اشتعال المعركة الروسية ـ الأوروبية على سوق الغاز

موسكو تصف ممارسات المفوضية بـ{التخريبية}

يجري مد خط أنابيب «سيل الشمال - 2» لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق  (غيتي)
يجري مد خط أنابيب «سيل الشمال - 2» لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق (غيتي)
TT

اشتعال المعركة الروسية ـ الأوروبية على سوق الغاز

يجري مد خط أنابيب «سيل الشمال - 2» لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق  (غيتي)
يجري مد خط أنابيب «سيل الشمال - 2» لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق (غيتي)

عبرت روسيا عن استيائها من ممارسات المفوضية الأوروبية حول مشروع شبكات أنابيب غاز «سيل الشمال - 2» لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا. وكانت المفوضية الأوروبية قد أعدت مشروع تفويض لإجراء محادثات مع روسيا حول تلك الشبكة، وفي إحدى فقرات التفويض يشترط الأوروبيون أن تقوم شركات غاز روسية أخرى، إلى جانب «غاز بروم»، بضخ الغاز عبر تلك الشبكة. وفي تعليقه على هذا الشرط التفاوضي، قال ألكسندر نوفاك، وزير الطاقة الروسي، إن «الممارسات الأوروبية حول (سيل الشمال – 2) تخريب واضح»، وأضاف أن هذا الأمر «تدخل في العلاقات التجارية بين الشركات».
جدير بالذكر أن «سيل الشمال - 2» هو خط الأنابيب الثاني الذي يجري مده بين روسيا وألمانيا، عبر قعر البلطيق، لنقل الغاز الروسي إلى السوق الأوروبية، وهو توأم لأنبوب شبكة «سيل الشمال»، ويتم عبرها حالياً ضخ الغاز إلى أوروبا. وسيبدأ العمل عبر «سيل الشمال - 2» بحلول عام 2019، بقدرة ضخ نحو 27.5 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، مما يعني أن روسيا ستضاعف صادراتها من الغاز عبر تلك الشبكة. ولتنفيذ المشروع، وتشغيل الشبكة بعد ذلك، تم تأسيس شركة «نورد ستريم 2» السويسرية، التي أصبحت الآن ملكاً لشركة «غاز بروم».
ويرفض الأوروبيون مد الشبكة الجديدة، إلا أنهم أصبحوا يتعاملون معها كأمر واقع، لذلك طلبت المفوضية الأوروبية من دول الاتحاد الأوروبي منحها تفويضاً لإجراء محادثات مع الجانب الروسي حول «سيل الشمال - 2»، وتنوي ضمان التزام الشبكة بالمعايير الأوروبية، بما في ذلك الشفافية والسماح بوصول الدول الأخرى لها، وكذلك تنوع مصادر الغاز الذي يمر عبر أنابيبها.
وتعارض أوكرانيا بصورة خاصة مد شبكة أنابيب الغاز الروسية الجديدة، وتخشى من أن تصبح بديلاً عن شبكتها لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا. واتهم الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو روسيا بأنها تعمل على مد «سيل الشمال - 2» انتقاماً من أوكرانيا، وقال إن «الهدف هو حرمان أوكرانيا من ملياري دولار تحصل عليهما سنوياً لقاء استخدام روسيا للشبكة الأوكرانية في ترانزيت الغاز نحو السوق الأوروبية»، وهو ما عده «انتقاماً من كييف بسبب قرار محكمة التحكيم في ستوكهولم».
وتقول شركة «نافتوغاز» الأوكرانية إن محكمة ستوكهولم ألغت من التعاقدات بين الجانبين الأوكراني والروسي مبدأ «take or pay» الذي يفرض على الجانب الأوكراني التسديد مقدماً لكامل قيمة الغاز التي تنص عليها الاتفاقيات مع الجانب الروسي، بغض النظر عن الكميات التي سيستوردها فعلياً. ويرى الجانب الروسي أن قرار المحكمة «مرحلي» في النزاع بين «غاز بروم» و«نفط غاز» أوكرانيا، بينما نفى ألكسندر مدفيديف، نائب رئيس «غاز بروم»، إلغاء المحكمة لذلك المبدأ.
وتحرص روسيا على التأكيد أن «سيل الشمال - 2» ليس موجهاً ضد أي طرف، وهو ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله يوم 21 يونيو (حزيران) الماضي رئيس شركة «رويال دوتش شل»؛ حينها أكد بوتين لضيفة أن «سيل الشمال - 2» ليس موجهاً ضد أي طرف كان، ومن شأنه أن يساهم في تطوير الطاقة. إلا أن هذا لم يقلل من المخاوف الأوكرانية، وطالب مسؤولون أوكرانيون الولايات المتحدة بتوسيع عقوباتها الاقتصادية ضد روسيا، لتشمل شركة «غاز بروم». وعبر أندريه كوبوليف، رئيس مجلس إدارة «نافتوغاز» بوضوح عن المخاوف من مرحلة «ما بعد 2020»، ونصح الإدارة الأميركية، في حوار أجرته معه «وول ستريت جورنال»، بتوسيع العقوبات بسرعة لتشمل مشروع «سيل الشمال - 2».
ويرى كوبوليف أن مد شبكة «سيل الشمال - 2» سيوسع إمكانيات «غاز بروم»، واتهمها بـ«استغلال موقفها المهمين في سوق الغاز الأوروبية»، وأضاف: «إن أي تحليل مستقل سيُظهر أن مد شبكة الأنابيب هذه موجه ضد مصالح الولايات المتحدة، وهو كذلك ضد مبادئ وحدة أوروبا (...) لذلك، فإن عدم استخدام العقوبات ضد هذا المشروع أمر لا يمكن تبريره».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن قبل قمة العشرين عن نيته زيادة صادرات الغاز الأميركي المسال إلى السوق الأوروبية، للتقليل من اعتماد دول وسط وشرق أوروبا على الغاز الروسي. ورأى كثيرون في موسكو في القرار الأميركي محاولة لتضييق الخناق على مكانة روسيا في سوق الطاقة الأوروبية. وقال الكرملين إن هذا الأمر يتم حسمه في السوق، بينما قلل خبراء روس من تأثير الخطوة الأميركية على حجم الصادرات من الدول الأخرى إل أوروبا، إلا أنهم لم يستبعدوا أن تؤثر هذه الخطوة على أسعار الغاز في أوروبا.
ويقول المحلل الاقتصادي دميتري مارينتشينكو إن الولايات المتحدة تنتج حالياً 18.6 مليار متر مكعب من الغاز المسال سنوياً. وبحلول عام 2020، سيبدأ العمل في 4 مصانع جديدة، وسيزيد الإنتاج ليصل حتى 100 مليار متر مكعب سنوياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة الصادات الأميركية إلى السوق الأوروبية، وبسعر أقل مما هو عليه حالياً.



«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.