تحسين مناخ الاستثمار أولويات السودان بعد رفع العقوبات الاقتصادية

تحسين مناخ الاستثمار أولويات السودان بعد رفع العقوبات الاقتصادية
TT

تحسين مناخ الاستثمار أولويات السودان بعد رفع العقوبات الاقتصادية

تحسين مناخ الاستثمار أولويات السودان بعد رفع العقوبات الاقتصادية

في الوقت الذي بدأ فيه السودان حساب العد التنازلي لتاريخ الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية، بعد عشرة أيام، تصدرت قضايا تحسين بيئة الاستثمار والمصارف ومستوى المعيشة، أولويات الجهاز التنفيذي والخبراء الاقتصاديين ورجال المال والأعمال في السودان، للاستعداد لهذه المرحلة.
وفي حين يجري مجلس الوزراء اختيارا للجهات والوزارات والوزراء والشخصيات التي ستشارك في مباحثات واشنطن المقرر لها الثاني عشر من يوليو (تموز) الجاري، لحسم مسألة الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية، يقود اتحاد أصحاب العمل السوداني، خطوات تعزيز الموعد المضروب، الذي يتلهف له الشارع السوداني منذ سنين، بمغادرة وفد منه إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال الأسبوع الحالي.
وفي الإطار ذاته، أعلن اتحاد أصحاب العمل السوداني أن وفدا من الشركات والمستثمرين في الولايات المتحدة سيصلون السودان خلال الأسبوع الحالي لإجراء المناقشات الأخيرة مع الغرف التجارية الأميركية، قبل الدخول في المباحثات النهائية للرفع الكلي المرتقبة بعد عشرة أيام. وقال بيان صدر من الاتحاد مؤخرا إن وفدهم سيتجه إلى الولايات المتحدة خلال هذه الأيام استمرارا للتواصل مع نظرائهم من رجال الأعمال والشركات الأميركية، حيث سبق وزار عدد من الوفود الأميركية التي استجابت لدعوة رجال الأعمال السودانيين للتعرف على السودان والوقوف على الأوضاع ميدانيا.
وقال البيان، إن الوفد السوداني سيطرح الرؤى وتبادلها مع الجانب الأميركي، خصوصا مع الكونغرس، الذي قدم له الدعوة لزيارة السودان للوقوف على المسارات الخمسة التي التزم بها السودان خلال فترة السماح، توطئة لرفع الحظر كليا خلال موعده.
كما أعلن مجلس الصمغ العربي عن وصول شركات أميركية تم الاتفاق معها على تصدير الصمغ العربي، وستشارك هذه الشركات في منتدى ومعرض تستضيفه الخرطوم خلال يوليو (تموز) الجاري حول تجارة الصمغ العربي حول العالم ودور السودان في تأمين احتياجات العالم من هذه السلعة، خصوصا بعد اختياره من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، الشهر الماضي، مركزا إقليميا لتوفير سلعة الصمغ العربي للدول الأفريقية.
ويرى خبراء ومحللون اقتصاديون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن قضايا تحسين بيئة الاستثمار والمصارف والتجارة الدولية ومستوى المعيشة هي أهم أولويات الحكومة، للدخول في مرحلة الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية، والاستعداد لهذه المرحلة، إلا أن هناك أولويات أخرى يجب النظر إليها بصفة عاجلة.
وقال الدكتور محمد الناير، المحلل الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين، إن البيئة الاستثمارية في البلاد قطعت شوطا في التشريع، مما يتطلب أن تكون جاذبة للاستثمار للوطنيين والأجانب، وأن تعاد هيكلة السياسات التمويلية للمصارف السودانية. وأكد الناير أن هناك قضايا عاجلة وذات مردود اقتصادي إيجابي يمكن إنجازها سريعا من شأنها توفير خدمات وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وذلك بتخفيض أسعار السلع والخدمات، وخفض معدلات التضخم واستقرار سعر صرف العملات الأجنبية في مقابل العملة الوطنية.
ودعا الدكتور الناير، الحكومة السودانية إلى تبنى سياسات اقتصادية رشيدة ومتوازنة تحقق النمو والاستقرار الاقتصادي المستدام العاجل دون انتظار لنتائج الإنتاج والإنتاجية التي حشدت لها الموارد من خلال البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي للدولة.
من جهته، أكد عصام الدين عبد الوهاب، أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين، ضرورة إجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية، بدلا من رفع الدعم عن السلع والسعي لتخفيض المصروفات الحكومية، إضافة إلى تهيئة البيئة وإعادة هيكلة المصارف وتوجيهها نحو دعم الإنتاج وزيادة الإنتاجية في قطاعات الزراعة والصناعة خصوصا الصناعات التحويلية.
وأعرب الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني، بكري يوسف، عن تفاؤله بالتزام إدارة الخزانة الأميركية بموعد رفع الحظر الكلي الاقتصادي في موعده المقرر في الثاني عشر من يوليو (تموز) الحالي، خصوصا فيما يتعلق بفك التحويلات المصرفية مع البنوك حول العالم الذي يعتبر المحور الأساسي في انفراج التعامل التجاري والاستثماري مع كل دول العالم.
وأشار إلى أن وفد الأعمال السوداني الذي يزور الولايات المتحدة خلال أيام يحمل أجندة محددة لعرضها بصورتها النهائية على الغرف التجارية الأميركية، تشرح الوضع الاقتصادي الجديد للسودان بعد الإصلاحات التشريعية في مختلف ضروب التجارة، ويعرض الوفد فرص الاستثمار في مختلف القطاعات والمجالات والأنشطة التي تحتاج إلى العون والتقنية الأميركية، بجانب تحديد احتياجات القطاع الخاص والاقتصاد السوداني، وفقا للرؤى المطروحة في البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي، الذي أكمل عامه الثاني هذا العام.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.