أقدار سينمائية مختلفة لرؤساء أميركا

تمنيات وتوقعات مكبوتة وخطط اغتيال

سيلا وورد رئيسة الجمهورية في «يوم الاستقلال: انبعاث».
سيلا وورد رئيسة الجمهورية في «يوم الاستقلال: انبعاث».
TT

أقدار سينمائية مختلفة لرؤساء أميركا

سيلا وورد رئيسة الجمهورية في «يوم الاستقلال: انبعاث».
سيلا وورد رئيسة الجمهورية في «يوم الاستقلال: انبعاث».

هم ضحية خطط اغتيال، بعضها ينجح وبعضها الآخر يفشل.
هم في خطر هجوم مباغت من قبل أعداء واشنطن، أو هم من سيقودون المعركة ضد هؤلاء الأعداء.
هم صور شخصية تدور حولها الأفلام التسجيلية، أو استنباطات خيالية لأفلام روائية.
كيفما نظرت إلى رؤساء الولايات المتحدة، من أيام لينكولن وإلى اليوم، تجد أنّ حياتهم، الحقيقية أو المتخيلة، من تلك المواضيع الأكثر تردداً في السينما. وكما هو واقع كل الأفلام في كل الأنواع، تنجح تلك الأعمال، سواء أكانت بيوغرافية أو مؤلّفة، بقدرة من يقف وراءها ويوفرها بأسلوبه الخاص إذا ما امتلكه.
لكن هذه المواضيع متشعبة إلى ما لا نهاية ويمكن النظر إليها من زوايا كثيرة. هي أفلام سياسية وإنتاجات فنية واستعراضات شخصية وتاريخية، وقبل وبعد كل شيء هي أعمال عن شخصيات حقيقية. ومعظم هذه الزوايا مطروقة في الأفلام جميعاً باستثناء أنّ الكثير منها سيتناول شخصيات خيالية يبتدعها إذا لم تكن الشخصية الحقيقية تستطيع الإيفاء بالمطلوب. على سبيل المثال، لم يضطر رئيس جمهورية أميركي لاستخدام مهارته القتالية (إذا ما وُجدت) في الأجواء بعدما تسلل إلى طائرته فريق من الأشرار، ما جعل الحكاية المثيرة ككتابة تدور حول رئيس خيالي قام به هاريسون فورد في فيلم Air Force One إخراج وولفغانغ بيترسون سنة 1997.
كذلك لم يرتكب رئيس جمهورية جريمة قتل يكتشفها لص جاء يسرق مخدعه كما حال فيلم «سُلطة مطلقة» (Absolute Power) الذي قام ببطولته وإخراجه كلينت ايستوود. لكن ايستوود لعب شخصية مستوحاة من الواقع كحارس أمن لموكب الرئيس (قام به غير المعروف جيم كيرلي) في فيلم آخر لبيترسون هو «في خط النار» (1993).
والصورة متباعدة بين «طائرة الرئيس واحد» وبين «سُلطة مطلقة» على الرغم من أنّهما خياليان. في الأول رئيس الجمهورية بطل لا يحتاج لمن يدافع عنه، إذ سيتصدّى للمهاجمين داخل الطائرة المحلقة بقدرة يخضر لها وجه أرنولد شوارتزنيغر حسداً.
في الثاني، هو رئيس جبان ورعديد (قام به جين هاكمن) قتل، ولو من غير عمد، امرأة ليل أراد ممارسة الحب معها بعنف فزهق روحها بين يديه. البطل هنا هو لص منازل شهد الحادثة وهو في المنزل الذي تم اختياره من قِبل مساعدي الرئيس لخلوته.
