داخل أوتيل دي كريون في باريس، كتب الموسيقار الفرنسي الكاريبي الشهير هنري سالفادور في سجل ضيوف الفندق عام 1984: «فرنسا قلبي، لذا فإن أوتيل دي كريون قلبي».
التساؤل الآن: كيف كان سالفادور، الذي كان ضيفا دائما في أوتيل دي كريون، سينظر إلى فندقه المحبوب اليوم؟ كان الفندق قد خضع لعملية تجديد أجبرته على إغلاق أبوابه منذ مارس (آذار) 2013، وقد فتح الفندق أبوابه في الخامس من الشهر الحالي بعد أكثر من 98 عاما على افتتاحه الأصلي في 12 مارس 1909.
يحتل الفندق ثلاثة مبان على ناصية بلاس دي لا كونكورد، الميدان الملاصق لشارع الشانزليزيه. ومثلما الحال مع معظم الفنادق، يتميز المبنى بتاريخ مثير يعود إلى القرن الـ18.
عام 1755، أصدر الملك لويس الخامس عشر أوامره إلى المعماري جاك آنج غابرييل ببناء واجهتين تشبهان القصور، وشكلتا البنايتان نهاية الأمر الجزء الخارجي من «كريون» المطل على بلاس دي لا كونكورد. وجرى الانتهاء من هذين المبنيين المزدانين بالزخارف عام 1758، ويعتبران بمثابة ذروة التفوق المعماري في القرن الـ18. ومع هذا، ظلت البنايتان عبارة عن واجهة فحسب حتى جاء مهندس معماري آخر، لويس فرنسوا تروار، واشترى الأرض الواقعة خلفهما عبر مزاد علني وبنى قصر خاص فخم.
عام 1788، اشترى كونت كريون القصر وعاش فيه أحفاده معظم الوقت حتى عام 1904، إلا أنه قبل أن يظهر آل كريون في الصورة، اعتادت الملكة ماري أنطوانيت ارتياد القصر لتلقي دروسا في البيانو، حتى عام 1793، عندما أعدمت بالمقصلة على مقربة من القصر في بلاس دي لا كونكورد.
بمرور الوقت تحولت البناية من قصر ضخم إلى فندق فخم، وبدأت حياة المبنى تحت اسم كريون عام 1906 عندما أقدمت مجموعة للفنادق الفاخرة تعرف باسم «سويتيه دي غراند ماغازان إيه دي أوتيل دو لوفر» على شراء القصر واثنين من المباني المجاورة له بهدف بناء أكبر فندق فخم على مستوى باريس بأكملها، بهدف تلبية الطلب المتنامي من جانب أفراد النخبة العالمية.
ومن جانبه، قال برايس بايرن، المؤرخ المعني بباريس والذي جرت استشارته في مشروع ترميم المبنى وتجديده، إنه عندما افتتح «كريون» أبوابه عام 1909 كان يتميز بوجود الكهرباء ومياه ساخنة ومصعد وصالون لتصفيف للشعر. ورغم وجود فنادق فاخرة بالفعل في باريس، مثل «ماجستيك» و«أستوريا» و«ريتز باريس»، فإن «كريون» ربما كان صاحب الطابع الرسمي الأكبر بينها، حسبما قال بايرن. وأضاف: «كانت الديكورات متماشية تماما مع الأساليب المميزة للقرن الـ18. كما أن مستوى الخدمة كان رفيعا للغاية».
عام 1918، استقبل الفندق جنرال جون جيه بيرشينغ من الجيش الأميركي وفرنكلين دي روزفلت، مساعد وزير شؤون الأسطول الأميركي. أيضاً، نزل الرئيس وودرو ويلسون بالفندق أثناء مشاركته بمؤتمر باريس للسلام عام 1919. كما عقد داخله كل من الرئيس ويلسون ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج وعدد من الوفود الأجنبية عدة اجتماعات على فترات مختلفة مطلع عام 1919، وداخل جدرانه صاغوا ميثاق «عصبة الأمم».
وتضمنت قائمة الضيوف المميزين للفندق خلال السنوات التالية تشارلي تشابلن وشاه إيران محمد رضا بهلوي وصوفيا ملكة إسبانيا وأورسن ويلز وصوفيا لورين والملحن ليونارد برنستاين الذي كان ضيفا منتظما بالفندق، وكتب في سجل ضيوف الفندق عام 1989: «يا لها من متعة أن أقف مرة أخرى في شرفتي المفضلة المطلة على بلاس دي لا كونكورد».
ومع ذلك، فإنه حتى الفنادق الفاخرة تتقدم في العمر بمرور الزمن، وبات «كريون» بحاجة إلى ما يشبه عملية «شد وجه»، حسبما أوضح مارك رافري، المدير الإداري للفندق.
وشرح رافري أن المبنى افتقر إلى نظام تكييف مركزي، ما اضطر النزلاء لتلطيف الجو من خلال فتح النوافذ أو استخدام المراوح. وقال المعماري المسؤول عن عملية التجديد ريتشارد مارتينيه، والذي يعيش في باريس وزار «كريون» عدة مرات على امتداد سنوات كثيرة، إن الفندق كان يبدو قديماً، مضيفاً: «بدأ الفندق مظلما وعتيق الطراز بعض الشيء».
أما «كريون» بوجهه الجديد، الذي يحظى الآن بتكييف مركزي كامل، فيسعى لأن يظهر في صورة بعيدة تماما عن التعقيد، حسبما أكد رافراي الذي أضاف: «نرغب في أن نكون متواضعين وقريبين من الناس ولا نثير في نفوسهم رهبة. وبدلا عن التحلي بطابع عام رسمي، سيحرص العاملون لدينا على تحية الجميع بدفء ومودة كما الأصدقاء».
* خدمة «نيويورك تايمز»
وجه جديد لفندق تاريخي في باريس
يتميز مبناه بتاريخ مثير يعود إلى القرن الـ18
وجه جديد لفندق تاريخي في باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة