التعالي ليس سياسة

TT

التعالي ليس سياسة

متغيرات وتنويعات السياسة في الدوحة غير قابلة للتفسير. الأمير الأب، الشيخ حمد، تحدث طويلاً ذات مرة إلى الزميلة «السفير» عن أنه كان ناصرياً متحمساً في صباه. وبعد مضي وقت قليل على المقابلة، كانت الدوحة تفاجئ العالم بأول علاقة خليجية مع إسرائيل.
وقد عرفت دول الخليج تباينات كثيرة بين سياسييها مثل جميع دول العالم. لكن جميع هذه التباينات حُلّت في إطار عائلي وروح عائلية. قطر وحدها تميزت بانقلاب الأب على الابن، وأربعة حكام في نصف قرن، وإرسال الحاكم إلى سنوات المنفى.
منذ التغيير الثاني، والانقلاب على الشيخ خليفة وهو في الخارج، بدأت أحلام الدوحة تتخذ أحجاماً تفوق الأحلام. وكنت ترى وزير خارجيتها حمد بن جاسم يكلف نفسه السفر اليوم إلى باكستان وسيطاً، وغداً إلى مقابلة صدام حسين، فيما يسافر الشيخ حمد الأمير إلى دمشق على نحو أسبوعي، وإلى غزة. وعندما قامت حرب 2006 سافر حمد بن جاسم إلى إسرائيل وجاء منها مباشرة إلى بيروت. وبعد فترة أصبحت دوحة حمد بن خليفة وحمد بن جاسم على ألد عداء مع دمشق و«حزب الله».
لم تكتف الدوحة بدور المال في ليبيا، بل أرسلت طائراتها إلى الحرب. واستقبلت معارضي القذافي ورجاله معاً. وقبلها كانت قد رعت - بالاتفاق مع سوريا - مؤتمراً للسياسيين اللبنانيين الذي عادوا ومعهم ما عرف «باتفاق الدوحة». ولا شك أن تلك كانت مبادرة طيبة. لكن عند انتخابات الرئاسة في البرلمان، وجدنا الشيخين؛ حمد بن خليفة، وحمد بن جاسم، يلقي كل منهما خطاباً مطولاً عن الرئاسة والرئيس ولبنان، وكأنهما وصيان على دولة لم تبلغ مرحلة الرشد والاستقلال.
ولست أذكر في عملي وأسفاري وقراءاتي، حدثاً مشابهاً في أي دولة في العالم: أمير دولة ورئيس وزرائه يشكران نفسيهما على تسهيل انتخاب رئيس دولة أخرى. ربما لم تكن الإهانة متعمدة، لكنها الأكثر تعبيراً عن تجاهل قطر يومها لكل مشاعر شخصية أو سيادية لدولة أخرى وشعب آخر. وقد يقال: «من يهن يسهل الهوان عليه»، واللبنانيون تعوَّدوا المهانات. وهذا صحيح مائة في المائة. لكن كان في إمكان قطر أن ترفض الدعوة إلى الإهانة، وأن تتذكر أن أزمة مرحلية لا تلغي تاريخاً عمره أربعة آلاف عام.
مشكلة قطر الكبرى أنها لا تحسب حساب مشاعر الآخرين. وأحياناً، لا تحسب حساباً حتى لوجودهم. وإذ تدخل الآن في هذه العزلة الكبرى، أفضل ما تفعله هو أن تستعيد ما فعلت... وكيف.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.