* قبل أشهر من اغتياله
تتدخل هنا حقيقة أن ايستوود يميني، ما يعني أن المنتظر منه هو تقديم فيلم يشبه «طائرة الرئيس واحد» بتمجيده الشخصية الأولى، عوضا عن تقديم فيلم ينسف فضائلها. لكن ايستوود والنظام ليسا دائماً على وفاق. في الواقع قد يكون ايستوود تقليدياً وجمهورياً وذي مواقف يمينية ثابتة، لكنّه لم يحقق فيلماً لصالح رئيس أو حزب. في فيلم آخر جمعه مع جين هاكمن، هو «غير المسامَح» (1992) نجد «الشريف» (هاكمن)، الذي يمثل النظام في ذلك الوسترن، يمارس نزعة سادية وعنصرية تودي بحياة صديق بِل موني (ايستوود) الأسود (مورغان فريمن). إلى ذلك، فإنّ هذا الشريف يبني بيته الخشبي بنفسه ويعتقد أنّه يحسن العمل بينما سقف البيت فيه من الثغرات بحيث يهطل الماء منه حين تمطر.
تقديم الرئيس في صور إيجابية انتشر حتى قبل أن تعرف السينما تأليف الحكاية. جورج واشنطن كان أول رئيس للولايات المتحدة، لكن أول فيلم عن رئيس جمهورية كان حول ويليام ماكينلي الذي حمل الرقم 26 في سلم الرئاسة الأميركية ومات سنة 1901 اغتيالاً.
إذا استبعدنا الشكوك بأن الرئيس زكاري تايلور (1850‪ - ‬1784)، الذي كان الرئيس الثاني عشر في تاريخ البيت الأبيض، مات مسموماً نتيجة خطّة من سياسيين مؤيدين لنظام العبودية في الجنوب الأميركي، لأن الطب آنذاك لم يستطع معرفة السبب، فإن ويليام ماكينلي هو ثالث رئيس أميركي مات مقتولاً بعد إبراهام لينكولن (1965) وجيمس غارفيلد (1881). لكن توماس أديسون كان سبق مصير ماكينلي بأشهر عندما صوّره في فيلمين قبل أشهر من اغتياله في عام (1901). الأول بعنوان «الرئيس ماكينلي وموكبه في الطريق إلى العاصمة»، والثاني «الرئيس ماكينلي يحلف اليمين»، والمقصود حلف اليمين للفترة الثانية من الرئاسة التي أمضى منها ستة أشهر قبل مقتله.
منذ ذلك الحين وحتى اليوم، مروراً بحادثة اغتيال جون ف. كيندي سنة 1963، أنتجت هوليوود مئات الأفلام عن رؤساء أميركا سواء الذين ماتوا طبيعياً أو اغتيلوا (أربعة فقط). وبما أنّ عدد من جرى اغتيالهم ليس كبيراً، فإن الأفلام التي تحدثت عن خطط اغتيال لرؤساء وهميين هي، بالتالي، أكثر بكثير.
كذلك عدد الأفلام التي تناولت الرؤساء الحقيقيين (في شخصيات أولى أو ثانوية)، بصرف النظر عن نهاياتهم. على سبيل المثال هناك 18 فيلماً عن الرئيس جورج واشنطن من أشهرها فيلم هيو هدسون «ثورة»، قام آل باتشينو ببطولته. الفيلم ليس مباشرة عن الرئيس، لكنّ الرئيس موجود فيه يؤديه فرانك وندسور. أمّا تلك التي احتوت على شخصية إبراهام لينكولن يبلغ عددها 30 فيلما من عام 1915 (وهو العام الذي شهد كذلك أول فيلم روائي عن جورج واشنطن «معركة صرخة السلام» وحتى سنة 2014 في فيلم «سباق للبيت الأبيض»، ومروراً بفيلم ستيفن سبيلبرغ «لينكولن» (2012)، كما قام دانيال داي - لويس بتمثيله وقبله «آب لينكولن في إيلينويس» لجون كروموَل (1940) و«مستر لينكولن الشاب» لجون فورد (1939).
الواقع أنّ هناك 42 رئيس جمهورية تم تمثيلهم في الأفلام من أصل الـ45 رئيساً منذ مولد أميركا إلى اليوم.
