في ذكرى رحيله الثانية... مصر تتذكر عمر الشريف بأسبوع لأفلامه

سينما الهناجر تعرض 5 من أعماله العربية والأجنبية

شعار أسبوع أفلام عمر الشريف بسينما الهناجر
شعار أسبوع أفلام عمر الشريف بسينما الهناجر
TT

في ذكرى رحيله الثانية... مصر تتذكر عمر الشريف بأسبوع لأفلامه

شعار أسبوع أفلام عمر الشريف بسينما الهناجر
شعار أسبوع أفلام عمر الشريف بسينما الهناجر

تحل اليوم العاشر من يوليو (تموز)، الذكرى الثانية لرحيل النجم العالمي عمر الشريف، الذي غادر عالمنا عام 2015، عن عمر ناهز 83 سنة، بعد معاناة مع مرض ألزهايمر. واحتفاء بذكراه، ينظم صندوق التنمية الثقافية برئاسة الدكتور أحمد عواض، أسبوعاً لأفلامه، وذلك في الفترة من اليوم (الاثنين) وحتى الجمعة 14 يوليو، في السابعة مساء، بقاعة سينما الهناجر، حيث تعرض مجموعة من أهم أفلامه العربية والأجنبية. يسبق العروض تقديم للفيلم، ويعقبها ندوة مع عدد من النقاد والفنانين يديرها المخرج أشرف فايق، المشرف على النشاط السينمائي بقطاع صندوق التنمية الثقافية. وتبدأ العروض بفيلم «إشاعة حب» الذي لعب دور البطولة فيه مع الفنانة سعاد حسني، وهو من إنتاج عام 1960، ومن إخراج فطين عبد الوهاب. في اليوم التالي يعرض فيلم «funny girl» الذي قام ببطولته أمام نجمة الغناء والسينما الأميركية باربرا سترايسند، أنتج الفيلم عام 1968، ومن إخراج وليم وايلر، كما سيعرض أيضاً فيلم «في بيتنا رجل» الذي قام ببطولته الشريف أمام نخبة من نجوم السينما المصرية، منهم رشدي أباظة وزهرة العلا وزبيدة ثروت الذي أنتج عام 1964 وكان من إخراج هنري بركات، كما يتضمن أسبوع الأفلام عرضاً لفيلم «Lawrence of Arabia»، وهو واحد من كلاسيكيات السينما العالمية الذي لعب فيه النجم عمر الشريف دور الشريف علي، أمام النجوم بيتر أوتول، وأنتوني كوين، والفيلم إنتاج عام 1962 ومن إخراج ديفيد لين.
ويختتم أسبوع الأفلام بعرض فيلم «نهر الحب» إنتاج عام 1960، وإخراج حلمي رفلة، وهو واحد من أهم الأفلام الرومانسية بين كلاسيكيات السينما المصرية وضمن قائمة أهم 100 فيلم في تاريخها، الذي لعب بطولته عمر الشريف أمام سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة، وكان آخر لقاء سينمائي بينهما، حيث ترك الشريف مصر ليقتحم السينما العالمية من خلال أدوار في أفلام فرنسية وإيطالية وأميركية، في رحلة امتدت أكثر من 20 سنة، ثم عاد إلى مصر في الثمانينات، حيث لعب بطولة فيلم «الأراجوز» عام 1989، ليستكمل مسيرته الفنية التي امتدت نحو 60 عاماً، وانتهت بالفيلم المغربي «روك القصبة» عام 2013، وقد كُرّم في حفل جوائز «الأوسكار» العام الماضي، ثمّ كرم عقب وفاته في مهرجان القاهرة السينمائي.
حصد عمر الشريف عدداً من الجوائز العالمية، فقد فاز بجائزة الـ«غولدن غلوب» لأفضل ممثل في فيلم دراما عام 1966، عن دوره في فيلم «دكتور جيفاغو». وفاز بجائزة الـ«غولدن غلوب» عن فئة أفضل ممثل مساعد لدوره في «لورنس العرب»، فضلاً عن جائزة «غولدن غلوب» للنجم الصاعد التي تشاركها مع كل من تيرينس ستامب وكير دولا وبيتر أوتول. وفي عام 1962 رُشِح لجائزة الأوسكار عن أفضل ممثل مساعد، ولكنّه لم يفز بها وذلك لدوره في فيلم «لورنس العرب»، وفي عام 2004، مُنح جائزة مشاهير فناني العالم العربي، تقديراً لعطائه السينمائي خلال السنوات الماضية، وحاز أيضاً في العام نفسه على جائزة سيزار الفرنسية لأفضل ممثل عن دوره في فيلم «السيد إبراهيم وأزهار القرآن» لفرنسوا ديبرون. كما حصل على جائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي عن مجمل أعماله.
يذكر أنّ الفنان عمر الشريف واسمه الأصلي ميشيل ديمتري شلهوب، قد ولد في 10 أبريل (نيسان) عام 1932 بالإسكندرية لأسرة كاثوليكية من شوام مصر ذوي الأصول السورية - اللبنانية. وكان والده من أهم تجار الأخشاب في الإسكندرية، وحرصت والدته على إلحاقه بكلية فيكتوريا كوليدج بالإسكندرية، لنظامها الصارم في التنشئة والتعليم، وفيها ظهرت موهبته، على مسرحها، إلى جانب أحمد رمزي ويوسف شاهين وسمير صبري والمخرج توفيق صالح.
كانت بدايته في السينما مع المخرج يوسف شاهين الذي قدمه ليعلب دور البطولة أمام فاتن حمامة في فيلم «صراع في الوادي» عام 1954، وفي عام 1955 تزوج عمر الشريف من فاتن حمامة وأنجبا ابنهما طارق. وشاركها سلسلة من الأفلام الناجحة، وقدم الشريف في سنواته الأخيرة بمصر أفلاماً منها «المواطن مصري» 1991 مع عزت العلايلي، و«ضحك ولعب وجد وحب» عام 1993 مع عمرو دياب، و«حسن ومرقص» 2008 مع عادل إمام، و«المسافر» 2008 مع خالد النبوي. وإلى جانب بطولاته الفردية في السينما الأميركية، فقد ظل اسمه في أذهان صناع السينما بهوليوود، حيث شارك عام 1999 في فيلم «المحارب 13» مع الإسباني أنطونيو بانديراس، كما أدى دور القديس بطرس في الفيلم الإيطالي «القديس بطرس» عام 2005.
وعلى الرغم من كل ما حققه النجم العالمي، فإنه لم ينل التكريم المستحق في مصر، وتوجد جائزة تحمل اسمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي تخصص لأفضل ممثل، إلا أنه لم يخلد اسمه بمتحف يضم مقتنياته ويبرز أعماله للأجيال الجديدة حتى الآن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».