فندق البارون في حلب... حنين إلى الماضي وإلى سوريا المفقودة

الحرب أثرت على التنوع والتسامح وربما من الصعب تحقيق المصالحة

مدخل فندق البارون في حلب كما بدا قبل أسبوعين (رويترز)
مدخل فندق البارون في حلب كما بدا قبل أسبوعين (رويترز)
TT

فندق البارون في حلب... حنين إلى الماضي وإلى سوريا المفقودة

مدخل فندق البارون في حلب كما بدا قبل أسبوعين (رويترز)
مدخل فندق البارون في حلب كما بدا قبل أسبوعين (رويترز)

استضاف فندق البارون الذي أسسته أسرة أرمنية في عام 1911 مغامرين وكتابا وملوكا وبعض رواد صناعة الطيران وشيوخا من الزعامات البدوية ورؤساء، إلى أن اضطرته الحرب لإغلاق أبوابه قبل خمس سنوات.
وترى روبينا تاشجيان أرملة صاحب الفندق، في البارون، جزءا من سوريا. وقالت في إشارة إلى أكلة شامية معروفة: «سوريا مزيج من كل هذه الجماعات العرقية والثقافات... هي إناء كبير وكل شيء يمتزج فيه. لكننا نطهو كبة واحدة»، بحسب تحقيق عن المكان نشرته (رويترز) من مدينة حلب.
وتتطلب محاولة إحياء تلك الصورة لسوريا وسط الحرب التي أدت إلى تفاقم الشروخ الاجتماعية، مصالحة بين الخصوم السياسيين والطوائف الدينية والطبقات الاقتصادية. غير أنه لا يبدو أن هناك أملا في تحقيق ذلك في ضوء مقتل مئات الآلاف ونزوح أكثر من نصف سكان البلاد عن ديارهم واستمرار القتال.
خلال معظم فترات الاشتباكات تعرضت الأحياء الغربية في حلب الخاضعة لسيطرة النظام، للقصف، وكانت مقصدا لسيل لا ينقطع من اللاجئين كما عانت من نقص المياه والكهرباء والغذاء. أما شرق حلب الذي ظل تحت سيطرة المعارضة حتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما اجتاح الجيش المنطقة بعد حصار استمر شهورا وغارات جوية، فقد أصبح خرابا تقريبا.
وقد أصيب فندق البارون الواقع في غرب حلب بالقرب من الخط الأمامي بقذائف مورتر وانتشرت شظايا إحداها في الطابق العلوي كله، كما اخترقت قذيفة أخرى نافذة القاعة الشرقية وسقطت على بلاط الأرضية الأنيق لكنها لم تنفجر. والآن يقبع ذيل تلك القذيفة في خزانة المقتنيات الغريبة إلى جانب نفائس مثل آنيات فخارية أهداها علماء آثار زائرون للفندق وفاتورة الفندق عن إقامة الضابط البريطاني تي.إي لورانس الذي اشتهر باسم لورانس العرب.
وفي الغرفة العلوية التي كانت تنزل فيها على الدوام كاتبة الروايات البوليسية أغاثا كريستي خلال زياراتها الكثيرة إلى حلب،
ما زال المكتب الخشبي المغطى بلوح زجاجي الذي كتبت عليه بعض فصول روايتها جريمة في قطار الشرق السريع موجودا.
يحمل أنصار الرئيس بشار الأسد المعارضة مسؤولية ما حدث ويصمونها بالإرهاب. وقد صور الأسد دولته على أنها قوة علمانية تحمي أقليات سوريا وتراثها الثقافي من معارضين من السنة تدعمهم دول أجنبية معادية لبلاده ويضمون بين صفوفهم كثيرين من المتشددين.
غير أن المعارضة ترفض أي وصف لدولة الأسد بالتنوع والعلمانية والانفتاح والتسامح، وهو موقف تشاركها فيه بعض الدول الغربية والجماعات الحقوقية. ويقول معارضون إن حكومة سوريا واحدة من أشد الحكومات قمعا في الشرق الأوسط وإن ذلك سبب أساسي من أسباب الحرب.
ورغم أن النظام روج لفكرة علمانية سوريا طوال الحرب، فقد كان من الصعب أن يغفل المراقبون عن الطابع الطائفي للصراع. ومع التفاف المعارضة حول شعارات إسلامية، استعان الأسد بحلفاء من بينهم فصائل إسلامية شيعية تدعمها إيران. ولعبت هذه الفصائل دورا كبيرا في حملة استعادة الشطر الشرقي من حلب.
وفي المدينة تبدو الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للصراع جلية. فالمناطق التي كان التمرد فيها على أشده، كانت من الأماكن التي فاتها قطار النمو الاقتصادي ومن الأحياء الفقيرة التي كان الناس يتدفقون عليها من الريف.
في فندق البارون تبدو آثار الزمن وعلامات الإنهاك على حجرة الطعام التي تكسو الألواح الخشبية جدرانها وعلى البار الممتلئ بالزجاجات العتيقة وعلى الأثاث الوردي في غرفة التدخين ذات السقف العالي وكذلك حجرات النوم. وقد توقف الفندق عام 2012 عن استقبال الزبائن باستثناء قلة من قدامى الأصدقاء عندما وصلت الحرب الأهلية إلى حلب وبدأت قذائف المورتر والقناصة تجتاح الشوارع المحيطة به.
وتطارد تاشجيان المعلمة السابقة التي تبلغ من العمر 66 عاما القطط الضالة التي تتسلل من فتحات الزجاج المكسور في النوافذ الفرنسية الطابع إلى غرفة الطعام، وتحاول الحفاظ على الفندق شبه المهجور من تفاقم التلفيات في مدينة لا تتوفر فيها سوى إمدادات محدودة من الكهرباء والمياه. وتوفي زوجها أرمن مظلوميان حفيد مؤسس الفندق عام 2016 بعد عامين من زواجهما في أعقاب صداقة استمرت 30 عاما. وقالت إن الفندق مملوك الآن لشقيقتيه اللتين غادرتا سوريا قبل ذلك بسنوات.
وفي الشرفة التي ألقى منها الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر خطبة في حشد كبير من السوريين كانت حول صناديق الصور القديمة بقايا أخرى تم نقلها من الطابق السفلي بعد أن خفت حدة القتال.
وخلال الاشتباكات استقبل الفندق بعض الأسر اللاجئة من شرق حلب. وقالت تاشجيان إن هذه الأسر استخدمت خلال إقامتها كميات كبيرة من المياه في تنظيف أرضيات الغرف كل صباح، حتى أصاب التلف بلاطها الأنيق برسومه الهندسية.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.