«السوبيا»... أشهر المشروبات الشعبية في الحجاز

جاءت من أرض الكنانة وترسخت في المجتمع المكي

ينتشر مشروب السوبيا في مكة والمدينة (تصوير: أحمد حشاد)
ينتشر مشروب السوبيا في مكة والمدينة (تصوير: أحمد حشاد)
TT

«السوبيا»... أشهر المشروبات الشعبية في الحجاز

ينتشر مشروب السوبيا في مكة والمدينة (تصوير: أحمد حشاد)
ينتشر مشروب السوبيا في مكة والمدينة (تصوير: أحمد حشاد)

تعد منطقتا مكة المكرمة والمدينة المنورة من أكثر المناطق جذبا وترعرعا للثقافات غير السعودية، وذلك كونهما مدينتين يفد إليهما سنويا الملايين من المعتمرين والزوار والحجاج من كافة الدول الإسلامية، وثقافة شراب السوبيا القادمة من أرض الكنانة ترسخت في المجتمع المكي قرابة التسعة عقود من الزمن.
وبحسب منصور خضري ابن أحد أشهر صانعي السوبيا في منطقة الحجاز: «تقول الروايات إن الحجاج المصريين عندما كانوا يأتون إلى مكة المكرمة يطلبون مكونات شراب السوبيا وهي من الشعير والخبز الناشف والهيل، ويصنع منها سوبيا بيضاء وحمراء، وكانوا يقدمون هذا المشروب الغريب لأهل مكة المكرمة الذين يجدون فيه طعما لذيذا ومنعشا، ومن هنا كانت الطلبات تنهال على المصريين لمعرفة طريقة تصنيعه».
ويضيف خضري: «أصبحت السوبيا مشروب منازل أهل مكة المكرمة ولم يكن لها محال يباع فيها المشروب، حيث إن نطاقه لم يتعد المنازل، حتى اتخذ أحد أبنائها وهو والدي سعيد علي خضري (رحمه الله) خطوة عمليّة في نشر مشروب السوبيا بين الناس عندما احترف صناعتها وبادر بتوزيعها بين معارفهِ وكل من طلبها بعد تذُوّقِها ومعرَفة جودتها من خلاله، حتى ذاع صيته كصانع لها في المجتمع المكي أجمع ومن ثم بدأ تجهيزها وتحضيرها بطريقته الخاصة في محلٍ لا يتجاوز البضعة مترات أمام الحرم المكي الشريف استعداداً لبيعها».
وعن طريقة تحضيرها قال الخضري: «صناع السوبيا في الحجاز كثيرون ولكل صانع طريقته الخاصة، ونحن منذ تأسيس والدي لمحله ونحن ملتزمون بطريقته الخاصة وهي بالطبع سرية ولكن لا مانع من شرح الطريقة بشكل عام أنه يتم تقطيع الخبز إلى قطع صغيرة ومن ثم توضع في الماء ويتم تحريكه كل أربع ساعات تقريبا ولمدة 24 ساعة، ومن ثم يتم تصفيته من خلال قطع القماش، ومن هنا تكون لكل صانع سوبيا طريقته الخاصة، فمنهم من يضع الهيل ومنهم من يضع القرفة وهكذا».
وأبان منصور خضري أن جامعة أم القرى وقعت معهم مؤخرا اتفاقية لإطلاق تطبيق على وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل سوبيا الخضري للعملاء في منازلهم، وذلك عن طريق توظيف شباب سعودي يقوم بهذه المهمة، وحتى الآن وصل عدد الشباب الذي يعمل في هذا التطبيق أكثر من ثلاثة آلاف شاب.
وأكد الخضري أن هذه البرامج الرائدة تساعد في ضمان توصيل المنتج الأصلي للشركة، وحماية المستهلك والقضاء على الغش التجاري، خاصة في ظل وجود أشخاص يستخدمون أسماء شركات للترويج لمنتجات مقلدة تحمل نفس المواصفات.
ويعتبر سوبيا الخضري الوحيد في مكة المكرمة الذي يزدحم بالمواطنين والمقيمين خصوصا في شهر رمضان، يقول أيمن البرحاني: «أعمل في محل سوبيا الخضري أكثر من عشرين عاما، حيث يكثر الزبائن في شهر رمضان، نظرا لأن مشروب السوبيا يعد مطلبا أساسيا على مائدة إفطار المكيين، وفي السنوات الأخيرة كان هناك تنسيق مع الجهات الأمنية لضبط الحركة المرورية أمام المحل، نظرا لتكدس مركبات الزبائن، الأمر الذي يستدعي تدخل رجال المرور لتسهيل الحركة المرورية أمام المحل».
وأضاف البرحاني: «رأينا في المحل أن نخصص شباكا لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لإبعادهم عن مواطن الزحام وتسهيلا لتلبية رغباتهم في شراء السوبيا».


مقالات ذات صلة

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص شعار وكالة «ستاندرد آند بورز» (رويترز)

خاص كيف سينعكس الخفض المرتقب للفائدة الأميركية على اقتصادات الخليج؟

وسط تنامي الترجيحات بخفض «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي أسعار الفائدة مرة أخرى خلال اجتماعه يوم الخميس، تتجه الأنظار نحو تأثير هذا الإجراء الذي يلي الانتخابات

زينب علي (الرياض)

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.