البندق... ثمرة لا تشبه سواها

من بين أهم 5 مواد غذائية أنعم بها الله على البشرية

البندق... ثمرة لا تشبه سواها
TT
20

البندق... ثمرة لا تشبه سواها

البندق... ثمرة لا تشبه سواها

تثمر شجرة البندق وتطعم حتى عامها الثمانين، والأغرب من هذا أنها فريدة من نوعها، إذ تزهر وتلقح في منتصف الشتاء، وبعدها تحمل الرياح حبوب اللقاح إلى زهرة حمراء صغيرة، حيث تبقى نائمة حتى شهر عندما يبدأ الجوز في التشكيل.
وللبندق عند الناس سحر خاص، بسبب شكله الكروي الجميل، أو بسبب طعمه اللذيذ الذي لا يمكن مقارنته بطعم آخر. وفي عالم المكسرات، عادة ما يكون البندق الأغلى والأفخر من بين كثير من الأنواع الطيبة التي يرغبها الناس.
في المعجم الوسيط، يأتي تعريف البندق على أنه: «نبات من الفصيلة البتوليَّة، بعض أنواعه يُزرع لثمره أو للتَّزيين، وبعضها يُزرع في الأحراج، وتُطلق الكلمة أيضاً على ثمار ذلك النبات، وهي ثمار لوزيَّة صغيرة مستديرة لذيذة الطَّعم، يُستخرج من بذوره دُهن يقوم مقام دهن اللَّوز».
وقد عثر علماء الآثار على كومة كبيرة من قشور البندق في جزيرة كولونساي الاسكوتلندية عام 1995، ويعود تاريخ تلك القشور إلى العصر الحجري المتوسط، وبالتحديد إلى عام 7000 قبل الميلاد. وكانت كمية القشور الضخمة القريبة من الشاطئ مشوية ومحروقة. كما عثر على كميات أخرى من البندق في مناطق مختلفة من بريطانيا، كجزيرة آيل أوف مان وفارنام ومنطقة ساري المعروفة. ويبدو من الأبحاث الأخيرة بهذا الصدد أن حرق البندق يعود إلى نشاطات اجتماعية في الجزيرة، حيث تبين أن أهل الجزيرة قد قطعوا أشجار البندق في الجزيرة في العام نفسه نتيجة النقص في الحيوانات والطيور، واعتماد أهل الجزيرة على الحمية النباتية.
ومن المعروف أنه يمكن تناول البندق وأكله دون تحميصه، لكن عملية التحميص تساعد على حفظه لفترات أطول، بالإضافة لسهولة هضمه من قبل الأطفال، وقد كان البحارة يستخدمونه بكثرة منذ زمن طويل لأنه يبقى صالحاً للأكل بعد فترات طويلة من تحميصه. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الرومان اعتمدوا على البندق وزرعوه بكثرة، خلال وجودهم في الجزر البريطانية قديماً، ولم تنتشر أنواعه الكثيرة في الجزر هذه إلا في نهاية القرن السادس عشر، وقد ازداد هذا الاهتمام في بداية القرن التاسع عشر.
وتقول المخطوطات التي عثر عليها في الصين، ويعود تاريخها إلى عام 2838 قبل الميلاد، إن هناك أدلة تاريخية تشير إلى أن المكسرات تشكل جزءاً مهماً من التغذية البشرية منذ فترة طويلة من التاريخ، وإن البندق كان يعتبر واحداً من أهم 5 مواد غذائية مقدسة أنعم بها الله على البشرية، وإن ذلك مستمر منذ أكثر من 4798 سنة.
وجاء ذكر الاستخدامات الطبية للبندق في «كتاب الحشائش» (de Materia Medica) للفيزيائي والطبيب الإغريقي المعروف ديسقوريديس قبل أكثر من ألفي عام. ولطالما ارتبط البندق رمزياً وتاريخياً بالسلام والصفح والمصالحة، وكان من النباتات المقدسة عند بعض الشعوب. وقد ارتبط اسمه أيضاً بإله التجارة وحامي القطعان والقوافل، الإله الإغريقي هيرميس بن زيوس ومايا.
وفيما يقول البعض إن البندق انتشر من شمال الأناضول باتجاه الصين والعالم قاطبة بعدها، يقول البعض إنه جاء إلى تركيا من وسط آسيا، وانتشر بعدها في جميع أنحاء العالم.
ولا عجب أن تكون تركيا أكبر منتج ومصدر للبندق في العالم. ويعتبر البندق التركي من أفخر وأجود أنواع البندق في العالم. وتنتج تركيا 70 في المائة من الناتج العالمي منه، وتصدر 80 في المائة من إنتاجها إلى الخارج. وتشتهر ولاية «أوردو»، الواقعة شمال تركيا على البحر الأسود، بإنتاج معظم البندق التركي. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن عائدات تركيا من تصدير البندق العام الماضي (2016) وصلت إلى ملياري دولار تقريباً. وقد صدرت أكثر من 227.556 ألف طن، معظمه كان إلى أوروبا، خصوصاً إيطاليا وفرنسا وألمانيا. لكن تركيا ليست البلد الوحيد في عالم البندق، فهو يكثر في اليونان أيضاً وإيران وإيطاليا وإسبانيا وأذربيجان وأوكرانيا وروسيا وجورجيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والصين وسوريا، وبالتحديد في منطقة بتيسة في محافظة حمص.
ولطالما استخدم الناس منذ قديم الزمان البندق في مجال الأدوية، وكمنشط للجسم، وكعلاج لكثير من المشكلات الصحية كالكحة والنزلات الصدرية وعلاج الصلع؟ كما تعرض ابن سينا لفوائد البندق، وحصل الأمر نفسه مع ابن موسى، الذي قال: البندق أكثر تغذية من الجوز، وهو يقوي الأمعاء وينظفها من المواد السامة والغازات الضارة. وكان البندق للغايات الطبية، وككثير من المواد، يخلط بالعسل والفلفل الأسود المطحون لعلاج النزلات الصدرية وغيره. كما كان البعض يستخدم قشوره المحمصة المطحونة لعلاج الصلع، وهو من الخرافات الطبية القديمة الكثيرة.
ومن المعروف أن تناول البندق مع التين بعد وجبات الطعام يزيد من فائدته للصحة. ووفقاً للكتب الحديثة، يعتبر زيت البندق مهم جداً في مسألة علاج «الديدان الشريطية في أمعاء الأطفال، وهو يستخدم أيضاً كمنشط للشعر». وعادة ما يوصف البندق إلى جانب الجوز والفستق والفاكهة المجففة للمصابين بعسر الهضم.
ويقول الدكتور جميل القدسي، في هذا الإطار، إن البندق ربما كان واحداً من «أروع المكسرات وأكثرها فوائد على الإطلاق، فالدراسات تشير إلى غناه بعنصر النحاس، وكذلك المغنيسيوم. وهذان العنصران يساهمان في تخفيف العملية الالتهابية، ولذلك كان تناول البندق في الأمراض المزمنة الالتهابية، مثل الربو وحساسية الصدر وحساسية الأنف»، ويضيف: «وبما أن البندق غني بالدهون المشبعة وأوميغا 3، فهو مفيد للقلب ومانع لتصلب الشرايين (...) وهو مهدئ للجهاز الهضمي، ويساهم في تخفيض الوزن».
ويقال أيضاً إن البندق يقي من الإصابة بسرطان الرئة وسرطان البروستات لما يحتوي عليه من مواد وفيتامينات هامة تقي من هذه الأنواع من السرطانات. ويعتبر البندق من أفضل المغذيات للدماغ، حيث يساعد على الوقاية من ألزهايمر الذي يحدث مع تقدم العمر، ويحسن الصحة العصبية والذاكرة العاملة، ويحل مشكلات وظيفة الحركة. كما أن للبندق أيضاً تأثيراً كبيراً على نوعية الحيوانات المنوية، مما يساعد في معالجة العقم عند الرجال.
وإذا كانت الحامل ترغب بإنجاب أنثى على خطى الإغريق والفراعنة والتقاليد القديمة في هذا الحقل، ينصح البعض بتناول الحليب ومشتقاته والخبز المصنوع من القمح الأبيض واللوز وعباد الشمس وسمك السردين والسلمون والمحار والبندق.
وللبندق طائر خاص به يعرف بـ«كسار البندق، وهو من الفصيلة الغرابية، ويوجد منه نوعان: واحد أوروبي، وواحد أميركي، وبشكل عام و«شأنها شأن طيور الغربان، لها منقار طويل لكسر البندق وفتحه. وهي تختزن البندق لكي تحصل عليه في أيام الشتاء الجليدية القاسية. كما أنها تفتح كيزان الصنوبر للحصول على ما فيه من البذور»، كما تقول الموسوعة الحرة.



