أصغر {راوية} في تبوك تبهر بلغتها الإنجليزية مرتادي «حكايا مسك»

معمل «الأنيميشن» استحوذ على الحصة الأكبر من زواره في يومه الأول

إحدى الفنانات تعرض لوحاتها الإبداعية في سوق حكايا مسك
إحدى الفنانات تعرض لوحاتها الإبداعية في سوق حكايا مسك
TT

أصغر {راوية} في تبوك تبهر بلغتها الإنجليزية مرتادي «حكايا مسك»

إحدى الفنانات تعرض لوحاتها الإبداعية في سوق حكايا مسك
إحدى الفنانات تعرض لوحاتها الإبداعية في سوق حكايا مسك

حظي معمل «الأنيميشن» الخاص بصناعة أفلام الرسوم والفوتوشوب والموشن غرافيك، بإقبال لافت في مهرجان «حكايا مسك» الذي تقيمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية» في مركز الأمير سلطان الحضاري بمدينة تبوك (شمال السعودية)، واستحوذ المعمل في يومه الأول على الحصة الأكبر من إجمالي زوار بقية الفعاليات المتمثلة في كثير من الأجنحة والمعامل الخاصة والورش التعليمية، والعروض المرئية والمسرحية، إضافة إلى حكايا المرابطين.
وأوضحت المخرجة التلفزيونية سلمى حلواني أنّ الأنيميشن أو ما يسمى التحريك، هو فن من فنون العصر وصناعة الأفلام، ومن خلاله يتمكن الممارس لهذا المجال من صناعة المحتوى الرقمي والمرئي الخاص به، مضيفة: «وتعتبر الأنيميشن من الصناعات ذات المستقبل الربحي، وخصوصاً الفتيات اللاتي يتعذر عليهن الخروج إلى سوق العمل، إذ لا يتطلب هذا الفن سوى أجهزة معينة يمكن لمحبيها العمل عليها وكسب المال من خلالها وممارسة هذه الصناعة المحببة إلى قلوب الشباب والفتيات».
وذكرت الحلواني أنها ستقدم 3 ورش عمل في هذا الشأن لتعريف الزوار بأحدث البرمجيات في مجال الأنيميشن من خلال مواضيع مختلفة وحديثة، مشيرة إلى أن ورش العمل قد خصصت لها وقتاً مناسباً لشرح عملية الدبلجة ومراحل صنع الأفلام بمشاركة نخبة من المهتمين في هذا المجال، وسيقدم المعمل بشكل مختلف كثيراً من الورش في مختلف مهارات البرمجة والحوسبة.
من جهة أخرى، أعرب عدد من المستفيدين من ورش الأنيميشن عن سعادتهم بتلقي دورات تدريبية في مثل هذه المجالات النادرة، آملين أن يستفيد الجميع من فعاليات المهرجان بحضوره الأول في منطقة تبوك، وأن ينعكس ذلك على مستوى الحراك الإبداعي في المنطقة والتعرف على تجاربهم في مجال صنع الرسوم المتحركة وتحريكها والدبلجة الصوتية، وفي شتى المجالات الإبداعية.
من جهة أخرى، أبهرت الطفلة جوان عبد الله الحربي التي لم تتجاوز عامها السادس، زوار فعاليات «حكايا مسك»، بإتقانها اللغة الإنجليزية قراءة وكتابة، وقدرتها على تأليف القصص القصيرة والروايات، إضافة إلى تميزها في الرسم، وشغفها الدائم بالمطالعة والقراءة في الأدبيات المكتوبة باللغة الإنجليزية التي تهتم بالثقافة العربية.
وقال والد الطفلة جوان، إنّ ابنته تعلمت وأتقنت اللغة الإنجليزية إبان وجودها في كندا حيث كانت والدتها مبتعثة، من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وقد لاحظنا اهتمامها باللغة إلى جانب الإبداع فيها وسرد القصص، كما أنّها تحب المطالعة والقراءة في المكتبات العامة.
وأشار إلى أنّه وجِد في مهرجان «حكايا مسك» من أجل أن تحظى ابنته التي تهتم بالثقافة العربية وتستطيع الحديث بلغة مفهومة، بما يقدمه المهرجان من فعاليات وورش عمل خصوصاً بالأطفال، حيث شاركت في ركن المؤلف الصغير الذي يحتوي على ورش عمل تطبيقية، ومسرح مناسب للقارئ الصغير، ويهدف من خلال منصته إلى تعليم الأطفال الصغار كيفية كتابة القصص ورسمها عن طريق تطبيق إلكتروني، وتمكين الطفل من طباعة القصة الخاصة به ونشرها، وتناول موضوعات هادفة مثل تعزيز قيم الانتماء الوطني، والحفاظ على البيئة، إضافة إلى ربط الأطفال بعالم القصة من خلال تعليم التأليف في مجال القصة الإلكترونية.
وأكد الحربي أنّ ابنته جوان حريصة ليس على اللغة فحسب، بل على السلوكيات التي تشاركنا فيها بشكل يومي، وتهتم بها ولديها في السياق ذاته اهتمام بالرسم وبكل ما يتعلق به.
يذكر أن فعاليات مهرجان «حكايا مسك» تهتم بصناعة المحتوى الإبداعي ضمن قيم هادفة لجميع شرائح المجتمع، والتعريف بالتراث وإكساب الأطفال والشباب والفتيات المهارات والخبرات من خلال التواصل مع ذوي الخبرة والاختصاص، وتمكينهم من مشاهدة أعمال إبداعية في مجالات المسرح والأفلام القصيرة، والرسم، وكذلك التأليف، وفنون السرد القصصي، إضافة إلى التعرف على قصص المرابطين على الحد الجنوبي وفق شهادات الإعلاميين الذين عايشوا تلك التجربة في تغطياتهم الميدانية على الحدود.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».