قرار بتغريم الأعمال الفنية 12 ألف دولار عن كل كلمة خارجة

مجلس الإعلام المصري يثير جدلاً في الوسط ويقابَل بترحيب من الشارع

عادل إمام في لقطة من مسلسل «عفاريت عدلي علام»
عادل إمام في لقطة من مسلسل «عفاريت عدلي علام»
TT

قرار بتغريم الأعمال الفنية 12 ألف دولار عن كل كلمة خارجة

عادل إمام في لقطة من مسلسل «عفاريت عدلي علام»
عادل إمام في لقطة من مسلسل «عفاريت عدلي علام»

أخيراً قرر المجلس الأعلى للإعلام ألا يكتفي فقط بالتهديد والوعيد لكل من يقدم عملاً فنياً أو لقاءً تلفزيونياً، وبه كلمة يراها مسفة، ولكنه سيبدأ فوراً تطبيق القانون الذي يلزم كل مخالف بدفع 200 ألف جنيه مصري (12 ألف دولار) عن الكلمة الواحدة. في بعض المسلسلات تم رصد أكثر من عشر كلمات مسفة في الحلقة الواحدة، أي أن حصيلة المخالفات في اليوم الواحد من الممكن أن تصل في المسلسل إلى 120 ألف دولار. ولن يصبح فقط المجلس هو المنوط به فقط ذلك.المجلس الأعلى يؤمن بالديمقراطية ولهذا سيدخل إلى جهاز المراقبة الجمهور أيضاً ليصبح 100 مليون مواطن مصري من حقهم المشاركة في الرصد. ولا أدري كيف ينسي الجمهور العربي الذي يربو على 400 مليون؛ فقد حطمت الفضائيات الحواجز بين المصري والعربي، فمن حق مثلاً المشاهد في المغرب أو لبنان المشاركة، أليس اللفظ الخارج في مصر هو أيضاً الخارج في الأردن؟ وهذا من المؤكد سيزيد من سخونة المتابعة والتشويق.
حرص المجلس من أجل الوصول للشفافية، أن يكون محايداً في حالة نشوب خلاف بينه وصناع العمل الفني على تفسير لفظ خارج، وسوف تصبح المرجعية في هذه الحالة هي المجمع اللغوي ليصبح هو الفيصل. وهكذا أصبحنا بصدد لعبة لها ثلاثة أطراف المجلس الأعلى للإعلام والمجمع اللغوي والجمهور الذي سيصبح مثل جمهور برامج «التوك شو» الذي كثيراً ما نراه فاعلاً فلا تنسَ أن العثور على غلطة واحدة سيحصل من يكتشفها على 10 في المائة من قيمتها المالية، أي أن الخطأ يحقق لصاحبه 1200 دولارا.
ومن جانبه، أكد رئيس الشكاوى بالمجلس الأعلى جمال شوقي، أنه سيهدد بسحب الترخيص لأي فضائية لا تلتزم بدفع الغرامة خلال ستة أشهر من تحرير المخالفة. وبدأ المجلس في الإشارة إلى مسلسلات مثل «خلصانة بشياكة» و«الحرباية» و«ريح المدام» و«عفاريت عدلي علام» و«الحلال» و«لأعلى سعر» وغيرها. تقريباً كل المسلسلات، حتى الوطني منها مثل «الزيبق» الذي يتناول بطولة المخابرات المصرية في اقتحام (الموساد) الإسرائيلي والانتصار عليه في عقر داره. هل سيأخذون الكلمة من سياقها؟ بالتأكيد هذا هو ما سيفعله المجلس، فهم سيتوقفون أمام لفظ وإذا تعددت التفسيرات سوف يسألون المجمع اللغوي عن معنى تلك الكلمة وما هي دلالاتها. الأمر في الحقيقة له بعده الهزلي، حيث يوجد بالفعل جهاز رقابة تابع للدولة انتهى إلى اتباع نظام (التصنيف العمري) الذي يبدأ بالعرض العام وينتهي لما هم فوق 18. وهناك تحذير آخر تعتمده الفضائيات، فما هي الجدوى من تعدد الأجهزة الرقابية؟ وفي حالة المسلسل الذي حصل على موافقة من الرقابة بالعرض أياً ما كان التصنيف، فإن تطبيق ذلك هو مسؤولية البيت وليس الفضائية. ما الذي سيحدث لو وجد المجلس أو أحد المواطنين وأيده المجمع اللغوي في كلمة لها بعدها الخارج عن الآداب، الذي سيحاسب في هذه الحالة هي الدولة لأنها هي التي منذ البداية سمحت رقابتها بتداول تلك الكلمة وهكذا ستواجه الدولة جهازاً تابعاً لها.
وسوف نجد أمامنا عشرات، بل مئات المخالفات، ولا أشك لحظة في أن عدداً من الموظفين سوف يتقدمون بالحصول على إجازة من دون مرتب من عملهم، للتفرغ لمتابعة البرامج والمسلسلات؛ فالمبلغ كما ترى مغرٍ جداً، أنا شخصياً أفكر في الإقدام على هذه الخطوة التي ستجعلني في غضون شهر واحد من الأثرياء!
المجتمع لديه تحفظات مشوبة بفيض من الغضب وهو يرى أن هناك قدراً من الانفلات يعلن عن نفسه في الشارع، ولديه يقين أن الشاشة وما تقدمه من أعمال درامية وغنائية وبرامجية هي السبب وراء انتشار ذلك سواء في السينما أو التلفزيون أو المسرح. أنهم يحمّلون مثلاً فيلم محمد رمضان ولا يزال يحمّلونه، أقصد «عبده موتة» كل أسباب الانفلات الحادث في الشارع، ولديهم قناعة أنه لا توجد أسباب اقتصادية واجتماعية ونفسية هي التي تخلق المناخ لألف مثل عبد موتة، المجلس الأعلى للإعلام لم يكتف بهذا القدر فقط، بل امتدت وصايته أيضاً لملاحقة الأخطاء التاريخية في الدراما مثل تقبيل النحاس باشا رئيس الوزراء ليد الملك فاروق.
ولن تتوقف تداعيات قرار المجلس الأعلى للإعلام، والذي سيحيله إلى مجلس أعلى للتأديب والتهذيب والإصلاح، والتي أتصورها ستتحول إلى مادة خصبة لفناني الكاريكاتير وكتاب المقالات الساخرة في وقت صارت فيه الكوميديا شحيحة جدا على شاشات التلفزيون في رمضان.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.