النظام يوجّه قواته نحو البادية بعد محاذاة «قسد» بريف الرقة

تواصل الهجمات لعزل مركز المدينة عن الفرقة 17

النظام يوجّه قواته نحو البادية بعد محاذاة «قسد» بريف الرقة
TT

النظام يوجّه قواته نحو البادية بعد محاذاة «قسد» بريف الرقة

النظام يوجّه قواته نحو البادية بعد محاذاة «قسد» بريف الرقة

غيّرت قوات النظام السوري اتجاهات تحركاتها في شمال سوريا، حيث تحولت باتجاه ريف الرقة الجنوبي، بعد استكمال سيطرتها على قرى وبلدات ومزارع ريف حلب الشرقي، بهدف ملاقاة قواتها في ريف حماة الشرقي، وذلك في خطة بديلة عن التوغل إلى مناطق سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية)، الأمر الذي اعتبره مصدراً معارضاً «عملية سباق مع الميليشيات الكردية إلى عمق البادية».
وأجرت قوات النظام التفافاً باتجاه الجنوب، بعد وصولها إلى نقاط تماس مع «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الرقة الجنوبي والغربي، ما يوحي بأن ثمة «تقسيم أدوار»، حيث حافظت «قسد» على مواقعها من غير تسجيل أي احتكاك، فيما اتجه النظام جنوباً للتوغل في عمق البادية السورية، وملاقاة قواته التي تقاتل في ريف حماة الشرقي.
وساهم تقدم النظام في أثريا، أول من أمس، في منحه القدرة على الالتفاف على تنظيم داعش في جنوب غربي الرقة، وفصل نقاط تواصل التنظيم مع عناصره في عمق البادية، في وقت يواصل الهجمات على جبهة عقيربات بريف السلمية الشرقي، في مسعى لتطويق التنظيم وإبعاده عن مناطق السكنية وخطوط الإمداد الاستراتيجية للنظام.
ورأى مصدر سياسي معارض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تطورات المرحلة فرضت على النظام توجيه جهوده العسكرية باتجاه تنظيم داعش في البادية»، مشيرة إلى أن ما يحصل في الشمال «هو عملية سباق مع الميليشيات الكردية إلى عمق البادية، بعدما قطع النظام أي أمل بالمشاركة في معارك الرقة»، لافتاً إلى أن هذا السباق «يخفي أيضاً سباقاً أميركياً روسياً باتجاه السيطرة على البادية والوصول إلى دير الزور».
وتسعى قوات النظام منذ سيطرتها على بلدة مسكنة إلى تنفيذ عملية واسعة تهدف من خلالها لاستعادة السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي السورية، من التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم. ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ دخول قوات النظام مدعمة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية وقوات النخبة في «حزب الله» اللبناني من جهة، في 6 يونيو (حزيران) الماضي، سيطرة قوات النظام على نحو 1200 كلم مربع من مساحة محافظة الرقة، لافتاً إلى أن «داعش» ينفذ عمليات انسحاب متتالية نتيجة القصف المكثف من قوات النظام والطائرات الحربية النظامية والروسية.
وتوغلت هذه القوات داخل محافظة الرقة وامتدت سيطرتها من الحدود الإدارية بين محافظتي حلب والرقة، إلى جنوب طريق أثريا - السلمية، ووصلت إلى مسافة تبعد نحو 7 كلم عن مثلث الحدود الإدارية - حمص - حماة - الرقة. وقال «المرصد» إنه بقيت مسافة نحو 90 كلم تفصل قوات النظام والمسلحين الموالين لها عن تنفيذ أكبر عملية تطويق لتنظيم داعش تبدأ من ريف الرقة الجنوبي وتصل إلى طريق السخنة - تدمر شرقاً، مروراً بريف حماة الشرقي وبادية تدمر الشمالية.
وبذلك، يحاول النظام الاقتراب من الحدود الإدارية مع محافظة دير الزور، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام و«داعش» في محيط مطار دير الزور العسكري وحي الرصافة بمدينة دير الزور، ترافق مع قصف الطائرات الحربية لمناطق في أحياء العمال والرصافة والحميدية والبانوراما وقرى مراط وحطلة والجفرة.
وتزامن ذلك مع قصف الطائرات الحربية مناطق في بادية تدمر ومدينة السخنة بريف حمص الشرقي، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات في بادية تدمر الشمالية الشرقية، في حين اندلعت اشتباكات بين قوات النظام و«داعش» في محور خط البترول بريف حماة الشرقي، إثر هجوم للتنظيم على المنطقة.
في غضون ذلك، نفذت طائرات التحالف الدولي ضربات استهدفت مناطق سيطرة «داعش» في الرقة، وسط قصف من قبل قوات عملية «غضب الفرات» على مناطق في المدينة، في حين تواصلت الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في أطراف حيي البريد وحي حطين بالقسم الغربي لمدينة الرقة.
وتعمل «قوات سوريا الديمقراطية» من خلال هجومها هذا إلى عزل «داعش» داخل مركز مدينة الرقة، عن الفرقة 17 وشمال المدينة، حيث تقدمت القوات المهاجمة في مبانٍ واقعة في غرب حي البريد من جهة حي الرومانية وسيطرت عليها.
وعلى الأطراف الشرقية للمدينة، واصلت الحملة عملياتها، رغم هجمات معاكسة نفذها عناصر تنظيم داعش وتفجيرات نفذها عناصره، في محاولة من الأخير تشتيت القوات المهاجمة وإيقاع خسائر بشرية في صفوفها، وسط استعدادات من «قوات سوريا الديمقراطية» لبدء هجوم عنيف من الأطراف الشرقية لمدينة الرقة، نحو المدينة القديمة المحاذية للأطراف الغربية من حي الصناعة.
إلى ذلك، قصفت طائرات التحالف الدولي سيارة لتنظيم داعش في بلدة القورية بريف دير الزور؛ ما أدى لمقتل 3 عناصر من التنظيم. يحاول النظام الاقتراب من الحدود الإدارية مع محافظة دير الزور، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قواته و«داعش» في محيط المطار العسكري وحي الرصافة بالمدينة.
ويشهد الريف الشرقي لدير الزور منذ أيام تصعيداً للقصف من قبل الطائرات التابعة للتحالف الدولي. وترافقت عملية تصعيد القصف مع حركة نزوح لمئات العوائل من مدينة الميادين ومدن وبلدات أخرى في الريف، نحو قرى في ريفها، تخوفاً من قصف جديد، خصوصا أن مدينة الميادين استقبلت في الأشهر الفائتة آلاف العوائل النازحة من مناطق سورية خاضعة لسيطرة التنظيم، ومن الأراضي العراقية بينهم عوائل من التنظيم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.