الكويتية منى الشافعي إيقاظ ذاكرة المواهب المتعددة

ما بين التمثيل مع جيل الرواد... وكتابة الرواية

الأديبة الكويتية منى الشافعي
الأديبة الكويتية منى الشافعي
TT

الكويتية منى الشافعي إيقاظ ذاكرة المواهب المتعددة

الأديبة الكويتية منى الشافعي
الأديبة الكويتية منى الشافعي

يعرف كثيرون الأديبة الكويتية منى الشافعي، روائية وقاصة وكاتبة نصوص نثرية، لكن قليلين يعرفون منى الفنانة التي وقفت أمام الفنان عبد الحسين عبد الرضا والفنان سعد الفرج في أعمال درامية.
على هامش جلسة جمعتنا في رابطة الأدباء الكويتيين، حكت الشافعي عن تلك البدايات، كان بوحها صافياً وهي تتحدث عن ذلك الزمن الذي مثلت فيه دور الأم وهي في أوائل صباها حيث كان العنصر النسائي في الأعمال الفنية الكويتية نادرا جداً، مما اضطر «الماكيير» لعمل ماكياج لوجهها كي تبدو أكبر من سنها. مشكلة وحيدة واجهت المخرج حينها، وهي أنّ منى رفضت التخلي عن أظافرها الطويلة التي تعتني بها، فكانت تغطي كفيها بالعباءة أثناء المشهد.
كان الفنان كمال الشناوي الذي زار الكويت، من أوائل الذين تحدثوا عن موهبة منى مع والدها، وكيف يمكن صقل هذه الموهبة وإظهارها للناس، طالبا منه السماح لها بالتمثيل.
لمنى زميلة على مقاعد الدراسة، وهي الأديبة ليلى العثمان، وقد قامتا ببعض الأعمال المسرحية المدرسية، لكنّهما لم تكملا هذا الخيار، فقد كان الأمر صعباً مجتمعياً على الأديبة ليلى العثمان التي واجهت محيطاً عائلياً محافظاً، في حين انصرفت زميلتها منى الشافعي إلى الدراسة، فانتهت البدايات عند هذا الحد، لتتحول كل منهما إلى الكتابة لاحقاً.
لا تذكر الكاتبة منى الشافعي في سيرتها الذاتية هذه التفاصيل، عن بداية حياتها في الدراما والمسرح، وترددتْ كثيراً حين اقترحتُ عليها ذلك، وربما لن تفعل.
حظيت الأديبة بزوج يمتهن الإبداع أيضاً، هو الفنان جواد النجار الذي تتميز أعماله بمزيج من الواقعية والانطباعية، ونقلات خيالية ما بين التصوير الفوتوغرافي والرسم. كان له دور مؤثر في حياة زوجته التي بدأت تكتب في الصحف والمجلات، ثم القصة القصيرة والرواية والخاطرة النثرية. من أعمالها القصصية:
«النخلة ورائحة الهيل»، و«البدء... مرتين» و«دراما الحواس» و«أشياء غريبة... تحدث» و«نبضات أنثى» و«ليلة الجنون» ثم مجموعة «وبعضاً من حياة». ولديها رواية «يطالبني بالرقصة كاملة» ورواية «ليلة الجنون» وكتب أخرى. ويبدو أنّ تأثير زوجها الفنان التشكيلي امتد إلى أكثر من تحفيزها على الأدب، فمارست الرسم أيضاً، ولها لوحات تشكيلية تستخدم فيها تقنية الكومبيوتر.
وحصلت على كثير من الجوائز والتكريمات والدكتوراه الفخرية، وتُرجمت أعمالها إلى لغات أجنبية، وحوّل بعضها إلى لغة برايل للمكفوفين.
في آخر جلسة قبل أيام جمعتني بالأديبة منى الشافعي، دار الحديث حول مأساة المهجّرين الذين شردتهم الحروب الأخيرة من بلدانهم العربية، وانتهى بقرار منها لإطلاق جائزة للمهجّرين تحمل اسمها وتختص بكتابة القصة القصيرة من فئة الشباب. كان رأيها في الموضوع الذي أثمر عن الجائزة أن «هناك كثيرا من المواهب الشبابية التي شتتتها الحروب الآثمة، وقد تخسر الساحة الثقافية هذه المواهب في ظل الظروف التي يعيشها المهجّرون. لذلك ستكون هذه الجائزة تشجيعية لفئة الشباب، لعلها تحيي فيهم الإصرار على العطاء وتساعدهم على تحقيق ذواتهم حتى لا تنطفئ مواهبهم، خصوصاً في ظل عدم وجود مؤسسات ثقافية تحتضنهم في البلاد التي هاجروا إليها، ومن الصعوبة بمكان تواصلهم مع مؤسساتهم الثقافية في بلدانهم بسبب عدم جاهزية هذه المؤسسات التي ترزح تحت وطأة الحروب والدمار».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».