المكملات العشبية ومحاذير استعمالها على القلب

كمبردج (ولاية ماساتشوستس
الأميركية): «الشرق الأوسط»*

في جولة سريعة في الصيدلية أو المتجر الكبير (سوبر ماركت)، نرى أن المكملات الغذائية والعشبية أصبحت شائعة بين الناس في هذه الأيام. وينفق الأميركيون نحو 32 مليون دولار سنوياً على آلاف المنتجات العشبية، يزعم أكثرها أنه يعمل على تحسين صحة القلب.

مفاهيم شعبية خاطئة

يقول الدكتور بيتر كوهين، الأستاذ المساعد في «كلية هارفارد للطب»، إن الناس ينظرون إلى الأعشاب (herbs) والمكملات (supplements) على أنها مواد طبيعية وبدائل آمنة للأدوية الطبية التقليدية التي يتناولونها، فيما ينظر مقدمو الرعاية الصحية إليها على أنها أدوية غالية الثمن وأدوية وهمية غير مؤذية، إلا أن هذه المفاهيم جميعها خاطئة.
على عكس الأدوية الطبية التي تخضع لكثير من الأبحاث والاختبارات لإثبات فعاليتها وصحتها قبل بيعها في الأسواق، يمكن للمكملات الغذائية أن تطرح إلى السوق من دون أي اختبار. وتفتقر أغلبية المكملات المحضرة صناعيا إلى الأدلة الكافية التي تثبت أنها تعطي النتائج الموعودة.
ولكن المخاوف الأكبر تكمن في أن كثيرا من المكونات العشبية من شأنها أن تزيد حالة القلب سوءا أو أن تتفاعل بشكل خطير مع الأدوية الطبية الموصوفة لعلاج الأمراض القلبية، إلى حدّ إثبات أن بعضها يحتوي على ملوثات مميتة. وأظهر تقرير حديث نشرته «مراكز مكافحة الأمراض واتقائها»، أن أكثر من 20 ألف شخص يتم إسعافهم سنوياً ونقلهم إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات بسبب ضرر ما، سببه تناول المكملات.

الأعشاب والقلب

يلفت كوهين إلى أن الأعشاب الأكثر خطورة هي تلك المنتجات التي تدعي أنها تتمتع بتأثير مباشر على وظائف الجسد، كتحسين معدلات الكولسترول، وتسهيل خسارة الوزن، والتحكم بمعدل السكر في الدم، وتحسين الوظائف الجنسية. وأضاف أن المحفزات العشبية التي تستخدم في مكملات خسارة الوزن هي صاحبة الدور الأكبر في مشكلات القلب.
وقد منعت الولايات المتحدة الأميركية عام 2004 عشبة تعرف باسم «إيفيدرا (Ephedra)» («ما هوانغ» بالصينية)، وذلك بعد أن تم ربطها بحالات الجلطات القلبية، والسكتات الدماغية، والوفاة. ولكن أعشاب كثيرة أخرى تتمتع بالتأثيرات التحفيزية نفسها، ومن بينها النارنج (bitter orange)، والجوارانا (guarana)، والمتة (mate) لا تزال تستخدم في العلاجات العشبية.
وتعد العلاجات العشبية الموصوفة في حالات الضعف الجنسي من المكملات الخطيرة أيضاً. مثلاً، تعرف عشبة الـ«يوهيمبين Yohimbine» التي تتحدر من شجرة أفريقية خضراء، بدورها الكبير في تحسين الأداء الجنسي، إلا أن بعض الدراسات أظهرت أنها رغم فعاليتها في هذا الشأن، فإنها يمكن أن تسبب تسارعاً في ضربات القلب، وارتفاعا في ضغط الدم، فضلاً عن النوبات القلبية ونوبات الصرع.
ومن الأمور الأخرى التي تدعو إلى مزيد من القلق، تبين أن بعض المنتجات التي تستخدم للتقوية الجنسية تحتوي على معدلات عالية من مادة «بي دي إي.5»، (PDE - 5)، التي تنتمي إلى الفئة نفسها للمواد الفعالة التي تستخدم في صناعة الفياغرا. وفي حال اجتمعت هذه المادة مع مادة النيترات التي يتناولها الرجال عادة لعلاج آلام الصدر، فيمكن أن تؤدي إلى انخفاض حاد في ضغط الدم.

نصائح حول المكملات

يعد الدكتور كوهين أنه على الرغم من الغموض الذي يحيط بكثير من المكملات، فإن بعض المواد لا تزال تلعب دوراً كبيراً في الطب. ويقول إنه يصف المكملات لمرضاه يومياً، خصوصا أن حالات مرضية كثيرة، بالإضافة إلى حالات نقص الأغذية، تتطلب مكملات المعادن والفيتامينات لعلاجها. من بين هذه المكملات المهمة فيتامين «دي» والكالسيوم لعلاج ترقق (هشاشة) العظام، والحديد لعلاج الأنيميا.

وفي حال قرر المريض اللجوء إلى تجربة مكمل غذائي معين، فيفضل أن يتبع النصائح التالية:
* اختيار المكمل المصنوع من مكون واحد: لأن تعدد المكونات يربك المستخدم بحيث لا يستطيع معرفة أي منها يتمتع بتأثير إيجابي أم سلبي. كما أن دمج المكونات يفسح في المجال أما الغش واستخدام مواد مخدرة ممنوعة في التركيبة.
* استشارة الطبيب: يفضل أن يحضر المريض أي عبوة مكمل يريد استخدامها ليعرضها على الطبيب. وبهذه الطريقة، يمكنه أن يتحقق من المكونات الموجودة فيه، وما إذا كان من الممكن أن تتفاعل مع أي دواء آخر يتناوله.
* التحقق من الترخيص وما إذا كان المكمل معتمداً من قبل الجهات المعنية في الدولة.

* «رسالة هارفارد للقلب»
خدمات «تريبيون ميديا»