أميركا... «أمة بروزاك» تعيش على وقع القلق

تحول إلى تجربة ثقافية مشتركة تتغذى على أخبار محطة «سي إن إن» ومواقع التواصل الاجتماعي

أميركا... «أمة بروزاك» تعيش على وقع القلق
TT

أميركا... «أمة بروزاك» تعيش على وقع القلق

أميركا... «أمة بروزاك» تعيش على وقع القلق

خلال فصل الشتاء الماضي حين أرسلت سارة فيدر، استشارية في مواقع التواصل الاجتماعي ببروكلين تبلغ من العمر 37 عاماً، وتعاني من اضطرابات القلق، رسالة نصية إلى صديق في ولاية أوريغانو بشأن زيارة مؤجلة، وحين لم تتلق رداً سريعاً، نشرت تغريدة على حسابها على موقع «تويتر» يزيد عدد متابعيه على الـ16 ألفاً، جاء فيها: «حين لا أعرف أي شيء عن صديق لمدة يوم فأظن أنه يريد قطع علاقة الصداقة التي تربطنا». وأضافت هاشتاغ «هذا هو القلق».
وسرعان ما شاركها آلاف الأشخاص بتجاربهم تحت هذا الهاشتاغ، وتم مشاركة التغريدة لأكثر من ألف مرة. لذا يمكن للمرء القول إنها قد ضغطت بأصبعها على موطن الألم. وقالت في مكالمة هاتفية: «إذا كنت إنسانا تعيش في عام 2017، وغير مصاب بالقلق؛ فهناك خطب ما بك».
منذ 70 عاماً نشرت الشاعرة ويستن هيو أودن قصيدة «عصر القلق»، المكونة من ستة أجزاء تعبر فيها عن وضع الجنس البشري في أكثر من 100 صفحة، لكن يبدو أننا لا نطيق الجلوس، وقراءة نص بهذا الطول.
لقد بات القلق هو لغتنا اليومية، ودم الحياة النابض داخلنا، ليس فقط على «تويتر»، بل أيضاً في المدونات اليومية، واعترافات المشاهير، وفي عرض برودواي الناجح «عزيزي إيفان هانسن». مع كتابين جديدين يحللان هذه الحالة وهما «على الحافة: رحلة عبر القلق» لأندريا بيترسون، و«أهلاً أيها القلق» لكات كينزمان، إلى جانب «عمري من القلق» لسكوت ستوسل، و«عقل القرد» لدانيل سميث، أصبحت المؤلفات الخاصة بالقلق نوعاً أدبياً فرعياً ينافس المؤلفات الخاصة بالاكتئاب التي ترسخت منذ كتاب «الظلام مرئياً» لويليام ستيرون، و«أمة بروزاك» لإليزابيث ورتزل في تسعينات القرن الماضي، ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا من خلال «الاقتراب كثيراً من السعادة» لدافني ميركين.
في الوقت الذي يمثل فيه كلا الاضطرابين النفسيين بالنسبة إلى علماء الأوبئة حالات طبية، بدأ القلق يبدو مثل حالة اجتماعية، أي تجربة ثقافية مشتركة تتغذى على أخبار محطة «سي إن إن»، ومواقع التواصل الاجتماعي. ومثلما كان وضع الاكتئاب في التسعينات، يبدو أننا قد دخلنا حقبة جديدة من القلق تتجلى على سبيل المثال في مراقبة نبض قلوبنا، وتحريك أصابعنا باستمرار على هواتف الـ«آيفون»، والتكالب على مراكز التأمل في محاولة لتهدئة أفكارنا.
إذا نظرنا إلى الجهاز الدوّار المخصص لتهدئة التوتر، والذي يدور بين أنامل الجيل، ويسبب إزعاجاً للمعلمين، والآباء، والذي كان يتم تسويقه بالأساس كوسيلة لعلاج الأطفال، الذين يعانون من التوتر، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو التوحد، سنجد أن هناك منافساً له قد ظهر فجأة وهو عبارة عن مكعب مكون من عدة ألوان؛ إنه مكعب «روبيك».
كان المكعب لعبة عقلية مهدأة بالأساس تناسب الأطفال الذين يعودون إلى المنزل، بينما يكون آباؤهم في الخارج في حقبة الثمانينات حيث يساعدهم هذا المكعب في قضاء وقتهم وهم وحدهم. أما الجهاز الدوّار فليس سوى وسيلة لتفريغ الطاقة الانفعالية، مما يعبر عن حالة الأطفال الذين يتعرضون إلى ضغوط، ومحفزات مبالغ فيها، ويبحثون عن بعض الراحة بين الدروس.
طبقاً لبيانات المعهد الوطني للصحة العقلية، يعاني نحو 38 في المائة من الفتيات ممن تتراوح أعمارهن بين 13 و17 عاماً، و26 في المائة من الصبية، من اضطرابات القلق. أما في الجامعات فيتقدم القلق على الاكتئاب كأكثر مشكلات الصحة العقلية شيوعاً بحسب دراسة قومية أجراها مركز الصحة العقلية بالجامعات في جامعة ولاية بنسلفانيا عام 2016 على أكثر من 150 ألف طالب. على الجانب الآخر، تضاعف عدد الأبحاث المتوفرة على الإنترنت، والتي تتضمن هذا المصطلح، على مدى الخمس سنوات الماضية بحسب «غوغل تريندز»، في حين لم يتغير معدل استخدام كلمة «اكتئاب» طبقاً للمؤشر ذاته.
