دماج: اليمنيون رفضوا التحريض والانقلابيون فشلوا في شرخ المجتمع

وزير الثقافة شدد على ضرورة بناء الدولة بطريقة تختلف عن السابقة

دماج: اليمنيون رفضوا التحريض والانقلابيون فشلوا في شرخ المجتمع
TT

دماج: اليمنيون رفضوا التحريض والانقلابيون فشلوا في شرخ المجتمع

دماج: اليمنيون رفضوا التحريض والانقلابيون فشلوا في شرخ المجتمع

قال وزير الثقافة اليمني، مروان دماج، إن «محاولة الانقلابيين (الحوثي - صالح)، تعبئة المجتمع على أساس غير وطني، لم تلق أي استجابة من قبل المجتمع في المناطق الخاضعة للطرف الانقلابي، مؤكدا أن «المجتمع رفض هذه المحاولات التحريضية، وبعد سنتين فشلت الجماعة الحوثية في إحداث هذا الشرخ في المجتمع.
ودعا دماج إلى بناء المشروع السياسي للشرعية، بالتزامن مع استعادة الشرعية وبناء مؤسسات الدولة من جديد، مؤكدا أن «هذا يتم بالأساس عبر مخرجات الحوار الوطني، وبالشراكة بين قيادة الشرعية وحكومتها وجميع التنظيمات السياسية المنخرطة في المقاومة»، وتطرق الوزير دماج إلى إشكاليات قائمة في الساحة السياسية اليمنية عرقلت عمل الشرعية، الفترة الماضية، وقال إن «أحد الأسباب الرئيسية مما نعانيه في معسكر الشرعية، ناتج عن تصور بعض القوى السياسية المنخرطة في المقاومة أنها تمتلك وتستطيع تنفيذ مشروع سياسي بديل لمشروع استعادة الشرعية وأولويات القيادة الشرعية والتحالف العربي».
جاء ذلك في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، بخصوص جملة من القضايا الراهنة على الساحة اليمنية، شدد خلالها الوزير على أهمية أن تبنى المؤسسات الجديدة في الدولة «بشكل مغاير في هيكلها ووظيفتها، عن ذلك النمط الذي عرفناه في النظام السابق»، مشيرا إلى أن «أكبر كوارث النظام السابق تمثلت في اختطاف مؤسسات الدولة وتحويلها إلى مؤسسات ملحقة بجماعة أو عائلة»، ودلل على ذلك بالجيش «الذي ظهر عاجزا عند اجتياح العاصمة والمدن الأخرى، وسقوط المؤسسات واحتجاز الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، وهو ما أظهر بوضوح أنه لم يكن جيش الدولة ولكن جيش أفراد وجماعات ما تزال تديره حتى الآن»، وحذر دماج من «أي محاولة لاستنساخ تجربة الجيش السابقة في بناء الجيش الوطني، لأنها ستؤدي بالبلاد إلى مزيد من الكوارث».
وتعليقا على ما يعتمل في الساحة اليمنية وبروز بعض القوى بخطاب مغاير لخطاب الشرعية في مسألة بناء الدولة، قال إن «الاعتقاد من قبل أي جماعة في صفوف المقاومة بأنها قادرة على تجاوز الشرعية مجرد وهم وطوق نجاة للانقلابيين»، واعتبر دماج أن «الجماعات المتطرفة والإرهابية محكومة بالفناء وانتصارها الوحيد سيكون على حساب أمن واستقرار الشعب اليمني»، مؤكدا أن «فك الارتباط بين أي جماعة مقاومة وتهمة الإرهاب تتحقق من خلال نقطتين، هما الالتحاق والتسليم بالقيادة الشرعية وبالمشروع السياسي للقيادة السياسية وعلى رأس ذلك المشروع مخرجات الحوار، ثم الانتقال إلى التكوين السياسي والإقرار بأن السياسية والديمقراطية هما مساحة التأثير الوحيدة المشروعة في الشأن العام».
وفي الوقت ذاته، شدد الوزير على أن «استعادة الدولة، هو مدخل وحيد لحل جميع القضايا الإشكالية الوطنية وعلى رأس ذلك القضية الجنوبية»، وانتقد دماج «تغييب الرأي العام وإغراقه في مساحات وعي زائف، ولذا يتم استخدامه في معارك وهمية وتوظيفه لمصلحة مراكز القوى»، داعيا إلى «كسر خيار القوة والغلبة في الثقافة الشعبية لمصلحة خيار القانون وسيادة الشعب»، وأكد أن «الفن والثقافة هما من يصنع الهويات الوطنية بأفق بناء».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.