فوائد تدريس الذكاء العاطفي الاجتماعي للأطفال

يحافظ على الصحة النفسية ويزيد من مهارات التواصل لديهم

فوائد تدريس الذكاء العاطفي الاجتماعي للأطفال
TT

فوائد تدريس الذكاء العاطفي الاجتماعي للأطفال

فوائد تدريس الذكاء العاطفي الاجتماعي للأطفال

قد يكون لفظ الذكاء العاطفي Emotional Intelligence لفظاً غير مألوف أو متعارفاً عليه كنوع من أنواع الذكاء الذي يشمل عدة تصنيفات ومنها بالطبع الذكاء الاجتماعي والعاطفي.
التعريف العلمي للذكاء العاطفي هو قدرة الشخص على إدراك عواطفه والتحكم فيها وأيضاً إدراك عواطف الآخرين المحيطين به وترجمة تلك العواطف إلى أفكار واضحة وأفعال من شأنها أن تساعد في التواصل الإيجابي مع الآخرين وعدم أذية مشاعرهم.
* ذكاء عاطفي
وعلى الرغم من أن هذا التعريف يبدو بسيطا ومفهوما ولا يحتاج إلى جهد كبير في إدراكه إلا أن الحقيقة هي أن الأمر يتطلب مقدرة خاصة، وهو الأمر الذي يفسر تعثر الحياة الشخصية على المستوى الاجتماعي والعاطفي لأشخاص مشهود لهم بنسب الذكاء المرتفعة والنجاح العلمي والمهني.
أحدث دراسة من جامعة الينوى University of Illinois بالولايات المتحدة تناولت الذكاء العاطفي والاجتماعي ونشرت في منتصف شهر يوليو (تموز) من العام الجاري أشارت إلى أن تدريس هذا النوع من الذكاء يفيد الأطفال في حياتهم العملية والاجتماعية ويحافظ على الصحة النفسية ويزيد من مهارات التواصل لديهم. وكانت هذه الدراسة تهدف بشكل أساسي إلى معرفة إذا كانت فوائد هذه البرامج التي تدرس في المدارس أو المعسكرات الصيفية ممتدة لزمن أطول، أم أن الأطفال والمراهقين يستفيدون بها حيال سماع تلك المحاضرات وتستمر لفترة قصيرة ثم تتلاشى تلك الاستفادة بعد ذلك دون أن تصبح مكونا أصيلاً في شخصياتهم، خاصة وأن الدراسات السابقة أكدت دور تلك البرامج في العملية التعليمية حيث إنها تزيل القلق وتعالج المشكلات السلوكية للتلاميذ داخل الفصول ولكن لم يكن من المعروف إلى أي مدى يمكن استمرار تلك الاستفادة.
وقام الدارسون بعمل تحليل لنتائج 82 برنامجا من برامج تنمية الذكاء العاطفي حول العالم من الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة وشملت 97 ألف طالب من مرحلة الحضانة وحتى المرحلة الثانوية وكانوا جميعا قد أتموا 6 شهور على الأقل بعد اكتمال هذه البرامج.
ووجد الباحثون أن هذه البرامج بالفعل لها جانب إيجابي استمر لدى الطلاب بعد الانتهاء منها. وكان الطلاب الذين أتموا هذه البرامج أوفر حظا في الالتحاق بالكليات بعد التعليم الثانوي من أقرانهم الذين لم يلتحقوا بهذه البرامج بنسبة بلغت 11 في المائة وكان تخرجهم من التعليم الثانوي أعلى من الآخرين بنسبة بلغت 6 في المائة كما أن المشكلات السلوكية أو تعاطي المواد المخدرة كانت أقل بنسبة 6 في المائة أيضاً وانخفضت بشكل كبير نسبة الذين تعرضوا للاعتقال من قبل الشرطة حيث بلغت 19 في المائة أقل من أقرانهم الآخرين وأيضاً كانت نسبة الذين تعرضوا للمشكلات النفسية واحتاجوا تدخلاً طبياً أقل بنسبة 13 في المائة.
* التعاطف مع الآخرين
واكتشفت الدراسة أن جميع الأطفال استفادوا من تلك البرامج بغض النظر عن العرق أو الخلفية الاجتماعية والمادية أو مكان المدرسة وإن هؤلاء الأطفال أصبحوا أكثر تعاطفا مع أقرانهم الآخرين وأكثر تفهما وأكثر قدرة على تكوين علاقات اجتماعية مستمرة وأصبحوا أبعد عن إثارة الخلافات أو الاشتراك فيها وأوضحت الدراسة أن تدريس مثل هذه البرامج من شأنه أن يحث الطالب على النجاح الأكاديمي والشخصي وطريقة لتفادى المشكلات النفسية خاصة في هذه السن المبكرة من العمر.
وأوصت الدراسة بضرورة أن تهتم المدارس بمثل هذه البرامج ويتم تدريسها بشكل نظامي بمعنى أن تكون مكونا أصيلا في المنهج الدراسي بدلا من أن تكون مجرد محاضرات للتوعية أو معسكرات صيفية أو مجرد ورش عمل خاصة. وتأتي أهمية الدراسة أيضاً من كونها شملت مناطق مختلفة من العالم مما يجعلها كونية، وبالتالي فإن نتائجها يمكن تطبيقها في معظم دول العالم بغض النظر عن تقدمها أو تعثرها الاقتصادي وأيضاً لأن هذه الدراسة شملت عدة مراحل عمرية من الطفولة المبكرة مروراً بفترة الطفولة والمراهقة ونهاية بمرحلة بداية الشباب مما يجعلها صالحة للتدريس لكل الفئات.
وأوضحت الدراسة أن المدارس حتى المرحلة الثانوية تكون متاحة للجميع على اختلاف مستواهم المادي والاجتماعي، وهو الأمر الذي يضمن مزيداً من الصحة النفسية للأجيال المقبلة في مرحلة المراهقة وبداية الشباب خاصة وأن الأطفال يقضون معظم يومهم في المدارس مما يجعلها البيئة الأهم في التأثير على التلاميذ وبناء شخصياتهم واكتساب مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين. ومن خلال التجربة ثبت أن تعلم هذه المهارات تبعا لمنهج منظم يجعلها أسلوب حياة وليست مجرد منهج دراسي يتم نسيانه عقب الانتهاء منه، وشددت الدراسة على أن بناء الشخصية في المدرسة يعتبر الهدف الأساسي من التعليم وليس مجرد اكتناز المعلومات.
وتعتبر تنمية الذكاء العاطفي ضرورة في دول العالم المتقدمة حيث تحفز الأشخاص لتحقيق أحلامهم في إطار الجماعة والتفاعل مع الآخرين والاختلاف دون عنف وإعلاء قيم التسامح والتفهم ويجب أن يتم ذلك تبعا لمنهج علمي مبني على دراسات ونتائج محددة. وقد يفسر ذلك سبب الإقبال الكبير على برامج وصفوف التنمية البشرية (والتي يكون اكتساب الذكاء العاطفي مكوناً أساسياً في مناهجها) في العالم العربي مؤخراً نظراً للدور الكبير الذي تلعبه في بناء الإنسان وإقباله على العمل والحياة وتنمية قدراته على حل المشكلات المختلفة. ومن خلال التجربة يمكن البدء من مرحلة الطفولة لاكتساب هذه المهارات في فترة مبكرة من الحياة مما يساهم في تقدم المجتمع.
* استشاري طب الأطفال



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال