«جنون القايلة»... مسلسل تونسي أبطاله أطفال على غرار هاري بوتر

مشهد من المسلسل
مشهد من المسلسل
TT

«جنون القايلة»... مسلسل تونسي أبطاله أطفال على غرار هاري بوتر

مشهد من المسلسل
مشهد من المسلسل

حاولت قنوات تلفزيونية تونسية خلال النصف الثاني من شهر رمضان بث مسلسلات جديدة تمتد على 15 حلقة تلفزيونية، وهي من بين العادات الجديدة التي اعتمدتها بعض القنوات؛ أولا لتغيير أجواء العمل الدرامي، وبث أحداث درامية مختلفة عن النصف الأول من شهر الصيام، وثانيا التفكير في أجزاء ثانية، وربما أكثر خلال المواسم المقبلة.
وراهنت القناة الوطنية الأولى (قناة حكومية) على مسلسل «جنون القايلة»، وهو عمل درامي يبث مباشرة إثر الإفطار، وأبطاله مجموعة من الأطفال، أما أحداثه فلا تختلف كثيرا عن سحر روايات «هاري بوتر»، إذ تنطلق المغامرة من خلال رحلة مع الأطفال بانتهاء السنة الدراسية وبداية العطلة الصيفية. وهذا العمل من بطولة سامية رحيم وفريال الشماري وعبد اللطيف خير الدين وحكيم بومسعودي، إلى جانب عدد مهم من الأطفال الذين يدخلون عالم التمثيل لأول مرة، وهو من إخراج التونسي أمين شيبوب.
يروي المسلسل قصة أطفال يجتمعون في بيت بالمدينة العتيقة (حومة الديوان) عند «أمي فاطمة» الجدة التي تغمرهم بحنانها وعطائها المتواصل وحكاياتها المثيرة، ورغم ذلك ينفر الأطفال من هذا العالم البسيط، لأنه يفتقر إلى كل مقومات الحياة العصرية لديهم على غرار الإنترنت والمحلات التجارية والمطاعم والمقاهي التي يرتادونها لشراء المأكولات والمشروبات الغازية وكل أنماط الاستهلاك العصري.
ولأجل ذلك وبحثا عن طريقة ما للتسلية، حالما يجدون الفرصة للخروج من البيت يستغلونها ويجوبون المدينة حتى في أوقات القيلولة، فلقبهم الجيران بـ«جنون القايلة». وبمرور الوقت يتأقلم الأطفال ويجدون في كتاب «أمي فاطمة» ملاذا لهم خصوصا مع التشويق والعبر التي يستخلصونها من خرافات وحكايات «أمي فاطمة» حول «الجن الأرقط» و«بوشكارة».
كما تحيل الأحداث، من خلال الحلقات الأولى التي تم بثها، إلى عالم الخرافة والسحر والأشباح، وهو ما جعل مسلسل «جنون القايلة» محل متابعة متواصلة من قبل الأطفال الذين وجدوا في أحداثه ملاذا لهم بعيدا عن لغة العنف والجريمة والانحلال الأخلاقي واستهلاك المخدرات التي روج لها كثير من الأعمال الدرامية خلال المواسم الأخيرة من شهر رمضان المعظم.
ولا يسيطر الأطفال الصغار على كامل أحداث المسلسل، بل هناك مساهمة مهمة من عالم الكبار من خلال ردهات تسجل محاولة الاستيلاء على البيوت القديمة التي تمثل كنوزا معمارية قلما يوجد لها مثيل، وفي ذلك دعوة مبطنة ومحاولة ذكية لإعادة الاعتبار لإرث الأجداد وعدم تركه أمام هوة الزوال بناية وراء أخرى.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».