السلطات التونسية تعتقل العشرات خلال احتجاجات وسط العاصمة

بعد يوم من قرار رفع أسعار المحروقات

TT

السلطات التونسية تعتقل العشرات خلال احتجاجات وسط العاصمة

قالت وزارة الداخلية أمس إن رجلي أمن أصيبا أثناء مواجهات مع المئات من المحتجين من الباعة العشوائيين وسط العاصمة.
وأفادت الوزارة في بيان بأن 300 شخص من المحتجين تجمعوا صباح أمس في سوق بومنديل، القريب من الشارع الرئيسي الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، وبدأوا برشق قوات الأمن بالحجارة بعد منعهم من نصب سلعهم.
وكانت قوات الشرطة نفذت حملات واسعة بعد أيام العيد استهدفت كل مواقع البيع العشوائية، التي احتلت جزءا من أرصفة وشوارع العاصمة، وعطلت بذلك حركة السير، وأصدرت قرارا بنقل نقاط البيع إلى فضاءات خصصتها للغرض. لكن الباعة عادوا أمس إلى سوق بومنديل لنصب سلعهم مجددا، ودخلوا في مواجهات مع الشرطة.
وأفادت الداخلية بأن رجلي أمن أصيبا في الاحتجاجات، وتم نقلهما لتلقي الإسعافات، كما تم تهشيم زجاج ثلاث سيارات أمنية.
واستخدم الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، كما اعتقل 47 شخصا في صفوفهم، بحسب المصدر نفسه.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد يوم واحد من إعلان وزارة الطاقة في تونس رفع أسعار المحروقات بداية من أول من أمس الأحد، وذلك في أعقاب انخفاض الإنتاج بسبب الاحتجاجات الاجتماعية.
وأفادت الوزارة في بيان لها بأنه تقرر زيادة أسعار البنزين الخالي من الرصاص والديزل بواقع مائة مليم و90 مليم على التوالي، بينما تقرر الإبقاء على أسعار باقي المواد البترولية دون تغيير.
وبدأ سريان الزيادات منذ منتصف ليل السبت.
وتأتي هذه المراجعة في الأسعار في أعقاب الاحتجاجات الاجتماعية، التي اندلعت قرب مواقع الإنتاج النفطي على مدى الثلاثة أشهر الماضية على خلفية مطالب ترتبط بالتشغيل والتنمية، ما أدى إلى توقف الإنتاج لأسابيع في تطاوين وقبلي في الجنوب.
وكانت الحكومة التونسية أعلنت قبل شهر عن زيادة متوقعة للأسعار بسبب توقف الإنتاج بالكامل في قبلي وتطاوين، وتراجع الإنتاج الوطني وزيادة توريد النفط.
وتفيد بيانات رسمية بأن إنتاج النفط في البلاد تراجع من نحو مائة ألف برميل قبل أحداث الثورة عام 2011 إلى 40 ألفا اليوم، بينما لا تبلغ نسبة تغطية احتياجات السوق المحلية 60 في المائة.
وتوصلت الحكومة قبل أسبوعين إلى اتفاق مع محتجين ومعتصمين في تطاوين، ما سمح باستئناف الإنتاج النفطي في منطقة الكامور، بينما لا يزال الاعتصام مستمرا في قبلي المجاورة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.