«دار الجنوب».. سحر الصحراء في قلب العاصمة الرباط

صحراويات حملن على عاتقهن ترويج ثقافتهن بمنتجات من صنع أيديهن

جانب من الخيمة الصحراوية داخل «دار الجنوب» ({الشرق الأوسط})
جانب من الخيمة الصحراوية داخل «دار الجنوب» ({الشرق الأوسط})
TT

«دار الجنوب».. سحر الصحراء في قلب العاصمة الرباط

جانب من الخيمة الصحراوية داخل «دار الجنوب» ({الشرق الأوسط})
جانب من الخيمة الصحراوية داخل «دار الجنوب» ({الشرق الأوسط})

يحتل التراث الصحراوي جزءا مهما من الثقافة والهوية المغربية التي تتميز بالغنى والاختلاف على جميع المستويات، إلا أن البعد الجغرافي للمناطق الجنوبية الصحراوية جعل هذا التراث يبقى حبيسا لبيئته، وحمل الإنسان الصحراوي عبء نشر ثقافته وتراثه بنفسه.
«دار الجنوب» أو خيمة الجنوب، هي ملخص لكل ما يعبر عن ثقافة الصحراء والبدو، استطاعت أن تفرض سحر الصحراء بالعاصمة الرباط وتكسر رتابتها، هي فكرة راودت صحراويات يعملن ضمن تعاونيات نسائية لزيادة دخل النساء عبر المنتجات اليدوية الصحراوية التقليدية. أسهمن جميعهن عبر منتجاتهن في إغناء «دار الجنوب» بكل ما يمت بصلة لثقافة البدو القديمة والحديثة.
لن يجد الزائر صعوبة في الوصول إلى «دار الجنوب»، فهي تميز نفسها بخيمة صحراوية كبيرة أمام الدار مباشرة تشير إلى عنوانها وتكسر بها رتابة بنايات مدينة الرباط، تستقبله بعد ذلك رائحة البخور الصحراوي المنبعثة من المنتجات المعروضة في الجناح الأول بالدار، وهو الجناح المخصص لمنتجات التعاونيات للتسويق، ويعد من بين المنتجات التي تعتمد عليها الدار في مدخولها. ويضم منتجات مثل الكسكس والعسل والشاي والقهوة الصحراوية المميزة، بالإضافة إلى منتجات مثل أواني الشاي والفخار والزيوت، وغيرها من المواد.
أما الجناح الثاني للدار فيضم منتجات تخص المرأة الصحراوية، بداية من لباسها المميز، واسمه «الملحفة»، ثم الحلي التقليدية المصنوعة من الفضة والعطور، وهي معروضة للزوار لمن يود اقتناءها. وأكدت العزة السلامي، مديرة المشروع وصاحبة فكرة «دار الجنوب» لـ«الشرق الأوسط»، أن الإقبال على هذه المنتجات كبير جدا ويلقى إعجابا خاصا من الزوار.
ويتوسط الدار هودج للعروس الصحراوية مصنوع بطرق تقليدية وكل ما يميز العروس في حياة البدو، بالإضافة إلى الآلات الموسيقية القديمة والأدوات التقليدية التي كان يستعملها البدو للعب في الصحراء، ثم جناح آخر خاص بالأدوات والحلي والعطور والصناديق ومقتنيات أغلبها لم يعد موجودا في الحياة اليومية الحالية للإنسان الصحراوي.
وتنتهي زيارة دار الجنوب بإطلالة على خيمة كبيرة تأخذ الزائر إلى أحضان البيئة الصحراوية بديكور تقليدي ساحر ليستمتع بعدها بضيافة صحراوية عبر جلسة الشاي المميزة وشراب «بيصام» ذي المذاق اللذيذ، وهو عبارة عن عشبة صحراوية ذات لون أحمر غامق يجري طحنها ومزجها بالماء والعسل لتعطي شرابا منعشا اعتاده البدو لإطفاء حر العطش في الصحراء.
وتخصص الدار جناحا خاصا للأمسيات الشعرية والأدبية والموسيقية تعقد مرة كل شهر تحت إشراف الدكتورة سعدة ماء العينين، الباحثة في قضايا المرأة والتصوف. وتعتزم السلامي إنشاء خزانة للكتب والمطبوعات والمخطوطات الصحراوية النادرة لإغناء الدار من الجانب الثقافي.
وتقدم «دار الجنوب» للزائر عرضا للتمتع برحلة عبر الحواس الخمس خلال الزيارة، ويسمى «برنامج الحواس الخمس للمعرض الدائم لاكتشاف كنوز الصحراء بالرباط». وحسب السلامي، فإن الزيارة تتطلب أولا أن يحس الزائر بالبيئة الصحراوية خلال تجوله بالدار، ثم يستعمل حاسة السمع من خلال الموسيقى الصحراوية وحاسة الشم عن طريق رائحة البخور والعطور، وحاسة النظر بالتجول في أروقة الدار، وأخيرا حاسة الذوق عن طريق تذوق الأكل الصحراوي في جو بدوي ينسيه وجوده بالعاصمة.
