أثاث قطار الأنفاق لعلاج رهاب طبيب الأسنان في فيينا

بعد علاقة حب بين سكان المدينة و«الأوبان»

أثاث قطار الأنفاق لعلاج رهاب طبيب الأسنان في فيينا
TT

أثاث قطار الأنفاق لعلاج رهاب طبيب الأسنان في فيينا

أثاث قطار الأنفاق لعلاج رهاب طبيب الأسنان في فيينا

ظلت العاصمة النمساوية فيينا ولثماني سنوات على التوالي تفوز بالمرتبة الأولى للمدن الأكثر رفاهية من حيث نوعية المعيشة عالميا. تخضع المفاصلة والاختيار بين المدن لعدة عوامل أهمها حالة مرافق البنية التحيتة وفي مقدمتها وفرة ونظافة وانتظام وسرعة وسائل المواصلات العامة سيما قطارات الأنفاق.
في السياق أعلاه يتميز قطار أنفاق فيينا أو «الأوبان» بسمعة لا تضاهى، بل شعبيته دفعت بسيدة من سيدات المدينة انتقلت للعيش في بريطانيا لإرسال خطاب غرامي بمناسبة عيد الحب «الفلانتاين» للمؤسسة العامة لخطوط فيينا تبثهم فيه غرامها بخدماتهم الممتازة التي تعودت عليها ولم تجد لها بديلا.
هذا الحب وتلك العلاقة الحميمة بين سكان المدينة وقطار أنفاقهم استثمرها أخيرا مركزا لعلاج الأسنان بمنطقة بينزن تم تصميمه ليبدو وكأنه قطارات الأنفاق بأرقامها وألوانها المعروفة من الخط 1 إلى الخط 6 بل تم إطلاق الرقم 5 رغم أنه لا يزال تحت الإنشاء.
هذا وتعود الفكرة أساساً لخلق جو معهود داخل المركز للتخفيف مما يعرف بـ«فوبيا طبيب الأسنان» وذلك «الرهاب» الذي يصيب مرضى لدرجة قد تمنعهم من زيارة طبيب الأسنان مفضلين تحمل الألم والمخاطر.
وحسب إحصاءات رسمية فان رهاب طبيب الأسنان يصيب 75 في المائة من المرضى من مختلف الأعمار بما في ذلك راشدين بأعراض مختلفة بعضها قد يصل درجة البكاء في غرف الانتظار أو الاستفراغ أو الصمت الرهيب والتوتر.
كعامل نفسي يخلق بيئة مريحة ودودة يألفونها ويثقون في التعامل معها مما يخفف إحساسهم بالتوتر، تم إطلاق أرقام الخطوط بألوانها المميزة كأسماء لغرف العلاج ومنها غرفة الخط 1 بلونه الأحمر، وغرفة الخط 4 بلونه الأخضر، وغرفة اللون 3 بلونه البرتقالي، وغرفة الخط 6 بلونه البني وذلك بدلا عن المسميات والتصميمات التقليدية المتبعة كديكور في معظم الوحدات الصحية ومستشفيات وعيادات الأسنان.
أما غرف الانتظار فقد جهزت بمقاعد من تلك التي كانت مستخدمة بقطارات وتم الاستغناء عنها ضمن برنامج تجديدات ليس ذلك فحسب، بل تمت الاستعانة بباب من أبواب الأوبان لإغلاق صالة تدريب.
مما يجدر ذكره أن استخدام مقاعد الأوبان كقطع أثاث لم يقتصر على ذلك المركز بل تجد رواجا بين شباب يشترونها كأثاث تاريخي مميز، بل قالت إحداهن إن قيمتها لديها تزداد كلما فكرت كم من البشر قد استفاد منها واحتاجها في يوم من الأيام.

علاقة ارتباط بين سكان المدينة وقطار أنفاقهم



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».