»، تعمل على تحفيز طاقات الشباب المصري واستخراج إبداعاتهم للمساهمة في تنمية اقتصاد وطنهم، ويتابع: «إيماني دائما أن مصر العمود الفقري للأمة العربية، ونهوض مصر يمثل نهوضا للأمة العربية كلها؛ لذا بدأت المؤسسة بإطلاق المبادرة في مصر؛ لأن الشباب المصري المخلص قادر على تحدي الصعاب من أجل وطنه، واخترنا صعيد مصر لتكون نقطة الانطلاق لباقي المحافظات لأن به كثيرا من الشباب الطموح والراغب في تطوير مجتمعه».
يذكر أن المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا هي منظمة إقليمية دولية مستقلة غير حكومية، وهي أول منظمة ضمّت علماء عربا من داخل الوطن العربي وخارجه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».