وتنظم «دار الجنوب» بصفة دورية أمسيات موسيقية يشارك فيها الكثير من الفنانين الصحراويين وغير الصحراويين بصفة تطوعية دعما للمشروع واقتناعا منهم بأهمية الفكرة وضرورة نشرها. وفي هذا الصدد، التقت «الشرق الأوسط» نهى دندني، وهي فنانة صحراوية من أصل موريتاني تعيش بمدينة العيون ومختصة في الغناء الحساني والعزف على «أردين»، وهي آلة موسيقية تقليدية. وتقول دندني، إن مشاركتها في الأمسيات والنشاطات التي تنظمها «دار الجنوب» نابعة من اقتناعها بالفكرة، مشيرة إلى أن المشروع فيه فائدة، سواء للنساء أو الثقافة الصحراوية مضيفة: «أنا مستعدة للتطوع بوقتي كاملا لدار الجنوب عن طيب خاطر، ويسعدني أن أكون جزءا مساهما في نجاحه».
وتتضمن الأمسيات كذلك جلسات شعرية، كون الشعر الصحراوي يعد من أهم ما يميز الإنسان البدوي الذي يعيره اهتماما خاصا فيستعمله في الحوار والعتاب والهجاء وغيره، وكذا في جلسات الصلح بين الأفراد. ويعد الشاعر الأكثر بلاغة وفصاحة الرابحَ بين المتخاصمين بشهادة أفراد القبيلة الذين يلعبون دور الحكم. وترى السلامي، أن الصالونات الأدبية والجلسات الشعرية واحدة من العوامل التي تكمل روح الثقافة البدوية الصحراوية بدار الجنوب وتعزز دورها في دعم التراث اللامادي والتعريف بهوية الإنسان البدوي.
وتوضح السلامي، أن فكرة «دار الجنوب» راودتها قبل أربع سنوات بمدينة العيون (جنوب المغرب) حين كانت تعمل ضمن جمعية دار الجنوب الثقافية، ولاقت بعد ذلك دعما كبيرا من محيطها وممثلي الجمعيات والتعاونيات بالمناطق الجنوبية، الذين أسهموا حسب قولها في الدفع بالفكرة باتجاهها الصحيح ألا وهي الحفاظ على التراث الصحراوي من الاندثار والدفاع عن هويته.
انطلقت السلامي رفقة 36 جمعية وتعاونية من مدن الصحراء الشرقية والغربية إلى مدينة الرباط على اعتبار أنها المركز الذي يمكن أن تكون نقطة البداية وتختصر عامل البعد لنشر الفكرة. وأكدت السلامي، أن إنشاء دار الجنوب كان نتيجة مجهود التعاونيات والجمعيات من خلال منتجاتها المحلية ولم تتلق أي دعم حكومي لإتمام المشروع.
البداية من الرباط لم تكن سهلة؛ إذ تطلب المشروع إمكانيات مادية كبيرة لتجهيز المقر، لكن الجمعيات والتعاونيات أسهمت بوضع بصمتها الخاصة في الدار، فشكلوا متحفا مصغرا للتراث المادي واللامادي شمل قطعا أثرية صحراوية ضاربة في عمق التاريخ ومنتجات يدوية للصانع التقليدي الصحراوي ولكل ما يرمز لسحر الصحراء.
وتتميز التعاونيات والجمعيات بغنى في منتجاتها حسب المدينة التي توجد فيها، فمدينتا الداخلة وأوسرد مثلا (أقصى جنوب المغرب) تنتجان الخيام ومنتجات الجلد والقصب وأواني الشاي. أما مدينة العيون فتنتج الكسكس و«ملاحف» و«الدراع» (ملابس النساء والرجال الصحراويين) والشاي و«العلك» وهو نبات صحراوي ثمين يستعمل في الشاي، ومدينة طاطا (الجنوب الشرقي للمغرب) مختصة في إنتاج الحناء و«أملو»، وهو عبارة عن مزيج من زيت أركان واللوز والعسل يقدم في جلسات الشاي المسائية، ومنتجات أركان وزيوت الصبار والزعتر وعسل الدغموس من مدينة سيدي إيفني، والأعشاب الجبلية والقهوة والتمر من منطقة الراشيدية، ثم الخيام المصنوعة من وبر الإبل من منطقة أسا الزاك، والزرابي من مدينة كلميم، والكثير من المنتجات من مختلف المدن الكبيرة والصغيرة بالجنوب المغربي.
وتوجد فروع لدار الجنوب حاليا بكل من مدينة العيون والداخلة والرباط، وقريبا في مدينة الدار البيضاء، ثم مراكش وطنجة، وتطمح السلامي إلى إنشاء فروع خارج المغرب بكل من باريس وبروكسل ومدريد، خاصة بعد أن ذاع صيت الدار من خلال مشاركتها في أنشطة وزارة الثقافة ووزارة السياحة، وكذا وزارة الصناعة التقليدية في معارض داخل الوطن وخارجه.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.