الجزائر: بن فليس يحذر من انسداد بسبب الفراغ في هرم الدولة

الجزائر: بن فليس يحذر من انسداد بسبب الفراغ في هرم الدولة
TT

الجزائر: بن فليس يحذر من انسداد بسبب الفراغ في هرم الدولة

الجزائر: بن فليس يحذر من انسداد بسبب الفراغ في هرم الدولة

قال علي بن فليس، رئيس وزراء الجزائر سابقا، إن «الفراغ الجلي في أعلى هرم الدولة أنتج انسدادا سياسيا شاملا، نراه يتحول بدوره إلى تفكك معمم لمؤسسات الجمهورية»، في إشارة إلى انسحاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من المشهد العام بسبب المرض، منذ أربع سنوات.
وكان بن فليس يتحدث الليلة الماضية بالعاصمة أمام مناضلي الحزب الذي يقوده (طلائع الحريات). وأوضح في كلمته أن «النظام السياسي القائم لم يغير من عاداته، فقد صرف أنظاره عن نتائج انتخابات 4 مايو (أيار) 2017 البرلمانية، ولم يستفد من أي درس من دروسها، ولم يول أدنى اهتمام للرسائل السياسية الواضحة والصريحة التي وجهت له من خلال هذا الاقتراع»، في إشارة إلى نسبة تصويت ضعيفة لم تتعد 35 في المائة، عدت بمثابة صفعة للسلطات التي وضعت هذه الانتخابات في كفة، واستقرار وأمن البلاد في كفة ثانية.
وذكر بن فليس، أن «قرابة ثلاثة أرباع الناخبين عبروا للنظام السياسي القائم، وبالطريقة الأكثر صراحة ووضوحا، أنهم لم يعودوا يرون تمثيلا لهم فيه، وبأنهم يرفضون ممارساته وسلوكياته وسياساته، وبأنه لا يحظى بثقتهم، وبأنهم لا يصدقون ولو لحظة واحدة بأنه يستطيع اليوم، وبأعجوبة، التحول إلى محقق للإنجازات والنجاحات، بعد أن تسبب في فشل سياسي واقتصادي واجتماعي لا مثيل له».
وهاجم بن فليس حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، اللذين حصلا على الأغلبية في البرلمان، بقوله «إن ما يسمى تجاوزا بالأغلبية البرلمانية، لم تحصل سوى على أقل من 4 ملايين صوت من بين 23 مليون ناخب، وهي فاقدة للشرعية وللتمثيل وللمصداقية ولثقة الأغلبية الواسعة من المنتخبين، وهي من ستدعي التشريع باسم الشعب، وستدعي أنها ناطقة باسم الشعب وأنها تمثله حق التمثيل».
وأفرزت الانتخابات أقلية تتكون من أحزاب إسلامية وعلمانية وليبرالية، لن تقوى عدديا على التصدي لمبادرات ومشاريع الأغلبية في البرلمان.
يشار إلى أن بن فليس كان من أبرز مساعدي الرئيس بوتفليقة في فترة 1999 - 2003، لكن وقع الطلاق بينهما عندما رفض بوتفليقة أن ينافسه على كرسي الرئاسة في انتخابات 2004. وأفاد بن فليس، بأن حزبه «يرى البلد يقاد مجبرا ومرغما نحو ما قد لا تحمد عقباه»، داعيا إلى «ضرورة الاستفاقة والوثبة قبل فوات الأوان، لأن كل يوم يمر من دون هذه الاستفاقة وهذه الوثبة، تزيد الأوضاع تدهورا ويصعب الحلول ويرفع من تكلفتها».
وتعاني الجزائر منذ 2014 من أزمة مالية حادة نتيجة انخفاض أسعار النفط. وتظهر الحكومة تخبطا كبيرا في التعامل مع الوضع، وهي تفتقد، حسب مراقبين، لخطة جادة لفك التبعية المفرطة للنفط والغاز. وقد تم بحث الأزمة أمس في اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة بوتفليقة، يعد الأول منذ نهاية العام الماضي. كما تمت المصادقة على «مخطط عمل الحكومة» الجديدة، تحسبا لعرضه على البرلمان الجديد.
وأوضح بن فليس أن «الهدف من هذه المعاينات ليس التخويف، وليس تأجيج القلق أو الضجر لدى مواطنينا، ولا زرع اليأس في عقولهم والحسرة في صدورهم، بل هو واجب قول الحقيقة لشعبنا»، وأضاف موضحا أنه «بعد مرحلة الفراغ في أعلى هرم الدولة، وبعد التعطل شبه الكامل للمؤسسات الذي تولد عنه، ها هو البلد يدخل في مرحلة الفلتان المعمم لمؤسسات الجمهورية، ومن هذا المنظور فإن تشكيل الحكومة الجديدة كان بمثابة المرآة العاكسة لهذا الفلتان المؤسساتي المعمم والعارم»، في إشارة إلى اختيار حكومة لا تعكس نتائج الانتخابات الأخيرة، فهي ليست سياسية كما توقعها مراقبون، وإنما تتكون من خليط من مناضلين في أحزاب وتكنوقراطيين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.