أكواب المعكرونة... تعزف على وتر ذائقة الشباب المصري

أكواب المعكرونة... تعزف على وتر ذائقة الشباب المصري
TT
20

أكواب المعكرونة... تعزف على وتر ذائقة الشباب المصري

أكواب المعكرونة... تعزف على وتر ذائقة الشباب المصري

من السباغيتي إلى الريغاتوني، كل شكل من «الباستا» يُضفي تجربة طهي فريدة، مع تشكيلة واسعة من الصلصات والإضافات. المعكرونة ترضي جميع الأذواق؛ مما يسمح بتجربة المكونات وابتكار إبداعاتهم الطهوية الخاصة، التي تعكس كذلك أذواقهم وأنماطهم الشخصية.

وتعد المعكرونة في كوب أو «Pasta Cup» أحدث اتجاهات المعكرونة المتزايدة الانتشار بين الشباب في مصر، ويتم الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والعربات وأصحاب المحال الذين يبيعونها، ومن قبل الطهاة و«البلوغرز» على حد سواء.

ويحاول هؤلاء تقديم صورة إيجابية عن مذاقها وتنوعها، ويضعون أصنافها على لائحة أفضل الأكلات التي من شأنها أن تساهم في التمتع بوجبة سريعة جداً ولذيذة للغاية.

وتُعد المعكرونة في كوب طريقة مثالية لتناول الطعام بشكل عصري بحسب شيف هشام نادي، صاحب سلسلة عربات متخصصة في بيع «الباستا» في أكواب، وهي لذلك باتت تنتشر بالقرب من الجامعات والنوادي.

ويقول: «لا يتطلب التهامها البحث عن طاولة وكرسي من الخشب الصلب مع مجموعة كاملة من أدوات المائدة لتناول الطعام؛ إنها أيضاً في متناول يدك أينما كنت».

«كما أنها طعام حفلات أعياد الميلاد؛ يمكنك الاستمتاع بها بطريقة منظمة؛ لذلك تطلبها بعض الأسر في مثل هذه المناسبات، ولكن في الوقت نفسه يجب أن يكون المذاق لذيذاً للغاية، وذا طعم لا يُنسى».

وفقاً لهذا الشكل من «الباستا»، تخلط في داخل الأكواب المعكرونة المطبوخة مع صلصتك المفضلة، والخضراوات، والجبن، ومن الممكن أن تُخبز في قطع صغيرة مثالية مع البروتين الذي تختاره، دجاج أو لحوم أو أسماك.

«إنها مثالية لعشاء سهل خلال الأسبوع، أو لأخذها معك في أثناء التنقل، ذلك خلال موسم الامتحانات أو العمل المتراكم، أو الأعياد المزدحمة، أو الصيف المليء بالانطلاق والنشاطات، من منا يقدم خياراً يرضي الجميع في كل الأوقات». ومن هنا فإن أكواب المعكرونة البسيطة هذه هي الحل الأمثل لأصحاب الأذواق المختلفة، وفق الشيف هشام.

وفي هذا الاتجاه برز عدد من المطاعم المتخصصة التي تقدم «الباستا كاب» في مصر، ومنها سلسلة متاجر تحمل هذا الاسم في مناطق عديدة بمصر، وتتمتع بلائحة طعام غنية بأطباق فيها الكثير من النكهات والمكونات، ومنها معكرونة «ماك كريسبي» بصوص الشيدر وقطع الدجاج المقرمشة، ومعكرونة ماك مشوي بالدجاج المشوي، أو بصوص الميكسيكي، أو «سموك هاوس» بصوص باربيكيو مع هوت دوغ، أو «تشيزي فاهيتا»، و«ماك كريسبي شيتوس»، فضلاً عن معكرونة التركي المدخن، وأحدث ما جاء في القائمة «باستا كاب بالفستق الحلبي».

