معطيات جديدة تؤكد مقتل البغدادي... و«3 شبهه» في مناطق «داعش»

أكدتها مصادر {المرصد السوري} في دير الزور

معطيات جديدة تؤكد مقتل البغدادي... و«3 شبهه» في مناطق «داعش»
TT

معطيات جديدة تؤكد مقتل البغدادي... و«3 شبهه» في مناطق «داعش»

معطيات جديدة تؤكد مقتل البغدادي... و«3 شبهه» في مناطق «داعش»

راجت معلومات على نطاق واسع أمس تؤكد وفاة زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي (إبراهيم عواد البدري). ولم يصدر التنظيم المتشدد ما يؤكد أو ينفي هذه المعلومات التي تزامنت مع خسارة مدينة الموصل، معقله الأساسي في العراق. كما قال الجيش الأميركي إنه لا يستطيع تأكيد ذلك، لكنه يتمنى أن يكون صحيحاً. وسيشكّل مقتل البغدادي، إذا ما تأكد، ضربة قوية لهذا التنظيم الذي سيخسر زعيمه في الوقت الذي يرى فيه «دويلته» تنهار في سوريا والعراق.
ونقلت وسائل إعلام عراقية أمس عن مصدر في محافظة نينوى تأكيده أن «داعش» أقر بمقتل البغدادي، وأنه سيعلن اسم من سيخلفه، لكن الحسابات الرسمية التي تنشر بيانات التنظيم لم تشر إلى ذلك. وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جهته، عن «معلومات مؤكدة» بهذا الخصوص استقاها ناشطوه من قيادات في الصف الأول في التنظيم، لكن أحمد الرمضان، المتخصص في شؤون «داعش» والناشط في حملة «فرات بوست»، شكك في صحة ذلك، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك ثلاثة هم شبه للبغدادي ويوجدون فيما تبقى من مناطق سيطرة (داعش) في سوريا والعراق. أحدهم موجود في منطقة معدان بريف دير الزور الغربي، واستهدفته غارات جوية مرتين إلا أنه لم يُقتل». وأضاف: «في حال صح خبر مقتل البغدادي، فلا أعتقد أن هناك مشكلة لدى التنظيم بإعلان ذلك خاصة أن الكل يُدرك أنه ليس هو من يدير التنظيم إنما لجنة مفوضة مؤلفة من 12 عضواً». كذلك أكّد مصدر آخر مطلع على أحوال التنظيم المتطرف أن هناك من شاهد البغدادي قبل شهرين ونصف في صحراء القائم في العراق خلال تفقده معسكر تدريب في المنطقة، علما بأن زعيم «داعش» لم يظهر علناً سوى مرة واحدة عندما ألقى خطبته الشهيرة في الجامع النوري بالموصل في يوليو (تموز) 2014. ويعود آخر تسجيل صوتي له إلى نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.
بالمقابل، قال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن «قيادات من الصف الأول في (داعش) موجودة في ريف دير الزور أكدت وفاة أبو بكر البغدادي أمير التنظيم». وأضاف: «علمنا بذلك اليوم (أمس الثلاثاء) ولكن لا نعرف متى أو كيف فارق الحياة». وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت منتصف يونيو (حزيران) الماضي، إنها ربما قتلت البغدادي حين استهدفت إحدى ضرباتها الجوية تجمعاً لقيادات التنظيم المتشدد على مشارف مدينة الرقة.
ونقلت وسائل إعلام عراقية أمس عن مصدر في محافظة نينوى، أن «داعش» أقر في بيان مقتضب جداً بمقتل زعيمه ودعا مسلحيه إلى مواصلة ما سمّاه «الثبات في المعاقل». ونقل موقع «السومرية نيوز» عن المصدر قوله، إن إصدار هذا البيان تم عبر ماكينة التنظيم في مركز قضاء تلعفر، غرب الموصل. وأضاف أن «الإعلان كان متوقعاً بعد رفع حظر الحديث العلني عن مقتل البغدادي في القضاء قبل يومين». وذكر المصدر أن تلعفر تشهد «انقلاباً داخلياً» في «داعش» عقب الإقرار بمقتل البغدادي، مشيراً إلى «حملة اعتقالات واسعة يشنها التنظيم وفرض حظر التجوال في أغلب أرجاء القضاء وسط انتشار غير طبيعي للمفارز».
من جهته، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن الولايات المتحدة ليست لديها معلومات تؤيد تقارير وفاة البغدادي، فيما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن بيان لمكتب الشؤون العامة التابع لقوات التحالف في المنطقة، أنه من غير الممكن تأكيد التقرير، لكن «نأمل في أن يكون ذلك صحيحاً». وأضاف البيان الصادر عن مكتب الشؤون العامة لعملية «العزم الصلب» التي يقودها التحالف الدولي: «ننصح (داعش) بقوة بإعداد تسلسل خلافة قوي (لمن سيخلف البغدادي)، سيكون هناك حاجة إليه».
