تيار «المستقبل» يخسر في الانتخابات المقبلة نصف نوابه في بيروت

بعد إعادة تقسيمها إلى شرقية مسيحية وغربية مسلمة

تيار «المستقبل» يخسر في الانتخابات المقبلة نصف نوابه في بيروت
TT

تيار «المستقبل» يخسر في الانتخابات المقبلة نصف نوابه في بيروت

تيار «المستقبل» يخسر في الانتخابات المقبلة نصف نوابه في بيروت

يُدرك تيار «المستقبل» تماما أن الخسارة الأكبر التي سيتكبدها في الانتخابات النيابية المقبلة ستكون من بوابة العاصمة بيروت حيث ترجح حسابات الخبراء الانتخابيين خسارته نصف عدد نوابه جراء التقسيمات الجديدة التي اعتمدت على أساس النظام النسبي. وإن كانت قيادة تيار رئيس الحكومة سعد الحريري تضع التنازل بموضوع تقسيم بيروت كما باعتماد النسبية في خانة الجهود التي يتم بذلها لتسيير أمور البلد والتصدي لأزمات كبيرة كان يمكن تتفجر جراء دخول البلاد في فراغ نيابي.
فبعدما كانت بيروت في الانتخابات النيابية الأخيرة التي تمت في عام 2009 على أساس ما يُعرف بقانون «الستين» الأكثري مقسّمة إلى 3 دوائر، الأولى تضم 5 نواب مسيحيين والثانية نائبين مسيحيين ونائبين مسلمين فيما الثالثة تضم 10 نواب، 6 مسلمين (سنة وشيعة) واحد درزي و3 مسيحيين، أصبحت وفق القانون الجديد الذي تم إقراره هذا الشهر وهو يعتمد النظام النسبي مقسّمة إلى دائرتين: بيروت الأولى وتضم مناطق المدوّر والرميل والصيفي والمرفأ والأشرفية. وينتخب المقترعون في هذه الدائرة ثمانية نواب كلهم من المسيحيين. أما بيروت الثانية فتضم مناطق المزرعة والمصيطبة ورأس بيروت وعين المريسة وميناء الحصن وزقاق البلاط والباشورة. وينتخب «البيارتة» في هذه الدائرة أحد عشر نائبا منهم ستة من السنة واثنان من الشيعة ودرزي ومسيحيان اثنان.
وسيؤدي التقسيم الحالي لبيروت، بحسب الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، إلى خسارة مدوية لدى تيار «المستقبل» الذي كان يؤثر على نحو 14 نائبا من أصل 19 نائبا عن العاصمة، وقد بات اليوم وبأحسن الحالات وفق القانون الجديد لا يؤثر إلا على نحو 7 نواب. ويقول شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» إن تيار الحريري بعدما فقد تأثيره بالكامل في بيروت الأولى التي أصبح الصوت المسيحي هو المقرر فيها، سيضطر لتقاسم المقاعد الـ11 في بيروت الثانية مع قوى أخرى وإن كان في الدائرة المذكورة 71 ألف ناخب شيعي مقابل 216 ألف ناخب سني.
تراجع «المستقبل» في بيروت سيشكل مكسبا للقوى المسيحية الرئيسية وأبرزها الثنائي المسيحي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، الذي سيتمكن من كسب العدد الأكبر من المقاعد في الدائرة الأولى بتحالفه مع الكتلة الأرمنية الوازنة في المنطقة. وفي هذا السياق، يتحدث شمس الدين عن نحو 133 ألف ناخب مسيحي سيتمثلون بـ8 نواب مقابل نحو 15 ألف ناخب مسلم في الدائرة الأولى لن يتمثلوا بنائب من طائفتهم.
ومن المتوقع أن لا تترك مجموعات المجتمع المدني وبعض المنشقين عن «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل الساحة خالية للثنائي المسيحي في الانتخابات المقبلة، إذ تشير المعلومات إلى مساع متقدمة لتشكيل لائحة تضم معارضين للسلطة ستحاول خرق اللائحة الأساسية المرتقب تشكيلها في بيروت الأولى.
وان كان معظم نواب وأبناء بيروت رضخوا للتقسيمات الجديدة للعاصمة التي استعادت تسميتي الشرقية المسيحية والغربية المسلمة، إلا أن قباني، النائب عن دائرة بيروت الثالثة التي تحولت إلى ثانية وفق القانون الجديد، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن تقسيم العاصمة انتخابيا بالطريقة التي حصل فيها «هو أسوأ الممكن باعتباره يعيد المناخات التي سادت قبل وخلال الحرب الأهلية اللبنانية، أي مناخات الفرز الطائفي وخطوط التماس»، لافتا إلى أن «خط التماس في بيروت، هو الوحيد الذي بقي قائما ويُعرف بطريق الشام وهو نفسه اليوم الخط الفاصل في القانون الانتخابي الجديد».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.