* الرئيس مقاتلاً
ما يجعل من الحكايات حول رؤساء الجمهورية الحقيقيين، أو تلك التي تشملهم في حكاياتها، موضوعاً متوالياً في هوليوود (ما يفوق 240 فيلما غير تلك التي تتخيل رؤساءها) يعود إلى أنّ الأفلام التي نجحت تجارياً حول الرئيس هي أكثر، ولو بقليل، من تلك التي فشلت. من ينجح منها ومن يفشل يعتمد على الأفلام وطبيعتها. أولئك الذين أمّوا فيلم «رايات آبائنا» لايستوود (2005) فعلوا ذلك بسبب ايستوود وليس لأن الفيلم يحتوي على شخصية هاري ترومان. بينما شاركت شخصية إبراهام لينكولن في إنجاح فيلم «لينكولن» لجانب كل من سبيلبرغ وداي - لويس.
والمسؤولية متوازية في فيلمي أوليڤر ستون JFK وNixon، إذ احتوى كل فيلم على قضايا مثيرة تتعلق بحياة كل من جون ف. كيندي ورتشارد نيكسون. لكن عندما قام بتحقيق فيلم W، عن جورج دبليو بوش فإن الموضوع وصاحبه لم يلعبا ما يكفي من تأثير ما جعل الفيلم يسبح بعيداً عن ناصية الاهتمام.
هذا ليس سوى جانب من العلاقة بين هوليوود وواشنطن. السينما حاضرة هنا لكي تتحدث عن بطولة أو عن أزمة والرئيس يمر بالحالتين أو قد يفشل في الأولى وتبقى له نتائج الثانية، كما حدث مع رتشارد نيكسون وليندون جونسون اللذين من بين أقل رؤساء الجمهورية الأميركيين إثارة لتعاطف هوليوود والشارع السياسي العام.
وعندما لا تكفي بطولات الرئيس فإن ابتداعها أمر لا يحتاج إلا لمخيلة كاتب السيناريو. ها هي كوريا الشمالية تتعاون مع إرهابيين أميركيين للهجوم على البيت الأبيض وتدميره في «أوليمبوس سقط» (أنطوان فوكوا، 2013) وبعده هم إرهابيون عرب الذين يريدون قتله خلال زيارته إلى لندن في «لندن سقطت» (لباباك نجفي، 2016). في كليهما يشترك الرئيس الأميركي المبتكر «بنجامن آشر» (آرون إكهارت) في درء العدوان، لكن خط الدفاع الأول هو للحارس الشخصي مايك بانينغ (جيرارد بَتلر). لكن علينا ملاحظة أنّ القدرات القتالية لهذا الرئيس تحسّنت ما بين الفيلمين. هو أقل قدرة على الدفاع عن نفسه في الفيلم الأول، وشريك في القتل والقتال في الفيلم الثاني. هنا تختلف النظرة السياسية أيضاً: إنقاذ الرئيس يتم أساساً بسبب حارسه بينما يتساوى الاثنان في المهام في الفيلم الثاني.
في الأول يتم هدم البيت الأبيض فوق ساكنيه، ما يعني أنّ أميركا ليست محصّنة، وفي الثاني تقع الأحداث بعيداً عن البيت الأبيض الذي لا بد أنّه أعيد بناؤه خلال تلك السنوات الفاصلة.
في فيلم أسبق للساخر تيم بيرتون «المريخ يهاجم» (1995، خلال ولاية بوش الأب)، يغزو أهل الفضاء الولايات المتحدة. يقتلون كل من يتنفس أمامهم ويصلون إلى البيت الأبيض. الرئيس (يؤديه جاك نيكلسون) مقتنع بأنّه يستطيع إجراء صفقة، لكن الغزاة يصعقونه بوميض قاتل فيموت.
* المخرج الرائي
ربما شعر الأميركيون بأن هذا القتل، بالطريقة غير البطولية التي كان فيها الرئيس يستجدي التفاهم، مهينة وبقي هذا الفيلم من بين أفلام بيرتون الأقل نجاحاً. وبعد عام واحد تحلق الجمهور بكثافة حول فيلم يقلب المعادلة عنوانه «يوم الاستقلال». الغزاة الفضائيون أقوياء وأسلحتهم لا مثيل لها في القوّة التدميرية وواشنطن العاصمة تتكوّم كأنقاض، لكن الرئيس ويتمور (بل بولمان) لن تهزّه الكارثة، بل سينتقل إلى أرض المعركة ملهماً الطيارين ول سميث وجيف غولدبلوم بالقدرة على شن الهجوم المضاد والانتصار على الأعداء.
