تركيا والسودان ينشآن شركة للمشاريع الزراعية برأسمال 10 ملايين دولار

توصلا إلى اتفاق لتأسيس «منطقة زراعية حرة»

شركات تركية بصدد استجأجر أراض زراعية في 6 مناطق في السودان تبلغ مساحتها 793 ألف هكتار (أ.ف.ب)
شركات تركية بصدد استجأجر أراض زراعية في 6 مناطق في السودان تبلغ مساحتها 793 ألف هكتار (أ.ف.ب)
TT

تركيا والسودان ينشآن شركة للمشاريع الزراعية برأسمال 10 ملايين دولار

شركات تركية بصدد استجأجر أراض زراعية في 6 مناطق في السودان تبلغ مساحتها 793 ألف هكتار (أ.ف.ب)
شركات تركية بصدد استجأجر أراض زراعية في 6 مناطق في السودان تبلغ مساحتها 793 ألف هكتار (أ.ف.ب)

بدأت تركيا والسودان خطواتهما لتأسيس شركة مشتركة لتنفيذ المشايع الزراعية برأسمال 10 ملايين دولار، يملك الجانب التركي 80 في المائة منها والجانب السوداني 20 في المائة.
وقال رئيس مجلس الأعمال التركي - السوداني التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي محمد علي كوركماز إن المستثمرين الأتراك لديهم رغبة كبيرة في الاستثمار الزراعي بالسودان.
وأضاف في تصريحات أمس (الأحد) أن اتفاقية تأسيس الشركة تم إبرامها في أبريل (نيسان) 2014، ونشرت في الجريدة الرسمية التركية بتاريخ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، لافتاً إلى أنه بموجب الاتفاقية ستستأجر شركات تركية أراضي زراعية في 6 مناطق في السودان، تبلغ مساحتها 793 ألف هكتار، منها 12 ألفاً و500 هكتار تخصص للشركة المشتركة، والمساحة المتبقية يتم تأجيرها لشركات القطاع الخاص.
وأشار إلى أن المديرية العامة لإدارة الشؤون الزراعية تمثل الجانب التركي في الاتفاقية، وتمثل الجانب السوداني وزارة الزراعة والري، لافتاً إلى أنه بموجب الاتفاقية سيتولى المستثمرون الأتراك تمهيد الطرق المؤدية إلى القرى التي سيستأجرون فيها الأراضي الزراعية وفتح قنوات للري.
وتابع أن عقد استئجار الأملاك غير المنقولة المخصصة للمستثمرين، ستكون 99 عاماً كحد أقصى، وسيكون السودان مسؤولاً عن حماية وحدة الأراضي المستثمرة والنظر في قضايا محتملة قد ترفعها أطراف أخرى تدعي الحق في الأراضي، إلى جانب حماية أمن المزارعين والعاملين.
ولفت رئيس مجلس الأعمال التركي - السوداني، إلى أن الجانبين التركي والسوداني توصلا أيضًا إلى اتفاق لتأسيس «منطقة زراعية حرة»، بالإضافة إلى تسهيل معاملات الحصول على التأشيرة والإقامة، بهدف توفير الجو المناسب للتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.
والأراضي المستهدفة بالاتفاقية غير صالحة للزراعة في الوقت الراهن، وقال المسؤول التركي إن هناك أهمية للتوصل إلى تفاهمات فرعية تحت بنود الاتفاقية من أجل تخطي هذه المشكلة. وأوضح أن بعض تلك الأراضي تبعد عن العاصمة الخرطوم، مسافة 9 ساعات، إلى جانب عدم وجود منفذ إليها، إلا عبر البر، ورأى أن إجراءات مثل النقل والشحن وبيع السلع وتحديد الضرائب وشروط الإعفاء الجمركي، جميعها قضايا ينبغي الوقوف عندها وتحديدها.
ولفت كوركماز إلى تأسيس معامل طحين في مناطق مختلفة بالسودان، وقال إن هذا البلد يمتلك آفاقاً كبيرة للاستثمار في مجالات مختلفة، مشيراً إلى أن شركات تركية أجرت لقاءات مع سودانيين حول الاستثمار في قطاع صناعة الحليب ومشتقاته.
كما أشار المسؤول التركي إلى أنشطة رجال الأعمال الأتراك في مجال الأقمشة في السودان، حيث افتتح الرئيس السوداني عمر البشير في يناير (كانون الثاني) الماضي مقراً جديداً لمصنع «سور للملابس العسكرية والمدنية»، الذي يدار بشراكة تركية - قطرية.
وتأسس هذا المصنع، الذي يمتلك فروعاً في عدد من مدن السودان، عام 2004، ويملك كل من الجيشين السوداني والقطري نسبة 33 في المائة من أسهمه، بينما يملك رجل الأعمال التركي أوكتاي أرجان 34 في المائة، وشمل المقر الجديد توسعة في خطوط الإنتاج، من شأنها رفع إنتاجه من ألفي وحدة إلى 4 آلاف وحدة يومياً، وفقاً لإدارته. ويستهدف المصنع، بدءًا من العام الحالي، استهلاك 60 في المائة من إنتاج القطن بالسودان، الذي يبلغ سنوياً 410 آلاف طن.
ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة في تركيا عام 2002، شهدت علاقات تركيا مع حكومة البشير تحسناً ملحوظاً وتضاعفت الاستثمارات التركية في السودان إلى ملياري دولار.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا والسودان نحو 400 مليون دولار، ويؤكد الجانبان حاجتهما إلى تعزيز تعاونهما الاقتصادي الذي لا يرقى لمستوى علاقتهما السياسية. ويتفاوض البلدان منذ العام الماضي على بنود اتفاق شراكة تجارية، من المنتظر أن يوقعا عليه في يوليو (تموز) المقبل، بعد جولة ثالثة من المباحثات تستضيفها أنقرة.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.