وانتقلت هذه الظاهرة إلى بعض المحافظات المصرية حيث انتشرت الجامعات الأهلية والخاصة، فنجد متجر «باستا كود» الذي يحتفي بتقديم «الباستا فروتي دي ماري» المليئة بثمار البحر بصلصات لا تقاوم.

هذا الاتجاه في تقديم الباستا يرحب به الشيف المصري عصام راشد، ولكن يرى أنه من الأفضل تحضيره في المنزل؛ لضمان دهون مشبعة أقل، وإضافات ومكونات صحية أكثر، وحاويات لا تضر بالصحة.

ويقول راشد لـ«الشرق الأوسط»: «أكواب المعكرونة طريقة فعالة للغاية لإضافة بعض الخضروات التي قد يرفض البعض تناولها بمفردها أو بالطريقة التقليدية».

ويتابع: «اختر ما تفضله من الخضروات؛ البروكلي المفروم ناعماً، الجزر والكوسا المبشورة، أو السبانخ المفرومة إنها كلها بعض من الخيارات الرائعة التي يمكن تقديمها مع الباستا كاب، لا سيما أن الإضافات الأخرى من صوص أو توابل ستذهب بها إلى مكان آخر من النكهات المعززة». ويبرز أيضاً الجبن مكوناً أساسياً: «ليس لمزيد من النكهة المتفردة فقط، إنما يُساعد على تماسك أكواب المعكرونة»، ويقترح: «أضف جبن الموزاريلا المبشورة، أو البارميزان، أو ريكوتا، مع صفار البيض والتوابل، والملح، وصلصة مارينارا أو صلصة الطماطم».

يمكنك أيضاً إضافة أنواع مختلفة من البروتين معها وفقاً لرغبتك، جرب كرات اللحم أو الدجاج، أو المأكولات البحرية، أطلق العنان لإبداعك واستمتع، على سبيل المثال اجعل أكواب المعكرونة غنية باللحم بتحمير بعض النقانق، وإضافتها إلى الخليط قبل الخبز.

أو أضف بعض الإضافات الممتعة والمفيدة، مثل قلوب الخرشوف المفرومة، والزيتون، والفلفل الأحمر المشوي، أو الطماطم المجففة، أو الأفوكادو.

ويقترح أكواب الباستا بكرات اللحم والبقدونس أو النعناع والصوص الأحمر أو الأبيض، قم بتسخين الفرن إلى 400 درجة فهرنهايت، امزج الدجاج والبيض وفتات الخبز وملعقة كبيرة من البقدونس والثوم وصلصة ورشيسترشاير والملح والفلفل والأوريغانو.

شكل كرات لحم صغيرة ولفها، ادهن صينية مافن صغيرة سعة نحو 24 كوباً بقليل من الزيت. اصنع شقوقاً صغيرة في كل زاوية من مربعات المعكرونة، ضع المربعات في أكواب المافن، ضع كرات اللحم في الداخل ووزعها بالتساوي بصلصة الطماطم والموزاريلا والبارميزان. اخبزها لمدة ربع الساعة تقريباً، أو حتى تنضج كرات اللحم تماماً، ويذوب الجبن، رش البقدونس أو النعناع المتبقي قبل التقديم.

ولنتائج أفضل من «باستا كاب» في المنزل ينصح راشد بأنه عند خروج صينية الـ«مافن» من الفرن يتم ترك أكواب المعكرونة تبرد قليلاً، فإذا حاولت إخراجها وهي ساخنة للغاية، فسوف تتفكك، خاصة أنه عند ترك الجبن يبرد ويتماسك فإن ذلك سيساعدها على الحفاظ على شكلها.

وينهي الشيف راشد كلامه بالقول: «من الممكن تحضير أكواب المعكرونة باستخدام المعكرونة غير المطبوخة بشرط إضافة كمية كافية من السائل سواء كان ذلك من خلال الصلصة أو الماء، لكن من المهم تجنب أشكال المعكرونة الصغيرة جداً؛ لأنها ستكون مضغوطة جداً، وقد لا تعطي القوام والمذاق المطلوبين».