رولاند إيميريش، مخرج هذا الفيلم، عالج الموضوع ذاته في العام الماضي عبر «يوم الاستقلال: انبعاث». ول سميث انسحب وغولدبلوم وبولمان عاد كرئيس سابق، بينما احتلت سيلا وورد رئاسة البيت الأبيض ومسؤولية الدفاع عن أميركا.
بما أن الفيلم تم إطلاقه خلال المعركة الانتخابية فإن الحثّ على إيصال هيلاري كلينتون للرئاسة كان من بين غايات هذا الفيلم بتنصيب شخصية نسائية لهذا المنصب. لكن الفيلم، على الرغم من عتاده الضخم من المؤثرات دوى بفشل ذريع محدثاً الصوت نفسه لسقوط أي من المركبات الكبيرة التي حملت الأعداء إلى كوكب الأرض.
ما بين الفيلمين، وفي العام ذاته الذي شهد خروج «أوليمبوس سقط» لأنطوان فوكوا، غازل إيميريش البيت الأبيض بفيلم آخر هو «البيت الأبيض يسقط» وفيه يقوم شأنينغ تاتوم بإنقاذ الرئيس الأميركي الأسود (جايمي فوكس) من هجوم كاسح لغزاة من أهل الأرض.
هذه الأفلام الثلاثة تنضوي تحت بند البطولات لكن «يوم الاستقلال: الانبعاث» ليس الوحيد من بين تلك التي تنضوي على الآمال أو يدخل في صنف التمنيات شبه المكبوتة من حيث إن المرأة فيه هي رئيسة الجمهورية.
فحتى قبل تولي باراك أوباما الرئاسة، شهدنا أفلاما تحدثت عن وصول رئيس أفرو - أميركي إلى البيت الأبيض من بينها فيلم آخر للمتخصص «تنبؤات» رونالد إيميريش هو «2012» قام بدور الرئيس فيه داني غلوڤر (2009) وقبله، سنة 1998 جسد مورغان فريمان شخصية الرئيس في فيلم كوارثي آخر (كما حال «2012») عنوانه «تأثير عميق» لميمي لَدر، وعلى أيام بوش الابن مثّل دنيس هايسبيرت دور الرئيس في مسلسل «24». لكن الرئيس الأسود الأول في الأفلام كان جيمس إيرل جونز حين لعب دور رجل الكونغرس الذي يتحوّل إلى رئيس الجمهورية بقرار مفاجئ بعد اغتيال الرئيس ذاته، وذلك في فيلم لجوزيف سارجنت عنوانه «الرجل» سنة 1972.
في الواقع كل ما سبق ذكره هنا يلعب على أفكار للتسلية والتنويع باستثناء أن «الرجل» أكثر جدية في طرح ما يواجه هذا الرئيس سياسيا وشعبياً وكيف أنّه يحاول استغلال الفرصة، لكي يقضي على العنصرية والتعصب.
بالنسبة للمرأة رئيساً، وإلى جانب سيلا وورد في «يوم الاستقلال: انبعاث»، لم يتم تقديم عمل آخر في هذا السياق باستثناء مرتين تلفزيونيّتين: ألفري وودارد لعبت دور رئيس البيت الأبيض في «حال الشؤون» وجمعت بين كونها امرأة وأفرو أميركية، وجوليا لويس دريفوس لعبت الدور ذاته في المسلسل Veep، جامعة بين كونها امرأة ويهودية.
* وحيداً
في فيلم يحمل كلمة الرئيس في العنوان، ويدور حوله - ولو على نحو غير مخصص - وهو «كل رجال الرئيس» ليس هناك من شخصية رئيس فعلي. لكن هذا الفيلم الذي حققه ألان ج. باكولا سنة 1976 مستوحى من إحدى أهم فضائح البيت الأبيض الواقعية وهو فضيحة ووترغيت على أيام رتشارد نيكسون.