تعد هذه الأرقام بالنسبة إلى كاي رايت، مقدم النشرة الصوتية السياسية «الولايات المتحدة للقلق»، التي تناولت هذا الموضوع خلال فصل الخريف الماضي، قابلة للتفسير. ويقول رايت: «نحن في حرب منذ عام 2003، وقد شهدنا فترتي ركود. تعد الحياة الرقمية وحدها تغيراً كبيراً.
كذلك تغير شكل الأعمال، وتغير مع كل ذلك كل ما نراه طبيعياً. لا يبدو أن أحداً يثق في الأشخاص المسؤولين عن توجيههم نحو ما يناسبهم في المستقبل».
عادت بيترسون، التي عملت مراسلة لمدة طويلة لصحيفة «وول ستريت جورنال»، من أجل تأليف كتابها إلى جامعتها الأم، جامعة ميتشيغان، للحديث مع الطلبة عن القلق والتوتر. قالت إحدى الطالبات، التي تعاني من قلق واكتئاب، إن الضغوط بدأت في المرحلة الإعدادية حين أدركت أن عليها السعي لتصبح الأولى بين أقرانها حتى تنضم إلى صفوف الشرف في المدرسة الثانوية وهو ما تحتاجه من أجل الالتحاق بصفوف المستوى المتقدم، وهو أمر لازم من أجل الالتحاق بالجامعة. وقالت: «لقد كان أطفال الصف السادس يشعرون بالرعب». لم تكن تمثل هذه التجربة نموذجاً نمطياً بالنسبة إلى الأجيال التي تمتد من نهاية الستينات حتى أوائل الثمانينات. تعريف الشخص الكسول طبقاً لقاموس «إيربان» هو «الشخص الذكي الذي رغم ذلك لا يشعر بالرغبة في القيام بأي شيء»، ويشير هذا إلى خمول وفتور يرتدي سراويل الجينز المقطع من جيل التسعينات.
وتم تصوير هذا الشعور بالفوقية المأساوية من خلال الشخصية، التي قدمها إيثان هوك، في الملحمة الساخرة القاتمة «ريالتي بايتس» «الواقع المؤلم»، حيث يؤكد من خلال هذا العمل أن الحياة «يانصيب عشوائي من مأساة خالية من أي معنى، وسلسلة من حالات الهروب في اللحظة الأخيرة».
لذا ينبغي للمرء الاستمتاع بالأمور الصغيرة.
الشخصية المعادلة لورتزل في هذا العصر هي لينا دونام، الذي أخبرت جمهورها في منهاتن: «لا أتذكر وقت لم أكن فيه أشعر بالقلق». وتتذكر مؤلفة، وكاتبة، ونجمة المسلسل التلفزيوني «جيرلز» «فتيات»، الذي يحرك القلق أحداثه، والتي تعاني من القلق منذ سن الرابعة، كيف تغيبت عن المدرسة في الصف العاشر لمدة 74 يوم بسبب خوفها من مغادرة المنزل. وكان هذا في وقت حدوث أكبر عمل إرهابي في تاريخ الولايات المتحدة بالقرب من شقة في حي ترايبيكا الذي نشأت فيه.
على الجانب الآخر، لم يعد مذهب المتعة الجسدية يقدم ملاذاً، حيث بات يعبر مرشح التوتر بتطبيق «تيندر»؛ فإذا رفضك شخص ما، فربما لم يكن هناك توافق وتناغم بينكما. يقول جاكوب غيرز البالغ من العمر 22 عاماً، ويعمل في نيويورك في مجال المبيعات الرقمية: «يبدو الأمر وكأنك خائف من أن تنظر إلى التطبيق كما لو تنظر إلى مرآة، وتكتشف مدى قبحك».
إذا كان القلق هو لحن اللحظة، فالرئيس ترمب هو قائد الأوركسترا. على عكس سلفه باراك أوباما، المتواضع والساخر دائماً من هاواي، ترمب شخص يتسم بإيقاع حديث سريع، من نيويورك، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 8.5 مليون نسمة.
القلق، في صورته الحميدة التي تقترب من الطموح، هو ما جعل ترمب رجل أعمال، الذي لا يكتفي أبداً في عمله في مجال العقارات؛ فكل شيء يجب أن يصبح أكبر فأكبر. وقد جعله كسياسي ينشر الحكايات المرعبة عن كون أميركا تحت الحصار بسبب المهاجرين المكسيك، والإرهابيين المسلمين. مع ذلك إذا كان ترمب قد أصبح رئيساً بسبب قلق الناخبين، كما أشار مقال نشر مؤخراً في مجلة «أتلانتيك»، فقد أصبح الناخبون الآخرون أكثر قلقاً لأنه أصبح الرئيس.
أخيرا توضح كات كينزمان، مؤلفة «أهلا أيها القلق» قائلة: «إضافة إلى الفوضى الطبيعية التي ترتبط بوجودنا الإنساني، هناك ما يبدو مثل شعور قوي بعدم اليقين يواجهنا في حياتنا اليومية».
* خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.