لا يكفي

لا يكفي
TT

لا يكفي

لا يكفي

لا أعلم هل الأمة العربية لم تعرف التجارة سوى في العصر الحديث، أم أنها أمة تعمل في التجارة منذ الجاهلية، وحينما كانت قوافل قريش تجوب الجزيرة العربية متجهة نحو الشام أو نحو اليمن، وهو ما تعارف عليه العرب بتسميته «رحلة الشتاء والصيف»؟ يتداعى لي هذا الأمر كلما رأيت قرارات اقتصادية تصدر في عالمنا العربي، فبعض هذه القرارات يأتي متأخراً، وبعضها لا يكفي لتحقيق الهدف المنشود اقتصادياً، أي أن معظم القوانين الاقتصادية تصدر ناقصة ولا أعلم هل هو لحداثة الاقتصاد لدينا، أم أننا أمة لا توثق تجاربها، فتكون تجاربنا غير الموثقة طلقات طائرة في الهواء كما يقول المثل الغربي؟ كما أن عدم التوثيق يجعلنا لا نستطيع تقييم تجاربنا الاقتصادية ومعرفة مكامن القوة والضعف فيها.
بدا هذا الأمر أكثر إلحاحاً حينما قررت لجنة التموين الوزارية السعودية المشكلة من وزارة التجارة والاستثمار، والمالية، والطاقة والصناعة والثروة المعدنية، والبيئة والمياه والزراعة، إيقاف الرسوم على تصدير الحديد السعودي سنتين، وتخفيض رسوم تصدير الإسمنت 50 في المائة، وتتراوح ما بين 85 و133 ريالاً (22.6 و35.4 دولار) للطن الواحد، وذلك بغرض تشجيع المنتجين المحليين والصناعات المحلية على التصدير والمنافسة، حيث لاحظت اللجنة وجود تباطؤ في حركة الاقتصاد السعودي، لا سيما في قطاع الإنشاءات المعتمد على مادتي الإسمنت والحديد، ورغم جودة القرار المتخذ بناء على تباطؤ حركة العمل في السعودية فإنه في رأيي لا يكفي، وذلك لأنه صدر متأخراً، كما يفترض في رأيي أن يعفى تصدير الإسمنت من أي رسوم لمدة سنتين هو الآخر، حتى يبحث المنتجون عن أسواق جديدة يرسخون فيها أقدامهم، ويكونون عملاء جددا يتعاملون معهم في غير الأسواق السعودية. وأتفهم حرص اللجنة على توفير مادتي الإسمنت والحديد في السوق المحلية، ولكن مثل هذا الأمر يمكن معالجته عبر زيادة تراخيص مصانع هذه المواد.
ومن أسوأ الأمور في فتح باب التصدير وإغلاقه هو ضياع العميل من المنتج السعودي وذهابه للبحث عن سوق أخرى تؤمن احتياجاته. وفي السعودية لنا تجربة في أواخر التسعينات الميلادية حينما لاحظت الحكومة تنامي الطلب على منتج الإسمنت في السعودية فمنعت تصديره، مما أفقد المصانع السعودية في ذلك الوقت مصداقيتها مع عملائها، وجعلهم يبحثون عن بديل، وكانت المصانع السعودية تصدر للأسواق العالمية في ذلك الوقت بهامش ربح بسيط ولكنه مفيد؛ لأن أحد أهم عوامل نجاح المصانع هو أن تعمل بأكثر من طاقتها الإنتاجية أي بنحو 120 في المائة، وذلك عبر تمديد ساعات العمل بالعمل الإضافي. ولشرح ضرورة ديمومة التصدير للمواطن البسيط لنفترض أن مصنع الإسمنت أو مصنع الحديد هو تموينات أو بقالة في الحي تبيعك احتياجاتك المنزلية، وفي يوم من الأيام رفض صاحبها أن يبيعك جزءا من احتياجاتك، فهل ستعود له يوماً ما؟ بالتأكيد الجواب لا، إلا إذا غير من سياسته، أو خفّض من أسعاره بشكل مغرٍ يجعل لا فرار من الذهاب إليه، وهذا قد يكون على حساب هامش الربحية.



الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
TT

الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)

قالت الصين، الأحد، إنها ستتخذ 15 إجراء لدعم التنمية في أقاليم غرب البلاد، من خلال إقامة مشروعات بنية أساسية لوجيستية؛ مثل المواني والمطارات المركزية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الإدارة العامة للجمارك قالت إن هذه الإجراءات من شأنها تعزيز التكامل بين السكك الحديدية، والنقل الجوي والنهري والبحري في غرب الصين.

وتتضمَّن الإجراءات تطوير مطارات مركزية دولية في مدن من بينها تشنغدو، وتشونغتشينغ، وكونمينغ، وشيآن، وأورومتشي، مع إقامة مناطق جمركية شاملة ودمجها مع المواني، وغيرها من روابط النقل. وسيتم أيضاً بناء وتوسيع عدد من المواني.

وتسعى الصين، منذ فترة طويلة، إلى تعزيز القوة الاقتصادية للمناطق الغربية، التي تخلفت بشكل ملحوظ عن الأقاليم الساحلية. لكن توترات عرقية في بعض هذه المناطق مثل شينجيانغ، والإجراءات الأمنية المتشددة، التي تقول بكين إنها ضرورية لحماية الوحدة الوطنية واستقرار الحدود، أثارت انتقادات من بعض الدول الغربية.

وتشكِّل مناطق غرب الصين نحو ثلثَي مساحة البلاد، وتشمل أقاليم مثل سيتشوان وتشونغتشينغ، ويوننان، وشينجيانغ، والتبت.

ودعا المكتب السياسي الصيني العام الماضي إلى «التحضر الجديد» في غرب الصين لإحياء المناطق الريفية، وتوسيع جهود التخفيف من حدة الفقر، وتعزيز موارد الطاقة.

كما بذلت الصين جهوداً لزيادة الروابط مع أوروبا وجنوب آسيا من خلال ممرات للتجارة، بما في ذلك طرق الشحن بالسكك الحديدية.

في الأثناء، أعلن البنك المركزي الصيني خطة نقدية «تيسيرية معتدلة» تهدف إلى تعزيز الطلب المحلي لتحفيز النمو، بعد أيام من دعوة الرئيس شي جينبينغ إلى سياسات اقتصادية كلية أكثر فاعلية.

وكافحت بكين، العام الماضي، لانتشال الاقتصاد من الركود الذي تسببت به الأزمة العقارية، وضعف الاستهلاك، وارتفاع الديون الحكومية.

وكشف المسؤولون عن تدابير تهدف إلى تعزيز النمو، بينها خفض أسعار الفائدة، وتخفيف القيود على شراء المساكن، لكن خبراء الاقتصاد حذَّروا من أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من التحفيز المباشر.

وقال «بنك الشعب الصيني» في بيان إنه «سينفِّذ سياسة نقدية تيسيرية معتدلة (...) لخلق بيئة نقدية ومالية جيدة لتعزيز التعافي الاقتصادي المستدام».

وأشار البيان، الصادر السبت، إلى خطط لخفض أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي، وهي الأموال التي يجب على المصارف الاحتفاظ بها بدلاً من إقراضها أو استثمارها. وقال إن «التغييرات ستتم في الوقت المناسب» بالنظر إلى الظروف في الداخل والخارج.

وأكد «بنك الشعب الصيني» الحاجة إلى استئصال الفساد، ما يؤشر إلى استمرار الحملة ضد الفساد في القطاع المالي الصيني.

وأضاف أنه سيواصل دعم الحكومات المحلية للتغلب على ديونها من خلال «الدعم المالي».

ولفت البيان إلى أن هذه التدابير تهدف إلى «منع المخاطر المالية في المجالات الرئيسية، وحلها، وتعميق الإصلاح المالي (...) والتركيز على توسيع الطلب المحلي».

وجاء إعلان البنك بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية على مدى يومين في العاصمة بكين.

وكانت بكين تستهدف نمواً بنحو 5 في المائة عام 2024 أعرب شي عن ثقته بتحقيقه، لكن خبراء الاقتصاد يرون صعوبةً في ذلك. ويتوقَّع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 4.8 في المائة عام 2024 و4.5 في المائة عام 2025.