من جهته، أوضح الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج، أن المعلومات بخصوص مقتل البغدادي لا تبدو موثوقة، لأنها تعتمد أساساً على «وثيقة» عُثر عليها داخل مدينة الموصل تتضمن إشارة إلى أن هناك بحثاً عن زعيم آخر للتنظيم ما يستدعي من مقاتلي «داعش» الانضباط. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مصير البغدادي، ورغم عدم وجود أي معطى مؤكد عن مقتله، يبقى غامضاً، مشيراً إلى أنه لم يظهر في عيد الفطر الماضي، كما لم يصدر أي شريط مصوّر أو صوتي يدحض مقتله. واعتبر أن التنظيم يبقى حريصاً في المرحلة الراهنة في ظل الخسائر الكبيرة التي يتكبدها على عدم الإقرار بمقتل زعيمه، متوقعاً أنّه لن يقدم على خطوة في هذا الإطار قبل إعادة ترتيب أوراقه.
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من بغداد إلى أن البغدادي بقي متوارياً عن الأنظار طوال ثمانية أشهر، ما دفع أنصاره إلى تسميته «الشبح» لندرة ظهوره. وكان الظهور العلني الوحيد للبغدادي في يوليو 2014 لدى تأديته الصلاة في جامع النوري الكبير بغرب الموصل، حيث بدا خطيباً ذا لحية كثة غزاها بعض الشيب، مرتدياً زياً وعمامة سوداوين.
والبغدادي الذي رصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إليه، لم يظهر أي مؤشر على أنه ما زال حياً منذ التسجيل الصوتي الذي بثه له التنظيم في نوفمبر، بعيد انطلاق عملية استعادة الموصل، الذي دعا فيه مقاتليه إلى «الثبات» والقتال حتى الموت. وأفادت تقارير بأنه يمكن أن يكون قد غادر الموصل بداية العام الحالي، باتجاه الحدود العراقية - السورية.
ويقول الباحث في مجموعة «صوفان غروب» باتريك سكينر: «من اللافت أن يكون زعيم أكثر تنظيم إرهابي إدراكاً لأهمية الصورة، مقلاّ جداً فيما يتعلق بدعايته الخاصة».
ويتناقض هذا التصرف السري مع ذاك الذي كان ينتهجه أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، خلال العقد الماضي (2000 - 2010).
وذكرت الصحافية صوفيا أمارا في فيلم وثائقي أعدته عن البغدادي، أن اسمه الحقيقي إبراهيم عواد البدري، مشيرة إلى أنه كان «انطوائياً وغير واثق من نفسه».
ولد البغدادي في عام 1971 لعائلة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. وهو متزوج من امرأتين، أنجب أربعة أطفال من الأولى وطفلاً من الثانية. ووصفته إحدى زوجتيه بأنه «رب عائلة طبيعي». وكان البغدادي مولعاً بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محامياً، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق، بحسب ما جاء في تقرير وكالة الصحافة الفرنسية، التي أضافت أنه كان أيضاً طامحاً للالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون ذلك. وقادته الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد. وذكرت أمارا أن البغدادي «يعطي انطباعاً بأنه رجل غير لامع، لكنه صبور ودؤوب». وأضافت: «بدا أن لديه رؤية واضحة جداً حول ما يريد والتنظيم الذي يريد تأسيسه».
وكان دخول البغدادي إلى سجن بوكا الواقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية - الكويتية، نقطة حاسمة في حياته. فقد اعتقل البغدادي الذي كان شكل مجموعة مسلحة محدودة التأثير لدى اجتياح العراق في عام 2003، في فبراير (شباط) 2004. وأودع في سجن بوكا الذي كان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل. وكان السجن يضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين ومتشددين، وتحول فيما بعد إلى «جامعة» لهؤلاء. وأوضحت أمارا أن الجميع «أدركوا تدريجياً أن هذا الشخص الخجول الذي لم يك شيئا، أصبح عقلا استراتيجيا في النهاية».
بعد إطلاق سراحه في ديسمبر 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبو مصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين تابعة لتنظيم القاعدة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت «أبو دعاء»، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه.
لكن تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً، بما أن البغدادي تسلم في مايو (أيار) 2010 مسؤولية تنظيم مسلح بعد مقتل زعيمه أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري.
وتمكن البغدادي بعد ذلك من تعزيز موقع المتشددين في العراق. وتحت قيادته، أعاد هؤلاء تنظيم صفوفهم، واستغلوا النزاع في سوريا المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق عام 2014.



الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
TT

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)

يتجه الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى مزيد من التصعيد المفتوح، حيث تتداخل سلطة السلاح المفروضة بالأمر الواقع مع الجريمة المنظمة؛ إذ شهدت الأسابيع الأخيرة إعدامات ميدانية بحق مدنيين عُّزَّل خارج القانون، بالتزامن مع اغتيالات وتصفيات داخلية تضرب قيادات أمنية وميدانية وتهدد تماسك الجماعة.

في هذا السياق، أقدَم قيادي حوثي في محافظة صعدة (شمال) على قتل مدني ينتمي إلى محافظة ريمة (213 كيلومتراً جنوب غربي صنعاء) أثناء وجوده في موقع عمله في مديرية منبّه، بإطلاق النار عليه، في واقعة تسببت بإصابة شخصين آخرين. وحسب مصادر محلية، فإن الجماعة اكتفت بإجراء شكلي تمثل في توقيف الجاني قبل الإفراج عنه لاحقاً.

وذكرت المصادر أن هذه الجريمة تأتي في سياق استهداف مناطقي من قِبل عناصر وقيادات في الجماعة ضد المنتمين إلى محافظات أخرى، مبينة أن أكثر من 10 أفراد ينتمون إلى محافظة ريمة قُتلوا في محافظة صعدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على يد مسلحين حوثيين، إلى جانب ضحايا آخرين من محافظات أخرى.

ورغم تزايد المطالب الشعبية والحقوقية بسرعة كشف ملابسات هذه الانتهاكات وضبط الجناة، تواصل الجماعة الحوثية التعامل معها بسياسات لا تحقق العدالة والإنصاف للضحايا أو أقاربهم؛ إذ تكتفي في أحسن الأحوال بتبني صلح ودفع تعويضات مالية ضئيلة.

متسوقون في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

وإلى جانب القتل خارج القانون، يتعرض عشرات الوافدين إلى محافظة صعدة، وهي معقل الجماعة الرئيسي، للاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، في حين يخضع أي وافد لرقابة أمنية مشددة، دون إبداء الأسباب.

وتفيد مصادر حقوقية بأن الانتهاكات بحق المدنيين في مختلف مديريات محافظة صعدة لا يمكن حصرها أو الحصول على معلومات كافية حولها، بسبب وقوع المحافظة تحت سطوة أمنية وحالة طوارئ حوثية غير معلنة، ورقابة مشددة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنع تداول المعلومات، وترهيب السكان بشأن النشر واستخدام هذه المواقع.

إفلات من العقاب

وتشهد محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، موجة غضب واسعة بعد مقتل شاب في الثامنة عشرة من عمره برصاص مسلح حوثي، من خلال وقفات احتجاجية حاشدة طالبت بضبط الجاني ومحاسبته.

تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

ورفض القيادي الحوثي المكنى أبو علي الكحلاني، المعيَّن من قِبل الجماعة مديراً لأمن المحافظة، لقاء المشاركين في الوقفات الاحتجاجية أو الاستجابة لمطالبهم بضبط المسلح الحوثي يعقوب العزي المتهم بالواقعة، والذي أقدَم على إطلاق النار على المجني عليه في وسط أحد شوارع مركز المحافظة.

وحذَّر المشاركون في الاحتجاجات من عدم ضبط المتهم وإحالته إلى العدالة، بعد أن شهدت المحافظة سوابق جنائية مشابهة، تم فيها إطلاق الجناة والتلاعب بالقضايا، في ظل تغييب متعمد لسلطة القضاء العادل، وسياسة حماية العناصر المسلحة؛ ما أسهم في تفشي الفوضى الأمنية وارتفاع جرائم القتل.

وتشهد محافظة إب انفلاتاً أمنياً غير مسبوق منذ سيطرة الجماعة الحوثية عليها، مع انتشار واسع للعصابات المسلحة والأفراد المطلوبين للأمن والمفرج عنهم من السجون الرسمية عقب وصول الحوثيين.

التنافس على الجبايات وممتلكات السكان والمزارعين من أسباب الصراع بين القيادات الحوثية (إعلام حوثي)

ولا يقتصر الانفلات على الجرائم التي يروح ضحايا الأبرياء من المدنيين؛ إذ قُتل القيادي الأمني الحوثي جلال دماج، المعين نائباً لمدير أمن فرع مديرية العدين، أمام منزله، برصاص مجهولين لاذوا بالفرار، دون أن تتمكن الجماعة، التي نفذت انتشاراً أمنياً واسعاً من القبض عليهم أو الكشف عن هوياتهم.

خلافات وتصفيات

أثارت وفاة قيادي حوثي آخر في المحافظة، وهو عبد الجليل الشامي، الذي عينته الجماعة مديراً عاماً لمديرية النادرة، تكهنات بشبهة تصفية داخلية مرتبطة بخلافات مالية مع قيادات حوثية أخرى. وعزز من تلك التكهنات عدم الإعلان الصريح عن أسباب الوفاة أو ملابساتها.

ولف الغموض أيضاً وفاة القيادي البارز محمد محسن العياني، والتي لم تعلن الجماعة سبباً لها، مع ترجيحات بمقتله في ضربة جوية سابقة دون إعلان رسمي، خصوصاً وأنه أحد أبرز القيادات المؤسسة، وكان أحد مسؤولي جمع الأموال والسلاح.

وكانت محافظة الجوف (شمال شرق) مسرحاً لمقتل قائدين ميدانيين في الجماعة، حيث قُتل القيادي ضيف الله غيلان، المكنّى أبو حمزة، مع عدد من مرافقيه، برصاص مسلحين قبليين في ظل توتر تشهده المحافظة بسبب سياسة الجماعة بفرض مشرفين من خارجها.

تشييع القيادي الحوثي البارز محمد محسن العياني في صعدة دون الإفصاح عن سبب وفاته (إعلام حوثي)

وينتمي أبو حمزة إلى مديرية سنحان في محافظة صنعاء، وكان يعمل سابقاً في حراسة إحدى المحاكم في العاصمة اليمنية المختطفة.

كما قُتل المشرف الأمني الحوثي أحمد وازع الفرجة، وأُصيب أحد مرافقيه، برصاص مسلحين حوثيين آخرين، بعد رفضه تنفيذ توجيهات قيادات عليا في المحافظة.

وأرسلت القيادات العليا مجموعة مسلحين لإلزامه بتنفيذ التوجيهات أو القبض عليه، إلا أن الخلافات تطورت إلى إطلاق نار أدى إلى مقتله.

وتشير المصادر، إلى أن محافظة الجوف تشهد خلافات حادة بين قادة الجماعة حول النفوذ وتقاسم موارد الجبايات والسطو على ممتلكات السكان.


المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.