محكمة عسكرية إسرائيلية تثبت الحكم على أزاريا قاتل الفلسطيني الجريح

القاتل اليئور أزاريا يجلس بين والدته (إلى يمينه) ووالده (إلى يساره) داخل المحكمة العسكرية بتل أبيب (أ.ف.ب)
القاتل اليئور أزاريا يجلس بين والدته (إلى يمينه) ووالده (إلى يساره) داخل المحكمة العسكرية بتل أبيب (أ.ف.ب)
TT

محكمة عسكرية إسرائيلية تثبت الحكم على أزاريا قاتل الفلسطيني الجريح

القاتل اليئور أزاريا يجلس بين والدته (إلى يمينه) ووالده (إلى يساره) داخل المحكمة العسكرية بتل أبيب (أ.ف.ب)
القاتل اليئور أزاريا يجلس بين والدته (إلى يمينه) ووالده (إلى يساره) داخل المحكمة العسكرية بتل أبيب (أ.ف.ب)

قرر قضاة محكمة الاستئناف العسكرية الإسرائيلية الثلاثة في تل أبيب، أمس، تثبيت الحكم الصادر بحق الجندي القاتل، إليئور أزاريا، الذي كان قد أدين بقتل الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف، وتأكيد الحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 18 شهرا، وبذلك ردوا الاستئناف الذي قدمه طاقم الدفاع عن الجندي.
وعاد القضاة للتشكيك من جديد في رواية الجندي القاتل، وادعائه بأنه قتل بغير قصد القتل، بل دفاعا عن النفس. وأشاروا إلى التناقضات الكثيرة في الروايات التي أفاد بها خلال التحقيق، وحتى خلال استجوابه في جلسات المحاكمة. ورفضوا بالإجماع، قبول الدوافع التي بررها لإطلاق النار على الشاب الفلسطيني. وأجمع القضاة على أنهم يرفضون قبول الطعون التي قدمها طاقم الدفاع بالاستئناف على إدانة الجندي، ويرفضون مزاعم الجندي القاتل بأنه أقدم على إطلاق النار على الشريف الغارق بدمائه، بسبب إقدامه على قتل صديقه الذي يخدم معه في الجيش. وقال القضاة في ردهم على الاستئناف، إن الجندي أزاريا أفصح عن إفادته وروايته عقب حصوله على معلومات واستشارة من محام، حيث اتضح وجود فوارق بين الإفادات التي قدمها، بحيث لا تتناسب الرواية التي قدمها مع البيانات والأدلة التي جمعت من ساحة الجريمة، كما أنه لم يتصرف بموجب أنظمة وأوامر إطلاق النار المعتمدة في الجيش.
وشدد قضاة المحكمة العسكرية، على أن الطعون التي قدمها الجندي بأنه أطلق النار بسبب وجود عبوة ناسفة، غير متينة وغير مقنعة، وأكدوا أنهم لم يجدوا أي أساس للادعاء بأنه أطلق النار بسبب تهديد السكين الذي كان بحوزة الفلسطيني، وأجمعوا بأنه لم يكن هناك أي خطر من السكين أو العبوة الناسفة يلزم بإطلاق النار.
المعروف أن الشاب الفلسطيني، عبد الفتاح الشريف، كان قد حاول في شهر مارس (آذار) من سنة 2016، طعن جنود إسرائيليين بسكين، في منطقة فلسطينية محتلة تقع على مقربة من مدينته الخليل. فأطلقوا عليه الرصاص وأصابوه بجروح بليغة. فارتمى أرضا يتخضب بالدماء. فجاء الجندي أزاريا وجنديان آخران وأطلق الرصاص على الشريف وهو مشلول الحركة ولا يشكل أي خطر عليه. وقد اعتبر تصرفه مخالفا للعرف. وعندما تبين أن مصورا فلسطينيا قام بتوثيق مشهد القتل، جرى اعتقال أزاريا وتقررت محاكمته. ومنذ ذلك الحين واليمين الإسرائيلي يدافع عنه، ويتهم قيادة الجيش بالنفاق للفلسطينيين.
وبانتهاء المحاكمة، هذه السنة، قضت المحكمة العسكرية بإدانته، ولكنها فرضت عليه حكما مخففا. ثم وافقت على وضعه في سجن منزلي، بداية في معسكر مفتوح للجيش ثم في بيته. ولكن عائلته، وبتحريض من قوى اليمين، استأنفت على القرار، وطالبت بتبرئته. وبالتوازي، حاول عدد من الوزراء في معسكر اليمين إقناعهم بالامتناع عن الاستئناف، «لأننا نعمل بكل قوتنا على منحه العفو العام من رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت». لكن هؤلاء رفضوا وأصروا على الاستئناف، «لتكون المحكمة بمثابة شهادة عار للحكومة التي لا تحمي أبناءها من الإرهابيين الفلسطينيين» على حد قولهم.
وحتى بعد رفض الاستئناف، أمس، حاول نشطاء اليمين المتطرف، إقناع العائلة بالاستئناف إلى المحكمة العليا. بينما طلب الوزير أفيغدور ليبرمان منهم وقف المسار القضائي، ملمحا بأنه سيحاول إقناع رئيس أركان الجيش بمنحه العفو العام.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم