الـ«ستايلست» مهنة تكتب قصص نجاح أو فشل المسلسلات الرمضانية

طفرة الدراما المصرية فتحت الأبواب أمام المصممين لاستعراض قدراتهم

سلافة معمار في دور الملكة الخاتون في مسلسل «أوركيديا» - جميلة عوض في ملابس شخصية آية بمسلسل «لا تطفئ الشمس» - المصممة مي جلال حرصت على أن تظهر بطلات عمل {الحساب يجمع} بأشكال مختلفة من ربطات الحجاب - باسل خياط في دور عتبة بن الأكثم بن عدي في مسلسل «أوركيديا» - يوسف الشريف وزوجته المصممة إنجي علاء من كواليس «كفر دلهاب» - يوسف الشريف في «كفر دلهاب» - يسرا كما ظهرت في مسلسل  {الحساب يجمع} - أحمد مجدي في مسلسل «لا تطفئ الشمس»
سلافة معمار في دور الملكة الخاتون في مسلسل «أوركيديا» - جميلة عوض في ملابس شخصية آية بمسلسل «لا تطفئ الشمس» - المصممة مي جلال حرصت على أن تظهر بطلات عمل {الحساب يجمع} بأشكال مختلفة من ربطات الحجاب - باسل خياط في دور عتبة بن الأكثم بن عدي في مسلسل «أوركيديا» - يوسف الشريف وزوجته المصممة إنجي علاء من كواليس «كفر دلهاب» - يوسف الشريف في «كفر دلهاب» - يسرا كما ظهرت في مسلسل {الحساب يجمع} - أحمد مجدي في مسلسل «لا تطفئ الشمس»
TT

الـ«ستايلست» مهنة تكتب قصص نجاح أو فشل المسلسلات الرمضانية

سلافة معمار في دور الملكة الخاتون في مسلسل «أوركيديا» - جميلة عوض في ملابس شخصية آية بمسلسل «لا تطفئ الشمس» - المصممة مي جلال حرصت على أن تظهر بطلات عمل {الحساب يجمع} بأشكال مختلفة من ربطات الحجاب - باسل خياط في دور عتبة بن الأكثم بن عدي في مسلسل «أوركيديا» - يوسف الشريف وزوجته المصممة إنجي علاء من كواليس «كفر دلهاب» - يوسف الشريف في «كفر دلهاب» - يسرا كما ظهرت في مسلسل  {الحساب يجمع} - أحمد مجدي في مسلسل «لا تطفئ الشمس»
سلافة معمار في دور الملكة الخاتون في مسلسل «أوركيديا» - جميلة عوض في ملابس شخصية آية بمسلسل «لا تطفئ الشمس» - المصممة مي جلال حرصت على أن تظهر بطلات عمل {الحساب يجمع} بأشكال مختلفة من ربطات الحجاب - باسل خياط في دور عتبة بن الأكثم بن عدي في مسلسل «أوركيديا» - يوسف الشريف وزوجته المصممة إنجي علاء من كواليس «كفر دلهاب» - يوسف الشريف في «كفر دلهاب» - يسرا كما ظهرت في مسلسل {الحساب يجمع} - أحمد مجدي في مسلسل «لا تطفئ الشمس»

تمثل أزياء الفنانين في أعمالهم الدرامية دوراً كبيراً في إقناع المشاهد بتفاصيل الشخصية. بل وتصيغ علاقتها بالشخصيات الأخرى في المسلسل، وقد تكتب الأزياء النجاح للفنان وتجعله أيقونة أو قد يضيع مجهوده في تقمص الشخصية بسبب أن ملابسه لا تلائم الدور الذي يلعبه.
في الماضي كنا نسمع عن عودة الفنانة من جولة أوروبية أو أميركية للتسوق لشراء ملابس الشخصية التي ستتقمصها في مسلسل أو فيلم، أما في السنوات الأخيرة، وبعد أن ظهرت مهنة «ستايلست» الفنانين سواء في الدراما أو السينما، فقد أعفتهم من هذه المهمة. وبالفعل انتعشت هذه الوظيفة ولمعت بعض الأسماء فيها سواء بتصميم الملابس أو اختيارها لها، مما دعا المخرجين لطلبها بالاسم لضمان نجاح العمل. وفي كثير من الأحيان تكون «الستايليست» مصممة أزياء متخصصة تقوم باختيار وتصميم ملابس فريق العمل كاملا بداية من الشخصية الرئيسية والأبطال المساعدين إلى الشخصيات الثانوية و«الكومبارس» بشكل يتوافق مع سينوغرافيا العمل ككل. هذا إلى جانب اختيار «الإكسسوارات» وتحديد «اللوك» بمعنى إذا كانت الشخصية ستظهر بقصة شعر معينة أم سترتدي الحجاب أو إذا ما كان البطل سيظهر بلحية أم بشارب. يقوم المصمم برسم «اسكتشات» للشخصيات ويناقشها مع المخرج وكاتب السيناريو للتعرف على المزيد من التفاصيل مثل الديكورات والإضاءة وغيرها ليبدأ بعدها مهمته التي لا تنتهي إلا بانتهاء تصوير جميع مشاهد العمل. غني عن القول إن كل هذا يتطلب وجوده الدائم في أماكن التصوير.
المصممة مي جلال كانت المسؤولة عن اختيار ملابس الفنانة يسرا في مسلسل «الحساب يجمع».
تقول إنها بعد قراءة السيناريو وضعت تصورا للشخصيات برسومها، ثم اشترت الأقمشة والإكسسوارات لأكثر من 200 شخصية يضمها العمل.
ولأن يسرا تقوم بدور خادمة في المسلسل، فإن ملامحها الأوروبية شكلت تحديا كبيرا للمصممة، إضافة إلى أن الفنانة يسرا ظهرت العام الماضي بدور سيدة أرستقراطية في مسلسل «فوق مستوى الشبهات» وهو ما قد يكون عالقا في الأذهان إلى الآن. كل هذا زاد من المسؤولية وضرورة أن تمحي صورة يُسرا الأرستقراطية من الأذهان ليأتي مظهرها كخادمة مُقنعاً. تشرح مي جلال لـ«الشرق الأوسط»: «تجري أحداث العمل في حارة شعبية وتدور عن عالم العاملات في المنازل، وتجسد فيه الفنانة يسرا شخصية (نعيمة)، التي تعمل وبناتها في نفس المهنة». وتتابع: «عادة ما يصبح الحجاب في المناطق الشعبية جزءاً من الملابس اليومية، بحيث ترتديه النساء داخل وخارج المنزل؛ لذا كان التحدي بالنسبة لي تصميم ملابس شخصية الفنانة يسرا كشق أول، والشق الثاني أن تظهر كل بنت من بناتها بشكل مختلف يناسب شخصيتها كما جاء في العمل الدرامي. وعلى هذا الأساس اخترت حجاب الفنانة يسرا عادياً، عبارة عن لفة عشوائية تعبر عن أنها سيدة لديها أعباء حياتية كثيرة تجعلها غير مكترثة بأن يكون حجابها عصرياً. لكني اخترت أيضاً مظهراً مختلفاً لها في المنزل عبارة عن «إيشارب» صغير تربطه على رأسها. بناتها في المقابل، اخترت لهن طرقاً شبابية استوحيت بعضها من العقدة الإسبانية واعتمدت في بعضه على تضفير إيشاربين مع بعض فضلاً عن اللعب بالألوان».
وحول تقبل الفنانة يسرا لاختيارات مي جلال لملابس الشخصية تقول: «تركت لي الحرية الكاملة وشجعتني لإخراج أفضل ما لدي، وكذلك باقي الفنانات اللواتي لم تتدخل أي واحدة منهن في عملي كمصممة».
استطاعت مي جلال أيضاً أن تقدم الفنان الشاب كريم فهمي بشكل مختلف تماماً عن أدواره السابقة. فهو هنا يظهر في شخصية «كرم» ابن الحارة الشعبية لأول مرة وكان من قبل يقدم أدوار «الجان» المنتمي لطبقة أرستقراطية. تشير مي: «يظهر هنا بشارب وجرح قطعي بوجهه، وملابسه بألوانها لا تواكب الموضة على الإطلاق. فهو شاب يكافح من أجل لقمة العيش». وترى جلال أن صعوبة تصميم ملابس الشخصية لا تختلف بالنسبة للبطل أو البطلة وإنما تختلف وفقا لطبيعة الشخصية كما كتبت بالسيناريو، كما يجب أن تتوافق قصات الملابس مع جسد الممثل وحركاته.
كان من اللافت أيضاً موهبة المصممة وكاتبة السيناريو إنجي علاء، وهي زوجة الفنان يوسف الشريف التي تمكنت على مدار السبع سنوات الماضية أن تقدمه لجمهوره كل عام بهيئة وشكل مختلف، مما يعطي الأدوار مصداقية كبيرة. وهذا العام صممت أزياء «كفر دلهاب» أول مسلسل مصنف تحت فئة الرعب، حيث تدور أحداثه في العصور الوسطى في قرية مسحورة يقوم أهلها بالسحر والشعوذة وتحدث فيها جرائم قتل وتنكيل.
المصممة إنجي علاء تؤمن بأن الملابس وأزياء العمل الدرامي لها تأثير قوي يُشكل نسبة «مائة في المائة من نجاح العمل ككل» بالنسبة لها. وحول استلهامها لأزياء الشخصيات وهل كانت من وحي «ألف ليلة وليلة» أم من أزياء الغجر، فتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا إطلاقا، استلهمتها من ملابس (الطوارق) لأن أجواء المسلسل مرتبطة بالصحراء بشكل ما، هي تدور في اللازمان واللامكان، لكن نظرا لأننا قمنا بالتصوير في واحة سيوة، فكانت الصحراء والطوارق أكثر ما ألهمني». وتضيف: «عملي كمصممة أزياء المسلسل يتطلب مني أن أدرس أوراق الشخصيات الرئيسية التي يكتبها السيناريست ثم أقوم برسم الشخصيات وتصميم ملابسهم وفقا للمشاهد التمثيلية وخط سير العمل الدرامي. كما أشرف بنفسي على شراء الأقمشة والإكسسوارات وتفصيل الملابس والأحذية، وذلك لـ90 ممثلاً متكلماً، ولكل ممثل فصلت 3 أطقم تناسب ظروف وجوده في مكان التصوير، و700 من أهل الكفر ما بين غني وفقير».
وتضيف: «اخترت الأقمشة ما بين الصوف (الموبر) والجلود التي قمت بشرائها من المدابغ، وبعض أقمشة الليكرا، وكان علي مراعاة تفاصيل دقيقة تتعلق بارتباط الملابس بالقرون الوسطى. ونظراً لأن الأحداث تدور في سياق بلاد عربية، وفي القرون الوسطى أخذت بعين الاعتبار أنه لم تكن في الملابس (أزرار) كما كان الحال في أوروبا في تلك الحقبة الزمنية». وتؤكد: «لابد أن تتطابق تفاصيل الزي مع تفاصيل الشخصية. بمعنى: هل تعيش في حي راق أو تنتمي لأسرة غنية. في هذه الحالة لا بد أن يختار المصمم لها أرقى الأزياء والماركات العالمية، لكن مثلا هناك ملابس معينة لها دلالات يجب على المصمم مراعاتها فلا يأخذ مثلا الجلباب أو القفطان المغربي ويقحمه على ملابس البطلة إلا إذا كانت له مرجعية تبرره، كأن تسافر مثلا أو هي شخصية تواكب آخر صيحات الموضة وترتدي أزياءها حسب المناسبة والمكان».
وتتابع: «جزء مهم من عملي كمصممة أو (ستايليست) أن أقوم أيضاً بتنسيق ألوان الملابس مع الديكور. فهناك قاعدة ألا تتجاوز الألوان في الكادر 4 ألوان. أما إذا كان المسلسل مصنف رعب، مثلاً فإن الألوان الداكنة هي التي تلائمه، بينما يحتاج الكوميدي إلى الألوان مبهجة ولا بأس أن تكون مُبهرجة لتكون مضحكة. لكن هناك قواعد أساسية يراعيها المصمم نذكر منها أنه لا يجوز أن تظهر البطلة بفستان أحمر مع خلفية حمراء أو فستانا أنيقا ومن تصميم مصمم عالمي وهي مثلا فتاة من الطبقة المتوسطة، هذا يخل بالعمل ككل ولا يقنع المشاهد».
وحول استعانة صناع الدراما بـ«ستايلست» تقول إنجي علاء: «بالفعل أصبح صناع الدراما والسينما والفنانون أنفسهم على قناعة تامة بأهمية دورنا في نجاح العمل بل وأصبح النجوم رغم مسيرتهم الطويلة يتركون لنا مهمة اختيار كل ملابس الشخصية «دولاب الشخصية».
