خلافات بين فصائل معركة الرقة ومفاوضات لإعادة «النخبة» إلى الجبهات

مصادر تضعها في خانة السباق على إدارة المدينة

نازحان فرا من معارك الرقة أمام خيمة في قرية الكرامة أمس (رويترز)
نازحان فرا من معارك الرقة أمام خيمة في قرية الكرامة أمس (رويترز)
TT

خلافات بين فصائل معركة الرقة ومفاوضات لإعادة «النخبة» إلى الجبهات

نازحان فرا من معارك الرقة أمام خيمة في قرية الكرامة أمس (رويترز)
نازحان فرا من معارك الرقة أمام خيمة في قرية الكرامة أمس (رويترز)

قبل أن تضع معركة الرقة أوزارها، بدأت الخلافات بين الأطراف المشاركة في تحرير المدينة من تنظيم داعش تظهر إلى العلن، وتحديداً بين «قوات سوريا الديمقراطية» و«قوات النخبة» التي انسحبت من مواقعها على جبهات القتال يوم أول من أمس. وفي حين تشير المعلومات إلى أن الخلافات هي نتيجة حوادث متكررة على الجبهات، ومحاولة «النخبة» إظهار نفسها كقوة موازية لـ«سوريا الديمقراطية»، يضعها البعض الآخر في خانة السباق على إدارة الرقة بعد التحرير.
ورغم نفي «سوريا الديمقراطية» إبعاد «قوات النخبة»، التي يقودها رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا، إلى ريف الرقة، وضع مصدر في «وحدات حماية الشعب الكردية» هذا الأمر في خانة التكتيك العسكري، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «إن انسحاب النخبة من مواقعها لم يكن إبعاداً، إنما يندرج ضمن سياسة التبديل في المواقع بين المجموعات العسكرية التي تقاتل في الرقة». وكان الناطق الرسمي باسم «سوريا الديمقراطية»، العميد طلال سلو، قد قال إن «ما تم تداوله حول انسحاب قوات النخبة من جبهة شرق مدينة الرقة غير صحيح على الإطلاق».
في المقابل، قال مصدر مطلع على موقف «النخبة» إن ما يحصل هو نتيجة السباق على إدارة الرقة بعد التحرير، مؤكداً انسحاب قواتها من الجبهات التي كانت تقاتل عليها، ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إبعاد النخبة عن المعركة ينطلق من نيات لقطع الطريق أمامها، ومنعها من تولي إدارة الرقة، لا سيما أنها المجموعة العربية الوحيدة التي تقاتل في المنطقة». وفي حين أكد المصدر استمرار المفاوضات بين الطرفين، حذّر من تفاقم الخلاف الذي قد يأخذ أبعاداً كردية – عربية، وينعكس سلباً، سياسياً وعسكرياً.
أما مسؤول مكتب إعلام «سوريا الديمقراطية»، مصطفى بالي، فعلق على استفسار من «الشرق الأوسط» حول أن إبعاد «النخبة» يأتي في سياق السباق على إدارة الرقة، بالقول: «هذا التحليل مبني على واقع غير موجود. كما أننا ننفي انسحاب (النخبة)، وننفي هذه الفرضية».
من جهته، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم إبعاد عشرات العناصر الذين يقاتلون ضمن قوات النخبة من جبهة الصناعة وباب بغداد، في المدينة القديمة، إلى ريف الرقة الشرقي نتيجة خلافات على جبهة القتال».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المفاوضات لا تزال جارية بين قوات النخبة السورية المشاركة في عملية «غضب الفرات»، وقوات سوريا الديمقراطية التي تقود العملية، لإعادتهم إلى المواقع التي كانوا يتمركزون عليها، بعد إبعاد قوات النخبة وانسحابها من معركة الرقة الكبرى، إثر خلافات جرت بين الطرفين. وأشار إلى أن مئات المقاتلين المنضوين تحت راية قوات النخبة السورية موجودون في محافظة الرقة، وفي الريف الشرقي للمدينة، وقد شارك العشرات منهم في معركة الرقة الكبرى، حيث تمركزوا في حي الصناعة، وفي المدينة القديمة من جهة باب بغداد.
ولفت المرصد إلى أن المفاوضات تجري حول نقطتين رئيسيتين: إما إعادة قوات النخبة السورية إلى المواقع التي كانت تتمركز بها سابقاً في الصناعة وعند باب بغداد بالمدينة القديمة، أو ضمهم للعمل تحت راية «قوات سوريا الديمقراطية» من دون البقاء كمجموعة منفصلة.
وكان المرصد قد أشار، يوم السبت، إلى انسحاب قوات النخبة السورية من مواقعها في حي الصناعة ومنطقة باب بغداد والمدينة القديمة في مدينة الرقة، إلى منطقة الحمرات في الريف الشرقي لمدينة الرقة. وأكدت مصادر قيادية في «قوات سوريا الديمقراطية» للمرصد السوري أن الفصيل جرى إبعاده بسبب ممارساته في الجبهة، وتركه إحدى النقاط التي كان يتمركز بها على خطوط التماس مع تنظيم داعش، ومحاولة إظهار نفسه كقوة موازية للقوات الديمقراطية.
مع العلم بأن معركة الرقة الكبرى، التي بدأت في 6 يونيو (حزيران) الماضي، تقودها «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردي» عمادها، بمشاركة قوات مجلس دير الزور العسكري، وقوات النخبة السورية، وقوات مجلس منبج العسكري، وبدعم من القوات الخاصة الأميركية، وإسناد من طائرات التحالف الدولي، حيث تمكنت قوات عملية «غضب الفرات» إلى الآن من السيطرة على مواقع عدة في المدينة التي بات يرتكز القتال فيها على الرقة القديمة.
وميدانياً، استمرت المعركة في يومها الثالث والثلاثين باشتباكات عنيفة. وقد نشبت معارك شرسة بين مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» و«داعش» في حي هشام ابن عبد الملك، في الجزء الجنوبي للمدينة، حيث سيطرت «سوريا الديمقراطية» على بعض النقاط والأبنية من الحي.
وفي المدينة القديمة للرقة، قتل 13 عنصراً من «داعش»، وعنصران من «سوريا الديمقراطية»، في معارك الحي القديم، بحسب مصادر «سوريا الديمقراطية».
وفي حي البريد، شمال غربي المدينة، حاولت عناصر «داعش» مع ساعات الصباح الباكر الإغارة على خنادق «سوريا الديمقراطية»، فيما تصدى لهم المقاتلون. وفي أثناء تمشيط المقاتلين لحي حطين، المحرر سابقاً، عثر المقاتلون الأكراد على مصنع لتصنيع مدافع الهاون عائد لـ«داعش»، بحسب «سوريا الديمقراطية».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.