عندما عمد المخرج الراحل روبرت ألتمن إلى الموضوع ذاته في فيلم «شرف سري» (1984) منح دور الرئيس ذاته إلى فيليب بايكر هول الذي لا يظهر في الفيلم سواه. ذلك أنّ هذا الفيلم السياسي الساخر (المشاهد في عرض هامشي في إحدى دورات مهرجان برلين) يدور حول الرئيس نيكسون في مكتبه المغلق عليه طوال ساعة ونصف: دراما حول سلوكياته ومؤامراته وعزلته في أسابيع حكمه الأخيرة.
السخرية هي منوال شاهدناه في فيلم «سوبرمان 2» لرتشارد لستر (1980) وفي «مواطنيي الأميركيين» (My Fellow Americans) لبيتر سيغال (1992)، وكما تقدم، في «المريخ يهاجم» لتيم بيرتون (1996). لكن أفضل من استخدمه كان ستانلي كوبريك في وصفه حال رئيس أميركي اسمه مركن موفلي يجد نفسه في مواجهة حرب إبادة مع السوڤييت في «دكتور سترانجلف أو: كيف تعلمت التوقف عن القلق وأحببت القنبلة» (1964).
بيتر سلرز في ذلك الدور وهو يصل على عجل إلى غرفة العمليات محاولا إيقاف صاروخ نووي أُطلق بغير أمره سيضرب موسكو بلا ريب. في المقابل، وحال عرف الروس بتوجه الصاروخ النووي إلى بلادهم، أطلقوا صواريخهم صوب الولايات المتحدة وليكن ما يكون.
في العام ذاته، قام هنري فوندا ببطولة فيلم «أمن فاشل» لسيدني لوميت الذي يفترض أيضاً توجيه الولايات المتحدة ضربة إلى موسكو، لكنّ الخطأ ليس بشرياً، بل تقنيا إذ فشلت محاولة إعادة الطائرة الحاملة للقنبلة بعدما أنهت تدريباتها. لكن بقدر ما كان فيلم كوبريك رائعاً في السخرية من حروب القوى وموغلاً في معاني الحرب الباردة التي كانت، في الواقع ساخنة في ذلك الحين، بقدر ما جاء فيلم لوميت فاقداً اللمعة مكتفياً بالمادة الرصينة.
هذا الجانب السياسي تقاطع دوماً ومع احتمالات الواقع. صحيح أنّ التركيبة كانت خيالية تنص على حرب محتملة أو مؤامرة اغتيال وشيكة الوقوع، إلّا أنّها كانت نسيجاً من الوضع المتأزم الذي شهدته العلاقات الأميركية - الروسية أو نتيجة وضع مماثل في الزمن الحالي حيث يسود التطرف ويضرب الإرهاب في أكثر من مكان.
«صدنلي» (اسم البلدة وليس المعنى في كلمة Suddenly)، خرج عن هذا الخط سنة 1954 قليلاً. فيلم ترفيهي في كيانه، لكنّه بدوره وضع في الحسبان احتمالات الاغتيال الذي تقوم به جهة غربية (غير مسماة في الفيلم)، عبر عملاء، وبذلك يحيك الموقف السياسي الذي يستند إليه.
فرانك سيناترا هو العميل مع ثلاثة رجال يصلون إلى بلدة «صدنلي»، حيث من المنتظر توقف رئيس الجمهورية في البلدة قادماً بالقطار في طريقه إلى مدينة أخرى. يداهمون البيت المشرف على المحطة ويحتجزون من فيه (بمن فيهم الشريف سترلينغ هايدن الذي كان في زيارة للأرملة التي فقدت زوجها في الحرب الكورية)، وينصبون بندقية قنّاصة بانتظار اللحظة الحاسمة.
ما يلي ذلك هو قصّة تُروى. ما يطرحه الفيلم هو كيف على أميركا أن تبقى حذرة من خطط اغتيال رؤسائها، وكان ذلك قبل تسع سنوات من اغتيال الرئيس كيندي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».