وتعيد إنجي سبب الأهمية المتزايدة لدور «الاستايليست» إلى الطفرة الكبيرة في الدراما المصرية، التي فتحت الأبواب للمصممين لكي يُظهروا قدراتهم، وهو أمر تأخر في عالمنا العربي مقارنة بالغرب حيث خصص جائزة أوسكار لتصميم الملابس.
أما المصممة ياسمين القاضي فكانت لها تجربة مميزة في تصميم أزياء مسلسلات تاريخية مثل «جراند أوتيل» رمضان 2016 حيث قامت بتصميم أزياء حقبة الخمسينات بداية من الخدم إلى الهوانم والباشوات مراعية أدق التفاصيل. هذا العام كانت لها تجربة مختلفة تماما في مسلسل «لا تطفئ الشمس» الذي كانت أزياؤه معاصرة تعكس الحاضر. تقول ياسمين القاضي لـ«الشرق الأوسط»: «منذ خمس سنوات بدأت مهنة (الاستايلست) تأخذ مكانة هامة في الدراما والسينما، نبدأ التحضير للعمل قبل البدء بالتصوير بنحو شهرين، بل أصبحنا لا نغيب عن مواقع التصوير حيث نُشرف على مظهر الممثلين من تصفيف الشعر وحتى الإكسسوارات». الفارق بين المسلسلات التاريخية والمعاصرة من حيث الجهد ليس كبيرا بالنسبة لمصمم الأزياء. قد يكون الاختلاف الوحيد أن الدراما التاريخية تحتاج لدراسة الفترة التاريخية وتفصيل ملابس جميع الفنانين من الألف إلى الياء، فيما لا تحتاج المسلسلات المعاصرة سوى لمتابعة مستجدات الموضة وحضور عروض الأزياء وخطوط الموضة العالمية الحالية.
وتشير: «في مسلسل (لا تطفئ الشمس) صممت ملابس شخصية (بسيمة) الخادمة من الألف إلى الياء، حيث اشتريت الأقمشة مزركشة وفصلتها بنفسي. أما بالنسبة لباقي الشخصيات فقمت بجولات طويلة في الأسواق لشراء ملابس عصرية تلائم كل شخصية. فهم سكان منطقة راقية ويتابعون الموضة». أما عن ملابس الفنانة ميرفت أمين فتقول: «كنت أستفيد من خبرتها طبعا في انتقاء ملابس الشخصية لأنها طوال تاريخها الفني الكبير لم تكن تستعين بمصمم وحققت نجاحا كبيرا، لكنها تركت لي مساحة وأعطتني الثقة في اختيار ملابس شخصية إقبال». وإذا كانت هذه الأخيرة سهلة ومتساهلة معها في اختياراتها، فإن العكس كان بالنسبة لشخصية آية. فهي من أصعب الشخصيات التي تطلبت مجهودا كبيرا في اختيار ملابسها ومظهرها، وحاولت ياسمين القاضي أن تمنحها إطلالة مختلفة في إطار معاصر. لهذا اختارت تصفيفات شعر كلاسيكية مع ملابس معاصرة تواكب آخر صيحات الموضة. فهي كما تقول ياسمين: «فتاة تعشق الموسيقى الكلاسيكية وحالمة ورومانسية، وبالتالي كان من المهم أن أختار لها ملابس تعكس هذه الشخصية في كل مراحل حياتها، من الجامعة إلى الزواج. نفس الشيء ينطبق على شخصية (رشا) التي جسدتها الفنانة شيرين رضا، فهي تحب ارتداء الملابس الجريئة وممكن ترتدي روباً أثناء الخروج. ولا يختلف اختيار أزياء الممثلين عن الممثلات، بدليل أن شخصية (أحمد) التي أداها محمد ممدوح كانت تتطلب ملابس محافظة في الحلقات الأولى، نظرا لشخصيته الخجولة وكونه الأخ الأكبر الذي يتوارى في ملابس تعطيه عمرا أكبر من عمره. مع تغير شخصيته في النصف الثاني من الحلقات تغير مظهره أيضاً. فقد أصبح يجاري الشباب، يخرج ويسهر ويرتدي ملابس «كاجوال». وتلفت إلى أن «الملابس تساعد الممثل على تجسيد الشخصية والاندماج معها وفي الوقت ذاته تعطيه مصداقية تجعل الجمهور يتفاعل معه أكثر».



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.